كشف باحثون في معهد فرانسيس كريك عن أن توازن بكتيريا الأمعاء يمكن أن يؤثر على أعراض نقص الهرمونات لدى الفئران. وأظهرت الدراسة أيضا أن الأسبرين قد يخفف من أعراض نقص الهرمونات لدى الفئران المصابة بهذا المرض.
نقص الهرمونات وأسبابه
يعاني الأشخاص الذين لديهم طفرات في جين يسمى Sox3 من حالة تسمى نقص الغدة النخامية، حيث تفشل الغدة النخامية في إنتاج كميات كافية من الهرمونات. يمكن أن يؤدي هذا النقص إلى مشكلات في النمو، العقم، وضعف استجابة الجسم للتوتر.
في بحث نُشر في مجلة PLOS Genetics، قام العلماء في معهد كريك بإزالة جين Sox3 من الفئران، مما أدى إلى تطور حالة نقص الغدة النخامية لديهم عند الفطام (الانتقال إلى تناول الطعام الصلب).
تأثير Sox3 على الغدة النخامية
وجد الباحثون أن الطفرات في جين Sox3 تؤثر بشكل رئيسي على منطقة الوطاء في الدماغ، والتي تُوجِّه الغدة النخامية لإفراز الهرمونات، ومع ذلك فإن الجين ينشط عادة في عدة أنواع من خلايا الدماغ، وكانت المهمة الأولى للفريق البحثي هي تحديد الخلايا الأكثر تأثرًا بغيابه.
لاحظ العلماء انخفاضا في عدد الخلايا التي تسمى NG2 glia، مما يشير إلى أن هذه الخلايا تلعب دورا حاسما في تحفيز نضوج خلايا الغدة النخامية في وقت الفطام، وهو اكتشاف جديد تمامًا. يمكن أن يفسر هذا التأثير المرتبط بانخفاض إنتاج الهرمونات.
الأسبرين يعكس الأعراض
عالج الفريق الفئران بجرعة منخفضة من الأسبرين لمدة 21 يوما، مما أدى إلى زيادة في عدد خلايا NG2 glia في منطقة الوطاء، وانعكس نقص الهرمونات في الفئران.
على الرغم من أن الآلية التي يتبعها الأسبرين لتحقيق هذا التأثير لا تزال غير واضحة، تشير النتائج إلى أنه يمكن دراسة الأسبرين كعلاج محتمل للأشخاص الذين يعانون من طفرات Sox3 أو الحالات التي تتأثر فيها خلايا NG2 glia.
اكتشاف دور بكتيريا الأمعاء في إنتاج الهرمونات
في عام 2015، تم نقل أجنة الفئران المصابة بطفرات Sox3 من المعهد الوطني للبحوث الطبية إلى معهد كريك بعد الدمج بين المؤسستين. عندما وصلت هذه الفئران إلى مرحلة الفطام في معهد كريك، لاحظ الباحثون أنها لم تعد تعاني من نقص الهرمونات المتوقع.
بعد البحث عن أسباب محتملة، قارن الباحث الرئيسي كريستوف غاليشت بين الميكروبيوم – البكتيريا والفطريات والفيروسات التي تعيش في الأمعاء – في فئران معهد كريك وفئران المعهد الوطني للبحوث الطبية، ولاحظ اختلافات كبيرة في تركيبة الميكروبيوم وتنوعه، قد يكون هذا التغير ناتجا عن اختلافات في النظام الغذائي أو البيئة المائية أو عوامل أخرى صاحبت عملية الانتقال.
إثبات دور الميكروبيوم
لإثبات هذه النظرية، قام كريستوف بزرع مواد برازية من فئران المعهد الوطني للبحوث الطبية في فئران كريك، ولاحظ أن الفئران بدأت تظهر مرة أخرى أعراض نقص الغدة النخامية وانخفض عدد خلايا NG2 glia.
وعلى الرغم من أن الآلية الدقيقة لا تزال غير معروفة، فإن العلماء خلصوا إلى أن تركيب الميكروبيوم هو مثال على عامل بيئي مهم يؤثر بشكل كبير على نتائج الطفرات الجينية، بما في ذلك تأثيره على وظيفة الوطاء والغدة النخامية.
أهمية النتائج وتوجهات المستقبل
قال كريستوف غاليشت، الباحث الرئيسي السابق في معهد كريك ومدير عمليات الأبحاث في مركز ساينسبري ويلكوم: "كان اكتشاف أن تغييرات في الميكروبيوم الأمعائي قد تعكس نقص الغدة النخامية لدى الفئران مفاجأة كبيرة. لقد عزز هذا الاكتشاف أهمية الانتباه للعوامل المتغيرة كافة، بما في ذلك الميكروبيوم، عند العمل مع الحيوانات في الأبحاث وكيف يمكن أن تؤثر الرعاية على الطبيعة".
وأضاف روبين لوفيل-بادج، قائد مجموعة أبحاث بيولوجيا الخلايا الجذعية وعلم الوراثة التطورية في معهد كريك: "يمكن أن يحدث نقص الغدة النخامية نتيجة إصابة أو طفرات نادرة، وله تأثيرات كبيرة على الصحة العامة. بالإضافة إلى اقتراح خيارات علاجية محتملة، تؤكد نتائجنا على أهمية العلاقة بين الأمعاء والدماغ. الخطوة التالية لهذا البحث ستكون معرفة كيفية تأثير الأسبرين والميكروبيوم على خلايا NG2 glia، ثم دراسة هذا التأثير لدى البشر لتحديد ما إذا كانت هذه التدخلات المتاحة نسبيا يمكن أن تساعد في علاج نقص الغدة النخامية."