في ظل التطورات المتسارعة في عالم العملات الرقمية، بدأت الولايات المتحدة تشهد تحولاً ملحوظاً في نظرة الحكومات والمؤسسات إلى البيتكوين، فقد أصبحت ولاية كنتاكي الولاية السادسة عشرة التي تقدم تشريعات تهدف إلى إنشاء احتياطي من البيتكوين، حيث تخطط لتخصيص ما يصل إلى 10% من احتياطياتها الفائضة في الأصول الرقمية، وهذا التحرك يأتي ضمن موجة متزايدة من التشريعات التي تهدف إلى جعل البيتكوين أصلاً احتياطياً، مما يثير تساؤلات حول إمكانية حدوث سباق عالمي لتراكم هذه العملة الرقمية.
البيتكوين كأصل احتياطي: بداية السباق
وفقاً لتقرير نشرته "كوينتيليغراف" في 6 فبراير، فإن كنتاكي ليست سوى واحدة من عدة ولايات أمريكية تسعى لتبني البيتكوين كجزء من احتياطياتها، وقد علق إسحاق جوشوا، الرئيس التنفيذي لمنصة "جيمز لونشباد" الناشئة في مجال التشفير، على هذا التوجه قائلاً: "نقطة التحول ستكون عندما تعتمد ولاية ما البيتكوين بشكل رسمي في احتياطياتها، وبعد ذلك، ستبدأ المنافسة الحقيقية، وبمجرد أن تلتزم بعض الولايات، ستشعر الأخريات بالضغط لاتباع نفس النهج."
وأضاف جوشوا: "نتوقع أن نرى العديد من المحافظ الاستثمارية تعيد توجيه استراتيجياتها لتشمل البيتكوين قبل أن تستحوذ الجهات الكبيرة على العرض بالكامل"، وبالفعل، تشير بيانات منصة "دون" إلى أن بعض أكبر شركات إدارة الأصول في العالم قد تراكمت لديها أكثر من 5.91% من إجمالي عرض البيتكوين الحالي من خلال الصناديق المتداولة (ETFs) في الولايات المتحدة، والتي تحتفظ بما قيمته 113.5 مليار دولار من البيتكوين.
الصناديق المتداولة (ETFs) ودورها في تعزيز البيتكوين
تلعب الصناديق المتداولة (ETFs) دوراً محورياً في تعزيز مكانة البيتكوين كأصل استثماري، ففي عام 2024، شكلت الصناديق الأمريكية حوالي 75% من الاستثمارات الجديدة في البيتكوين عندما تجاوزت قيمتها حاجز الـ 50,000 دولار في 15 فبراير، وتتصدر شركة "بلاك روك" المشهد بحصة تبلغ 48.7% من إجمالي الصناديق المتداولة، بما يعادل 55.3 مليار دولار.
ويُعتقد أن التدفقات المستمرة للاستثمارات في صناديق البيتكوين المتداولة قد تدفع العملة الرقمية إلى تحقيق مستويات قياسية جديدة، وهذا يعكس الثقة المتزايدة من قبل المؤسسات الكبرى في البيتكوين كأصل استثماري طويل الأجل.
التحديات التنظيمية وتقلبات السوق
على الرغم من التوجه المتزايد نحو تبني البيتكوين كأصل احتياطي، إلا أن التحديات التنظيمية وتقلبات السوق لا تزال تشكل عقبات كبيرة، ووفقاً لجيمس وو، مؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "DFG" للاستثمارات، فإن فكرة سباق التراكم مثيرة للاهتمام، لكن التشريعات الحالية ما زالت مجرد مقترحات ولم يتم تمريرها بعد.
وأضاف وو: "بينما قد تحذو ولايات أخرى حذو كنتاكي، فإن السياسات المالية الصارمة ومخاوف الجمهور من تقلبات البيتكوين قد تشكل تحديات كبيرة للمشرعين، ومع ذلك، إذا نجحت عدد كافٍ من الولايات في تمرير تشريعات مماثلة، فقد تمهد الطريق لحوار أوسع حول إنشاء احتياطي فيدرالي من البيتكوين في المستقبل."
تقلبات البيتكوين "فرص ومخاطر"
تُظهر البيانات التاريخية أن البيتكوين شهد تقلبات حادة في قيمته، ففي عام 2022، انخفضت قيمة البيتكوين بنسبة 64% خلال السوق الهابطة، بينما شهدت انخفاضاً بنسبة 73% في عام 2018، ومع ذلك، فإن متوسط العائد السنوي للبيتكوين على مدى السنوات الخمس الماضية بلغ أكثر من 1,077%، مما يبرز الإمكانات الكبيرة للاستثمار طويل الأجل في هذه العملة الرقمية.
ولهذا السبب، بدأت بعض المؤسسات، مثل جامعة أوستن، في تبني استراتيجية استثمارية طويلة الأجل للبيتكوين، حيث تخطط للاحتفاظ بأصولها من البيتكوين لمدة لا تقل عن خمس سنوات لتقليل مخاطر التقلبات، وبالمثل، يقترح مشروع القانون في ولاية إلينوي، الذي قدمه النائب جون كابيلو، استراتيجية مماثلة للاحتفاظ بالبيتكوين لمدة خمس سنوات.
مستقبل البيتكوين كأصل احتياطي
مع استمرار الولايات الأمريكية في تقديم تشريعات لتبني البيتكوين كأصل احتياطي، يبدو أننا نقف على أعتاب تحول كبير في النظام المالي العالمي، ومع ذلك، فإن نجاح هذه الخطوة يعتمد على قدرة الحكومات والمؤسسات على التغلب على التحديات التنظيمية وإدارة تقلبات السوق، فإذا نجحت هذه الجهود، فقد نشهد حقبة جديدة حيث تصبح العملات الرقمية جزءاً لا يتجزأ من الاحتياطيات المالية العالمية.