الرد الإيراني والرد المضاد. العميد منير شحادة يبين احتمال حرب عالمية

تقارير وحوارات

العميد منير شحادة يحلل الرد الإيراني على إسرائيل ويتحدث عن احتمال حرب عالمية ثالثة

16 نيسان 2024

حلل العميد منير شحادة، الرد الإيراني على إسرائيل بعد استهدافها القنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من الشهر الجاري، متحدثا عن احتمال الانزلاق إلى حرب عالمية ثالثة إن ردت إسرائيل على الهجوم الإيراني.


الرد على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق

حيث أوضح الخبير العسكري العميد منير شحادة رئيس المحكمة العسكرية في لبنان سابقا، خلال مقابلة عبر منصة Lebanon On على يوتيوب، بأن إسرائيل عندما تقوم بقصف القنصلية الإيرانية في دمشق فهي تكون قد خرقت كل القوانين الدولية التي تحمي البعثات الدبلوماسية في الخارج، مؤكدا بأن ما حصل هو خرق خطير للقانون الدولي، وأن الملفت هو ازدواجية المعايير المعتادة لدى الغرب فلم يدن هذا الهجوم أحد، رغم أن استهداف السفارة خرق للقوانين الدولية أيا كان من بداخلها.

ولفت إلى أن نتنياهو كان يعلم أن إيران سترد على مثل هذا الهجوم ولذا فإنه كان يتقصد جر المنطقة إلى حرب شاملة لإنقاذ نفسه، لأن من المعروف أنه سيذهب إلى الإعدام السياسي بمجرد انتهاء الحرب على غزة.

ولفت إلى أن الرد الإيراني كان حتميا، وهذا ما ورد على لسان المرشد الأعلى علي الخامنئي، وقد استعملت إيران أسلوب الحرب النفسية، فقد جعلت إيران طوال أسبوعين منذ استهداف القنصلية الإيرانية، إسرائيل والمجتمع فيها بحالة رعب واستنفار ولا يعلمون حجم الضربة ومكانها، إضافة إلى استنفار دول العالم التي تكلمت مع بعض الدول العربية للحديث مع إيران لإلغاء الضربة، أو جعلها خفيفة، فكان الرد الإيراني بأن الضربة ستحدث.

وأضاف: عندما ردت إيران فإن الدول الغربية ورغم عدم إدانتها للهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية، اعتبرت الرد الإيراني عملا متهورا، في مفارقة واضحة تدل على ازدواجية المعايير.

تفاصيل الرد الإيراني على إسرائيل

وقد فسر العميد شحادة الرد الايراني على إسرائيل عسكريا واستراتيجيا، مبينا بأن إيران استعملت أسلوبا هاما جدا فقد أرسلت دفعة من الطائرات المسيرة التي تستغرق 7 إلى 8 ساعات للوصول إلى إسرائيل، وبعد ذلك أطلقت ما يقارب 170 صاروخا باختلاف أنواعها ومن بينهم صواريخ خيبر، كي تصل الطائرات المسيرة والصواريخ بذات الوقت، فالطائرات المسيرة تقوم بإلهاء الدفاعات الجوية الإسرائيلية بكافة أنواعها إضافة إلى الدفاعات الجوية المختلفة أمريكية أو بريطانية، ثم تأتي الصواريخ الدقيقة، كي يصلوا في الوقت نفسه.

ونوه إلى أن أمريكا وبريطانيا أعلنتا صراحة مشاركتهما بالتصدي للصواريخ الإيرانية، أي أن إيران واجهت كلا من أمريكا وبريطانيا وإسرائيل معا.

وردا على سؤال عن سبب الإعلان بشكل مبكر عن إطلاق المسيرات، لفت إلى أن هذا الموضوع جرى الحديث عنه وكأن هناك تمثيلية، مبينا بأن ما تم هو إطلاق مئات المسيرات والصواريخ من دولة تبعد آلاف الكيلومترات عن إسرائيل، والأقمار الصناعية ترصد كل شيء، فلن يكون هذا الأمر سرا، فلديك مئات المسيرات ستنطلق من منطقة على بعد أكثر من ألف كيلومتر وستعبر أكثر من دولة باتجاه إسرائيل فمن الطبيعي أن لا تكون سرا وأن ترصدها الأقمار الصناعية فهي ليست ضربة بطائرة واحدة، وإضافة إلى ذلك فإن استخدام إيران أسلوب التشويش، فعندما لاحظت إسرائيل وجود هكر على نظام الرادارات لديها ففهمت أن ضربة إيران في ذلك اليوم، وعندما انطلقت المسيرات والصواريخ ورصدتها الأقمار الصناعية أصبحت الأمور واضحة، ولذلك فالأكيد أن هذه الضربة ليست تمثيلية، فلا شيء يخفى في مثل هذه الظروف وبمثل عدد المسيرات والصواريخ التي تم إطلاقها.

وأوضح بأن هدف الضربة الإيرانية هو ضرب هدفين معينين، وقد تحقق هذا الأمر فقد أصابت الصواريخ القاعدة في النقب وقاعدة مراقبة في الجولان، فلم يكن هدف إيران تدمير إسرائيل.

قدرات صاروخ خيبر الإيراني

وتحدث الخبير العسكري عن مواصفات صاروخ خيبر مبينا أن مداه يبلغ 2000 كيلومتر، ويحمل رأسا متفجرا زنته 1500 كيلو، مشيرا إلى أن الفيديوهات بينت بأن صاروخين سقطا في القاعدة، وهنا يمكن تقدير حجم الدمار الذي نتج عن 3000 كيلو من المتفجرات.

أهمية الهجوم الإيراني على إسرائيل

ورأى العميد شحادة بأن الدمار المعنوي أهم من الدمار المادي، وليس المهم أن تكون الصواريخ قد دمرت مبان في المطار أو بعض المقاتلات، بل هذه هي أول مرة تقوم فيها إيران أو أي دولة عربية أو إسلامية بقصف العمق الإسرائيلي، وهذا ما هز صورة إسرائيل.

وتساءل عن الفائدة التي حققتها إسرائيل من ضرب القنصلية الإيرانية، قائلا: صحيح أن هدف نتنياهو كان جر المنطقة إلى حرب شاملة وجر أمريكا إليها، لكن دعونا نرى كيف عاشت إسرائيل نحو أسبوعين بحالة استنفار والشارع الإسرائيلي معطل والمدارس مغلقة والمصالح والأنشطة وكل شيء متوقف، وفي النهاية جاءت الضربة، ويكفي مشهد الضربة بأن نقلت تلفزيونات العالم خبرا مفاده، إسرائيل تتعرض لهجوم من طائرات مسيرة وصواريخ، وحتى لو لم يتم إصابة أي شيء، إلا أن هذا الأمر حصل للمرة الأولى.

وعن معنى الهجوم الإيراني مباشرة على إسرائيل للمرة الأولى من الناحية الاستراتيجية بعد أن كان الأمر المعتاد هو الهجوم عبر الوكلاء، قال شحادة: كان هناك حرب أمنية بين إيران وإسرائيل منذ زمن وكانت إيران ترد دون أن تعلن ويكفي أن إسرائيل تعلم بردها، لكن إيران بدأت بالإعلان عندما ضربت لمرتين مركزين للموساد في إربيل، لكن هذه المرة اختلف الأمر فعندما تقصف إسرائيل قنصلية يعني أنها قصفت أرضا إيرانية، أي أن الحرب أصبحت مباشرة.

وأوضح العميد بأن إسرائيل واعتبارا من السابع من تشرين الأول وحتى هذه اللحظة، أصبحت تحتاج دوما لمن يساندها في الوقت الذي كانت فيه سابقا تعتدي على العالم العربي والدول المحيطة بها دون الحاجة لأحد ويدها تطول أيا كان، ومنذ السابع من تشرين الأول إسرائيل لا تستطيع العيش دون مساندة غربية، فقد ساندتها أمريكا وبريطانيا في البحر الأحمر، وسانداها عندما أرسلوا إليها البوارج الحربية والغواصات، وساندوها في التصدي للمسيرات والصواريخ الإيرانية، فأصبحت إسرائيل بحاجة دوما للمساعدة عدا عن الدعم بالأسلحة والذخيرة.

هل سترد إسرائيل على الرد الإيراني

أبدى العميد منير شحادة اعتقاده بأن أمريكا ستلجم إسرائيل عن الرد، ولن يكون هناك رد وستبقى قواعد الردع على ما كانت عليه قبل ضرب القنصلية الإيرانية، لأنها إن ردت سيكون هناك رد إيراني فوري وسيكون أكبر بكثير مما حصل، مبينا بأن كافة الأسلحة الإيرانية في حالة استنفار بانتظار ما ستقوم به إسرائيل.

كما لفت إلى مواقف روسيا والصين وكوريا الشمالية التي دعمت إيران، مشيرا إلى أن هذه الدول لن تسكت إن أقدمت أمريكا على ضرب إيران أو المشاركة في الضربة لأنهم يعلمون بأن الدور القادم سيكون عليهم.

وردا على سؤال عن فرضية ارتكاب إسرائيل لحماقة ضد إيران وبالنظر لموقف روسيا والصين وكوريا الشمالية، فهل نحن كما يتخوف الكثيرون أمام حرب عالمية ثالثة، بين العميد بأن إسرائيل إن قامت بالرد فسننزلق بسرعة باتجاه حرب شاملة دون سقوف ولربما حرب عالمية، متسائلا إن كان العالم جاهز لحرب عالمية من أجل أن يبقى نتنياهو في السلطة.

واعتبر بأن ما حصل شكل ضربة لنتنياهو لأن الشعب الإسرائيلي يتساءل الآن عن الفائدة من ضرب القنصلية الإيرانية، أسبوعان في حالة استنفار والمصالح معطلة، حتى أهداف حرب غزة توقفت بانتظار ماذا ستفعل إيران، ونتنياهو لم يحقق هدفه في جر أمريكا إلى الصراع في المنطقة، لأن أمريكا لها حساباتها الخاصة، وقد أصبح واضحا بأن إسرائيل أصبحت عبئا كبيرا على الدول الغربية، فطوال أسبوعين كل العالم والسفارات مستنفرة وكل الدول الغربية طلبت من مواطنيها مغادرة المنطقة، إضافة إلى إغلاق المجال الجوي فوق كل دول المنطقة، وكل ذلك بسبب إسرائيل، متسائلا إلى متى سيتحمل العالم أعباء ما تقوم به إسرائيل من حماقات.

ماذا حققت إسرائيل في الحرب على غزة

أشار شحادة إلى شيء ملفت ومهم جدا وهو ما حصل في الكيان الإسرائيلي قبل الرد الإيراني حينما سحبت قواتها من محاور غزة، وبوقتها قال الإسرائيليون بأن بايدن ضغط على نتنياهو فسحب القوات وهذا غير صحيح، مضيفا: "لنرى ماذا حققت إسرائيل طول الستة أشهر الماضية من الحرب على غزة، طوال هذه الأشهر لم تدع إسرائيل وسيلة أو سلاحا ولم تستعمله ولم تستطع تحقيق الهدف الذي وضعته بسحق حماس واسترداد الأسرى، ومازال جنودها يتعرضون للقنص ودباباتها للضرب، ولم تحقق أي نتيجة ولا يلوح في الأفق لإسرائيل أو الغرب أن يروا أي إمكانية لأن تحقق إسرائيل شيئا، ولذا قاموا بإخراج الأمر بأن بايدن غاضب من نتنياهو وضغط عليه لإخراج القوات لكن الصحيح هو أن سحب القوات كان لإخراج نتنياهو من المستنقع لعدم وجود أفق أو نتيجة لاستمراره في وحل غزة."

هل شارك لبنان في الرد الإيراني

وحول دور القصف الصاروخي من لبنان على الجولان في الضربة الإيرانية وهل كان هذا القصف مشاركة بها أم كان ردا على الغارات الإسرائيلية التي كانت كثيفة يوم الرد الإيراني، لفت العميد شحادة إلى أنه يمكن أن يندرج القصف الذي حصل في كلتا الحالتين، موضحا بأن هناك تبادل للقصف بين المقاومة اللبنانية وإسرائيل بشكل يومي، فالمقاومة أطلقت 60 صاروخا على قاعدة كيلع، وأصابت بطاريات القبة الحديدة مباشرة، ومن دون الرد الإيراني نرى يوميا تبادلا لقصف بين الجانبين، معتبرا أن إيران ليست بحاجة لحلفائها لمشاركتها في الرد والانتقام من إسرائيل فيكفيها إطلاق أكثر من 300 مسيرة وصاروخ نحو إسرائيل.

موقف الأردن من الرد الإيراني عبر أجوائه

وعن موقف الأردن في إسقاط المسيرات الإيرانية والدفاع عن إسرائيل والتساؤلات عن سبب اتخاذ هذا الموقف، اعتبر العميد بأنه موقف الأردن مؤسف، والمؤسف أيضا هو الجسر البري الذي تم فتحه باتجاه إسرائيل عبر عدد من الدول العربية كبديل عن البحر الأحمر، فقبل الحديث عن تصدي دول عربية للمسيرات والصواريخ الإيرانية المتجهة إسرائيل، نأسف للجسر البري.

وحول إمكانية وضع موقف الأردن في إطار الدفاع عن سيادته لأن المسيرات والصواريخ الإيرانية عبرت أجواءه دون قرار أو موافقة منه، لفت العميد إلى أن الأمر نفسه ينطبق عندما تعبر فوق هذه الدول طائرات أمريكية وإسرائيلية لقصف أهداف إن كان في سورية أو العراق أو في إيران.

تكلفة الحرب على غزة

وردا على سؤال عن قدرة إسرائيل على تحمل تكلفة العمليات الدفاعية بعد تصريح مسؤوليها بأن كلفة التصدي للهجوم الإيراني بلغ مليار دولار، فإلى أي مدى بإمكان إسرائيل تحمل تكلفة عمليات دفاعية مشابهة وأيضا تشارك فيها أمريكا وبريطانيا، فهناك كلفة عليهما ونحن على أبواب انتخابات رئاسية في أمريكا.

وأجاب منير شحادة بالقول: "منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر وحتى اليوم كلفت الحرب عشرات مليارات الدولارات، كما أن كمية الذخيرة والمعدات التي أرسلتها أمريكا والدول الغربية لإسرائيل كانت مكلفة جدا إضافة إلى الدعم المادي، كما أن الاقتصاد الإسرائيلي تعطل، وما يجري من إغلاق في البحر الأحمر وجه ضربة قاصمة لإسرائيل، لكن نعلم أن كل دول العالم تدعم إسرائيل وهناك لوبي صهيوني يجبر المجتمع الغربي على دعمها من كافة النواحي، لكن إلى متى فكل الدول لديها مشاكل اقتصادية، مؤكدا على ما قاله سابقا بأن إسرائيل أصبحت عبئا على المجتمع الغربي."

الولايات المتحدة تنين مريض

وحول إن كانت الولايات الأمريكية ستدع إيران بعد أن تجاوزت الكثير من الخطوط الحمراء، أوضح العميد بأن الولايات المتحدة هي تنين مريض، فعندما شكلت أمريكا حلفا بحريا في باب المندب للتصدي لليمن الذي يعلم الجميع بوضعه، ورغم ذلك لم يستطع حلف واشنطن ردع اليمن حتى الآن ولا إيقافه عن استهداف المصالح الإسرائيلية، وهذا يعتبر فشلا كبيرا، مبينا بأن أمريكا لم تستطع فعل شيء لحماية إسرائيل مما حصل في غزة منذ 6 أشهر حتى اليوم، ورغم أنها أرسلت بوارج وغواصات لكن ماذا فعلت هذه الأساطيل، وقد تكبدت إسرائيل آلاف القتلى والجرحى من الجيش وخسائر بمليارات الدولارات.

وتابع قائلا: "أمريكا من فشل إلى فشل، ورأينا كيف انسحبت من أفغانستان، وخلال حرب غزة الحالية قامت المقاومة العراقية باستهداف عدة قواعد أمريكية ولم تستطع أمريكا فعل شيء، ورغم رد أمريكا على استهداف المقاومة العراقية لقاعدتها في الأردن، لم تتوقف عمليات المقاومة ضد قواعدها، وأيضا عندما قررت إيران ضرب إسرائيل قامت بتحذير أمريكا من تعرض قواعدها في المنطقة لصواريخ إيران إن تدخلت أو ضربت المصالح الإيرانية مباشرة، فصورة الولايات المتحدة الردعية في العالم تآكلت."

تأثير الرد الإيراني على حرب غزة

بين العميد شحادة بأنه ومنذ قصف القنصلية الإيرانية وتوعد إيران بالرد تجمدت كل خطط إسرائيل باتجاه رفح أو جنوب لبنان وكانت تنتظر طبيعة الرد الإيراني، وقد حصل الرد الإيراني، مبديا عدم اعتقاده بأن إسرائيل ستقوم بعملية على رفح لأن لرفح وضع خاص وهناك مليون ونصف مواطن من غزة مكدسين في 50 كيلومتر مربع، فأي عملية عسكرية ستؤدي لمجازر كبيرة، والمجتمع الغربي لا يتحمل سمعة سيئة أخرى بأن يصمت مرة أخرى على مجازر إسرائيلية جديدة.

واعتبر بأن مخرج إسرائيل من حرب غزة هو استقالة نتنياهو وتحميله وحكومته مسؤولية الإخفاقات والشارع الإسرائيلي يطالب باستقالته الآن، وتشكيل حكومة جديدة لحفظ وجه إسرائيل، أما إن بقي نتنياهو فلا خيار له سوى الرضوخ عاجلا أم آجلا لمطالب حماس بتصفير السجون والانسحاب من غزة وهذا سيمثل ضربة قاصمة لإسرائيل.

سيناريو الحرب على لبنان

أكد الخبير العسكري بأن نتنياهو إن أقدم على عمل ضد لبنان سيكون كمن يركض نحو الانتحار هربا من الموت، لأن عواقب أي هجوم ستكون وخيمة جدا على إسرائيل، ورغم أن لبنان سيتأذى بالتأكيد لكن الهجوم الإسرائيلي سيكون عذرا وسببا أساسيا لتقوم المقاومة برد قوي جدا ودون سقوف على إسرائيل، وإسرائيل تعلم ما سيحصل بها من تدمير وتعرف العواقب وهذا ما جعلها تهدد ولا تنفذ لغاية الآن.