أظهرت دراسة حديثة تطورا متقاربا مذهلاً في الأذن الداخلية للثدييات، كاشفةً أن مجموعات متباينة من الثدييات قد تطورت بشكل مستقل لتتخذ أشكالا مشابهة للأذن الداخلية، استجابة لبيئات مشابهة. قاد هذه الدراسة فريق بحث دولي بقيادة نيكول غرونسترا من جامعة فيينا وآنا لو ماتر من معهد كونراد لورينز لأبحاث التطور والإدراك.
تطابق الأذن الداخلية في الثدييات المختلفة
كشفت الدراسة أن الثدييات الأفريقية من مجموعة "أفروثيريا" ومجموعة أخرى من الثدييات ذات البيئة المماثلة قد تطورت بشكل مستقل لتشترك في أشكال مشابهة للأذن الداخلية، رغم عدم ارتباطها الوثيق تطوريا تُظهر هذه الدراسة كيف أن الضغط البيئي المشترك قد أدى إلى تطور متقارب في هذا الجزء من الجسم.
تنوع وتكيف الأذن الداخلية
تتواجد الأذن الداخلية داخل الجمجمة العظمية، وهي مسؤولة عن السمع والتوازن. وقد أظهرت الدراسة أن تنوع أشكال الأذن الداخلية يعكس تكيفات الثدييات مع بيئاتها المختلفة وسلوكياتها الحركية، في نفس الوقت، تُظهر الأشكال المتشابهة للأذن الداخلية بين الأنواع ذات الصلة الوثيقة أن العوامل الوراثية غير التكيفية قد تلعب دورا في تشكيل هذه الأشكال.
مقارنة أشكال الأذن الداخلية
تمت مقارنة أشكال الأذن الداخلية بين 40 نوعًا من الثدييات في هذه الدراسة. كانت النتائج تشير إلى أن الأذن الداخلية للحيوانات ذات البيئة المماثلة (مثل أبقار البحر والدلافين) تتشابه أكثر من الحيوانات التي تشترك في سلف مشترك، مما يؤكد على تأثير البيئة في تشكيل الأذن الداخلية.
استخدم الباحثون تقنيات الأشعة المقطعية الدقيقة لإعادة بناء نماذج ثلاثية الأبعاد للأذن الداخلية من جماجم محفوظة في مجموعات المتاحف. بعد ذلك، قاموا بمقارنة الأشكال وتحليل العلاقة بين الأذن الداخلية والبيئة وسلوك الحركة.
أنماط التطور المستقل
أوضحت الدراسة أن الأشكال المتشابهة للأذن الداخلية بين الحيوانات ليست نتيجة قرابة تطورية قريبة، بل تعود إلى تطور متقارب استجابة للبيئات المماثلة. على سبيل المثال، شكل أذن أبقار البحر أكثر تشابهًا مع الدلافين (رغم البعد التطوري بينهما) مقارنةً بالأفيال أو الوعول الأفريقية (المرتبطة بها بشكل أقرب).
القابلية للتكيف وتطور الأذن
تدعم هذه الدراسة نظرية أن الأذن الثديية تتمتع بقدرة عالية على التطور التكيفي، مما أتاح للثدييات التكيف مع بيئات جديدة وسلوكيات حركية مختلفة. وقد لعبت هذه القدرة دورًا رئيسيًا في تطور الأذن الداخلية لتناسب مجموعة واسعة من التحديات البيئية.