الرأي

حكومة مصطفى أديب ومعها المبادرة الفرنسية .. في الرمق الأخير

يوسف فارس

17 أيلول 2020

على نحو مفاجئ، وبتطور "دراماتيكي" لم تدلل عليه البدايات، انقلب مشهد تشكيل حكومة السفير مصطفى أديب إلى ما هو غير متوقع، إذ أنه وبرغم حالة التسليم التي أظهرتها الكتل النيابية في الموافقة على تسمية السفير مصطفى أديب رئيساً للحكومة، رئيسٌ نزل "بالبراشوت الفرنسي" لم يعترض عليه أحد، وراهن الكثير على أنه سيحقق سابقة في تشكيل الحكومة خلال 15 يوم فقط، انجاز كان سيحققه متسلحاً بسطوة العقوبات التي هدد بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أي شخصية ستحاول عرقلة المبادرة الفرنسية.

جملة من المفاعيل والتطورات ساهمت اكتمال تشكيل الحكومة، أولها، هو حالة الاستقواء التي مضى بها الرئيس مصطفى أديب، ومحاولته فرض "توزير" شخصيات للحقائب الوزارية دون الرجوع إلى كتلها النيابية، وهو الأمر الذي شعرت فيه تلك الكتل، لاسيما حزب الله وأمل والتيار الوطني الحر، أن هناك مخطط للانقلاب على الميثاقية القائمة.

هذا التصرف تحديداً، دفع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط للتعليق على سلوك الرئيس أديب القادم من المدرسة الميقاتية بالقول: إنه لاعب هاوٍ!

لكن الأزمة الثانية التي لم يلتفت إليه مصطفى أديب نفسه، وكان حزب الله ومن خلفه العهد يراقبه، هو أن مصطفى أديب لم يكن سوى واجهة لخلية من اللاعبين، على رأسهم نادي رؤساء الحكومات السابقة، نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وسعد الحريري، كلا الرؤساء الثلاثة، كانوا يحاولون هندسة الشكل التي يجب أن تخرج به الحكومة، ظن هؤلاء، ومعهم أديب، أن "البهرجة" التي افتعلها الرئيس إيمانويل ماكرون، يمكن أن تكون تصريح مرور للحكومة التي ستنقلب على التشكيل البرلماني الحالي، الذي يمثل فيه حزب الله وأمل والتيار العوني الغالبية العظمى.

بالإضافة إلى كل ما سبق، وقع مصطفى أديب، الذي يفتقر إلى كل ما يمكن أن يكون ضرورياً لشخصية ستشغل منصباً كهذا، وقع في فخ قدوته السياسية – نجيب ميقاتي- هو حاول أن يكسب رضى الرئيس سعد الحريري، فغضب عليه السنيورة، وحاول ان يرضي السنيورة وميقاتي، فعبس في وجهه الحريري، وبعيداً عن هؤلاء، تاه في محاولة إرضاء عدداً من الجهات الخارجية، من المخابرات الفرنسية، إلى قصر الإليزية، إلى السفارة الفرنسية في بيروت، أقام أديب حسابات لكل هؤلاء في انتقاء وزراءه، وأغفل ركن التوزير الأساسي، هو المحاصصة الطائفية القائمة، التي لا يمكن لأحد أن يقفز عنها، لأن تجاهلها يعني "الانقلاب" ونقطة على أول السطر.

مساء اليوم، صرحت كتلة الوفاء للمقاومة بما يشبه إعلاناً عن وفاة حكومة السفير مصطفى أديب، إذ أنه وبعد أن أكدت على أهمية المبادرة الفرنسية لإنقاذ لبنان، شددت على أن الإدارة الأمريكية ومعها الكيان الصهيوني يسعون إلى ضرب استقرار لبنان عبر عرقلة تشكيل الحكومة.

التصريح أعلاه، هو التذييل لتأكيد الثنائي الشيعي رفضهم التخلي عن وزارة المال، وعن طرح أسماء وزراء في الحكومة دون استشارتهم بها، ما يعني أن الحكومة تلفظ أنفاسها الأخيرة.

وعليه، يمكن لنا في قادم الأيام أن نبحث عن جواب لجملة من الأسئلة، أههما، إن كانت حكومة مصطفى أديب، سقطت، أم أسقطت، فشلت أم أفشلت، وهل كانت المبادرة الفرنسية عاجزة عن فهم كل تلك الظروف الحساسة في البيئة السياسية اللبنانية، أم أن حضور باريس الدولي المحدود، لم يؤهلها لممارسة الدور الذي يطمح فيه ماكرون، خصوصاً أن التوقيع الأمريكي على الجولة الفرنسية الأخيرة في المنطقة، جاء ممهوراً برفض أي تعاطي مع حزب الله.

النهضة نيوز - خاص

ملاحظة: الٓاراء السياسية الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن موقف "النهضة نيوز"