بين إيران والغرب.. بيار أبي صعب يتحدث عن المفارقات والظلم

تقارير وحوارات

بيار أبي صعب: الصراع في فلسطين استراتيجي وسيقرر مصير لبنان

7 نيسان 2024

أكد الصحافي والكاتب السياسي بيار أبي صعب بأن لا أحد يمكنه عزل لبنان عن الصراعات في المنطقة، وأن الصراع في فلسطين استراتيجي ويعني لبنان وسيقرر مصيره.

حيث علق أبي صعب خلال مقابلة مع الإعلامي عماد مرمل على قناة المنار، على وجود رأي وازن نسبيا في البيئة المسيحية يستند إلى مقولة لبنان أولا، ويعتبر أن مصير فلسطين والقدس من شأن الفلسطينيين، ولبنان ليس معنيا بما يجري خارج حدود وليس مضطرا لتحمل تبعات هذه القضية.

فأوضح أبي صعب بأن فكرة لبنان أولا والأردن أولا وغيرها هي فكرة انعزالية، فلا يمكن لأحد أن يعزل لبنان عن الصراعات في المنطقة، فالصراع في فلسطين يعني لبنان، وهو استراتيجي سيقرر مصير لبنان ومستقبله وحتى شكل الخدمات به.

وحول نظرته لاختيار حزب الله نعي شهدائه على طريق القدس، والذي يعارضه بعض اللبنانيين على قاعدة أن التضحيات يجب أن تكون على طريق لبنان فقط، أكد بأن محاربة إسرائيل يجب أن تكون على طريق القدس، مشيرا إلى أننا في لبنان وبه أراض محتلة، وإن انتصر الإسرائيلي سيدعس على اقتصادنا وكرامتنا وحريتنا فأين الفصل بين طريق لبنان والقدس، فهما طريق واحد.

وعن البعض الذي يعترضون على تدخل حزب الله في دعم غزة ويقولون بأنها مغامرة لا يجب توريط لبنان بها، ويصلون لمقولة لا تشبهني وثقافتي ليست كثقافتك، رد أبي صعب بأن هؤلاء ينطلقون من مبدأ أن نية إسرائيل صافية وأنها لن تفعل شيئا للبنان إذا لم يقم لبنان بفعل شيء لها، وهؤلاء لا يعرفون التاريخ، فإسرائيل دولة معادية ولنسمع ما يقوله منظرو الصهيونية والنواب والمستوطنين فهم يريدون إسرائيل الكبرى، فهم يريدون اقتصاد لبنان ومياهه، وليس لك مكان بينهم ولا تستطيع الازدهار طالما إسرائيل موجودة، ومن ناحية أخرى فإن مثل هؤلاء الذين يعترضون على تدخل حزب الله في دعم غزة، لا يرى أن إسرائيل تقتل أهلنا في غزة وأننا معهم شعب واحد، ولا يرى أن الكنيسة التي تم تدميرها في غزة هي كنائسه فهنا لديه هو المشكلة.

بيار أبي صعب: من تهمه فلسطين سيهمه يوم القدس العالمي أيا كانت الخلافات

كما تحدث الصحافي أبي صعب عن دلالات ورمزيات يوم القدس العالمي مبينا أنه أمر عظيم أن تأتي ثورة وليدة وفي بداية انتصارها تقول بأن ركن من أركان الثورة والدولة التي هي الجمهورية الإسلامية في إيران هو القدس وفلسطين، وكعربي هذه قضيتنا التي ربينا عليها وهناك أجيال ناضلت وتناضل من أجلها، دفعنا ثمن هذا الظلم الكبير الذي لحق في الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الأخرى لأن فلسطين لنا جميعا، فتصور في هذه اللحظة بالذات لديك يوم عربي عالمي لاستذكار وتجديد العهد لفلسطين والقدس وبأننا سنستعيد حقنا المسلوب.

وعن حساسية البعض المفرطة تجاه إيران واعتبار البعض نفسه غير معني بيوم القدس لكون إيران هي من أطلقت هذا اليوم، اعتبر أبي صعب بأن لا وجود لشخص تهمه فلسطين واستعادتها وتهمه القدس واستعادة الحقوق المغتصبة يمكن أن يقول لا لأي عمل يفيد القضية، ورأى بأن من لا يحب إيران سيصبح محبا لها فقط لأنها وضعت القدس كركن في دستورها ومن عقيدتها كدولة، وأن من تهمه القدس وفلسطين سيهتم لهذا اليوم أيا كانت الخلافات والمآخذ، ومن انسحب من القضية بسبب إيران هو لأنه بالأصل لا يحب فلسطين.

بيار أبي صعب: إعلام التطبيع جعل من إيران تهمة

ولفت إلى أن من يريد أن يشتمك في المجتمعات العربية يقول لك إيراني، إن تبنيت رأيا مخالفا له، وضرب مثالا ما حصل في طولكرم عندما انتفض عدد من شباب فتح لتاريخها ولقضيتهم وشعبهم الذي يموت في غزة، وأعلنوا عدم قبولهم بنظام فتح الرسمية ومع أبو مازن ونظام التنسيق الأمني، فكان رد بيان السلطة الفلسطينية مفاجئا حيث قال بأن هذه الجماعات تحركها إيران، وهذه السلطة في الأصل تتعامل مع الإسرائيلي وتعمل شرطيا عنده، وبمعزل عن أن السلطة لا ترى أن هؤلاء أبناء شعبها وانتفضوا لدماء شعبهم، لكنها عندما خالفوها تتهمهم بأن إيران تحركهم، فالإعلام المهيمن التابع لأنظمة التطبيع والتي يسيطر عليها الغرب جعل من إيران تهمة، فالظلم عندما أصبحت أمريكا وإسرائيل ليست تهمة وإيران تهمة، لكن هذا الإعلام عمل على قولبة الوعي.

أبي صعب: البعض يفرح إن امتد نفوذ كل الدول في لبنان ويحذر من إيران

وأوضح بأن إيران ومنذ انتصار ثورتها تحارب الاستكبار وتدافع عن فلسطين، فكيف يخشى البعض امتداد نفوذها، وبعض اللبنانيين يفرحون إن امتد نفوذ كل الدول إلا إيران، ويفرحون إن أتت فرنسا لتقرر لهم رئيس جمهورية بلدهم، كما أنهم يتكلمون عن الخماسية الدولية وكأن من الطبيعي أن تقرر 5 دول من يكون رئيس لبنان ويحذرون في ذات الوقت من إيران في تناقض غريب، وهؤلاء لم يجدوا مشكلة عندما كانت السفيرة الأمريكية السابقة تحضر مع قائد الجيش مناورات الجيش، لكنهم يجدون المشكلة في إيران.

واعتبر بأن توسع النفوذ الإيراني إن كان صحيحا فقد أتى لمواجهة توسع النفوذ الأمريكي والغربي، فلولا إيران لا توجد مقاومة في لبنان وفي فلسطين، وقادة المقاومة في حماس والجهاد وغيرهما يعترفون بفضل إيران، وفي النهاية أنا أحب إيران من هذا الباب لأنني أحارب إسرائيل وأريد أن أستعيد فلسطين، وإيران تساعدني فلهذا نمتن لها.

وعن كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بأن التحالف مع إيران والعلاقة معها عنوان للفخر والكرامة الإنسانية في هذا الزمن، اعتبر أبي صعب بأن أي عربي وأي إنسان شريف يرى الدور الذي تلعبه إيران في وجه الطاغوت والوصاية الأمريكية، فأمريكا هي من تذبح الناس في غزة ثم يأتي الغرب كشريك وإسرائيل هي المنفذ، ولهذا نعتز بإيران التي تقف في وجه أمريكا.

بيار أبي صعب يرد على سامي الجميل

وردا على سؤال عن بعض اللبنانيين الذين لديهم أزمة ثقة مع إيران، وعن تصريح رئيس حزب الكتائب سامي الجميل على إنديبندنت، بأن لبنان مخطوف من إيران ويجب تحريره، اعتبر بأن هؤلاء ينتمون إلى اليمين المسيحي الانعزالي، وهذا لا يمثل المسيحيين ولا حتى اليمين، وهذا اليمين الانعزالي موجود منذ عام 1975 ولم يتغير، فقد كان المشروع حينها تصفية القضية الفلسطينية بإغراقها بالحرب الأهلية اللبنانية، فالانعزالية هي فكرة، وتمثل ذاك المتقوقع المذعور من وجود خطر وهو ذاته وكل أجداده كانوا يعملون لدى الاستعمار ويعمل لدى الأمريكي وقبله الفرنسي ويتواصل مع الإسرائيلي، ويأتي ليتحدث عن السيادة والوصاية الإيرانية.

بيار أبي صعب: الفكر الانعزالي لا يمكن أن يتسع للمسيحيين

وعن كلام رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية شارل جبور بأنه يحزن كثيرا إن رأى مسيحي يقف مع ثقافة الموت والفوضى ووحدة الساحات والمشروع الإيراني لأن كل ذلك يتعارض مع ثقافتنا، انتقد بيار أبي صعب مصطلح ثقافة الموت مؤكدا بأن من يستشهد في الجنوب يحبون الحياة، يستشهدون لأجل سعادتنا لنحيا كما نريد في لبنان، فمحاولات التعمية واللعب على الخوف وأبلسة الآخر، فمن المعيب طرح فكرة ثقافة الموت لأنها ثقافة حب الحياة، فكل الذين استشهدوا في جميع القضايا وحروب التحرر حول العالم، هم من سقوا أرضهم بدمائهم وازدهرت فيما بعد، متسائلا من وضع جبور وصيا على المسيحيين، وهم أكثر طائفة فيها تنوع في لبنان وهناك تنوع فكري فلا يستطيع الفكر الانعزالي أن يتسع للمسيحيين، ولا يمكن وضع المسيحيين باختلاف أفكارهم في قمقم لخدمة العدو الإسرائيلي، وأوضح بأن جبور وأمثاله هم من يجب أن يخجلوا من أنفسهم فبخطابتهم يأخذون المسيحيين كطائفة إلى الخراب، إضافة إلى أن ما يقوله جبور حول حزنه على طريقة تفكير مسيحيين هو احتقار للفكر ولحرية تفكير الناس، وبأن جبور وأمثاله لديهم خوف حقيقي من الانفتاح الحقيقي للبيئة المسيحية خاصة بعد صدمة غزة، التي جعلت كثيرين في هذه البيئة ينتبهون إلى أن الإسرائيلي هو المجرم والفلسطيني هو صاحب الحق، فتماهوا مع الفلسطيني والمقاومة.

واعتبر الصحافي بيار أبي صعب بأن القدس أصبحت أقرب بعد عملية طوفان الأقصى، فقد كسر المقاومون هيبة العدو الإسرائيلي وجيشه الذي لا يقهر.

وبين بأن الخطاب الانهزامي هو خطاب مدفوع ومبرمج لإحباط الناس، ورغم ذلك لا يتمكن في إحباطهم فهناك الأردنيون يحاصرون السفارة الإسرائيلية رغم كل شيء، والشعوب العربية لا تتأثر بهذا الخطاب.

أبي صعب: الإعلام الإبراهيمي أكثر أذية من إعلام العدو

وعلق على منشور سابق له قال فيه بأن هناك كوماندوس إعلامي صهيوني قد يكون أكثر تأثيرا وأذية من كل إعلام العدو، ويعتمد هذا الإعلام الدفاع المنهجي عن محور الإبادة، وباطنه مزور وملؤه الأكاذيب، وظاهره ملفت وجذاب، ليشير إلى فيديو من دقيقتين يعرض لفكرة إما أن تموتوا لأنكم تقاومون أو تستسلموا ولكم الازدهار والذكاء الاصطناعي ويضرب مثالا دولة الإمارات، ليكون الفيديو ظاهره براق وباطنه أكاذيب، وقصده إما أن تحارب وتموت أو الاستسلام.

واعتبر أن هذه الدعاية لا يستطيع أن يفعلها الإعلام الإسرائيلي، ولدى هذا الإعلام هامش ليقول الأشياء بحقيقتها ولو كانت لصالحنا، معتبرا أن الإعلام الإبراهيمي يحطم فكرة المقاومة ويروج للسلام الذي هو ذل واستسلام، فهم قادرون أن يؤثروا بالرأي العام العربي في الوقت الذي لا يستطيع فيه الإسرائيلي أن يفعل ذلك، أي أنهم أكثر نجاحا من إعلام العدو في استهداف شريحة من الشباب، ويستخدمون أدوات وتقنيات مصورة جاذبة لاختزال الفكرة، ولكي يقنعوا الشباب بأن الاستسلام يؤدي إلى الازدهار.

المصدر: المنار