كشفت دراسة حديثة من مشروع SAGA، الذي قارن بين درب التبانة و101 مجرة مشابهة، عن اختلافات جوهرية في أنظمة الأقمار التابعة ونمط تشكل النجوم، تسلط هذه الدراسة الضوء على آليات تكوين المجرات والدور الغامض الذي تلعبه المادة المظلمة في نشأتها.
عادةً ما يعتمد علماء الفلك على مجرة درب التبانة كنموذج أساسي لفهم كيفية نشوء وتطور المجرات، ومع ذلك، تظهر البيانات الحديثة أن درب التبانة ليست ممثلة نموذجية لجميع المجرات، مما يستدعي إعادة تقييم النظريات المتعلقة بتكوين المجرات وتفاعلها مع المادة المظلمة.
مشروع SAGA يوفر رؤى جديدة حول موقع درب التبانة في الكون
أظهر البحث الذي شمل 101 مجرة مشابهة في الكتلة لدرب التبانة أن هناك اختلافات كبيرة بين مجرتنا ونظيراتها، يُعتبر مشروع SAGA أحد الدراسات الرائدة في هذا المجال، حيث وفر بيانات تفصيلية عن أنظمة الأقمار التابعة للمجرات المضيفة.
دراسات مشروع SAGA الرئيسية:
1. الإحصاء الشامل لأنظمة الأقمار التابعة لـ 101 مجرة بحجم درب التبانة
2. خصائص تشكل النجوم في هذه المجرات والأقمار التابعة لها
3. نمذجة الأنظمة التابعة باستخدام أحدث المحاكاة الفلكية
المادة المظلمة ودورها في تكوين المجرات
تشير الدراسات إلى أن المجرات تتشكل داخل هالات ضخمة من المادة المظلمة، وهي مادة غير مرئية تشكل 85% من كتلة الكون، بينما تمثل المادة العادية مثل النجوم والكواكب 15% فقط.
تعمل جاذبية الهالات المظلمة على جذب المادة الطبيعية، مما يؤدي إلى تشكل المجرات والنجوم.
تلعب المادة المظلمة دورا رئيسيا في توزيع الأقمار التابعة للمجرات، حيث تم العثور على مئات الأقمار الصغيرة تدور حول 101 مجرة مشابهة لدرب التبانة.
مقارنة بين درب التبانة والمجرات الأخرى
قالت ريسا ويتشلر، أستاذة الفيزياء وأحد مؤسسي مشروع SAGA:
"درب التبانة كانت دائمًا مختبرا مثاليا لدراسة الفيزياء، لكننا نكتشف الآن أنها قد لا تكون ممثلة لجميع المجرات الأخرى. لذا، من الضروري مقارنة مجرتنا بنماذج أخرى لفهم الصورة الأكبر".
وقد أظهرت المقارنة مع 101 مجرة أخرى بعض الاختلافات المثيرة، مثل:
عدد الأقمار التابعة لكل مجرة يختلف بشكل كبير، حيث يتراوح بين 0 إلى 13 قمرا لكل مجرة.
حجم أكبر قمر تابع يؤثر على عدد الأقمار الأخرى، إذ تبين أن المجرات التي تمتلك أقمارا كبيرة مثل سحابة ماجلان الكبرى والصغرى تميل إلى استضافة عدد أكبر من الأقمار الأخرى.
دور المادة المظلمة في إبطاء تشكل النجوم
تناول البحث الثاني معدل تشكل النجوم (SFR) في الأقمار التابعة، حيث أظهرت النتائج أن:
الأقمار التابعة القريبة من المجرة الأم تعاني من انخفاض في معدل تشكل النجوم، مما يشير إلى تأثير الهالة المظلمة في إبطاء نمو النجوم.
في درب التبانة، توقفت معظم الأقمار الصغيرة عن تشكيل النجوم، باستثناء سحابة ماجلان الكبرى والصغرى اللتين لا تزالان نشطتين.
قالت ريسا ويتشلر:
"لدينا لغز جديد الآن، ما الذي جعل الأقمار الصغيرة لمجرة درب التبانة تتوقف عن تكوين النجوم؟ ربما تمتلك مجرتنا مزيجا فريدا من الأقمار القديمة التي توقفت عن التشكل، وأقمار حديثة مثل سحابة ماجلان الكبرى والصغرى التي انضمت مؤخرًا إلى هالة درب التبانة".
المستقبل المشرق لأبحاث المجرات
في الدراسة الثالثة، استخدم الباحثون بيانات مشروع SAGA لإنشاء نموذج يحاكي تطور المجرات الصغيرة وتفاعلها مع المادة المظلمة. أظهرت المحاكاة أن:
النماذج الحديثة قادرة على إعادة إنتاج الكتلة النجمية للأقمار التابعة، مما يجعلها أدوات قوية لفهم تطور المجرات.
يمكن استخدام المسوحات الطيفية المستقبلية للإجابة على الأسئلة المتعلقة بتأثير المادة المظلمة على تشكيل النجوم، وطبيعة الغاز الموجود في الأقمار الصغيرة.
قالت ريسا ويتشلر في ختام الدراسة:
"يوفر مشروع SAGA معيارا أساسيا لفهم الكون من خلال دراسة المجرات خارج نطاق درب التبانة، ورغم أننا أكملنا مسح 101 مجرة، لا يزال هناك الكثير من العمل لفهم كيفية تشكل المجرات عبر الزمن".
تشير هذه الدراسات إلى أن درب التبانة قد تكون حالة خاصة بين المجرات، مما يستدعي المزيد من الأبحاث لفهم الاختلافات الجوهرية التي تجعلها فريدة في الكون، مع تقدم التكنولوجيا الفلكية، سيستمر العلماء في كشف المزيد عن أسرار المجرات، والمادة المظلمة، ودور الهالات غير المرئية في تشكيل الكون الذي نعرفه اليوم.