سوريا تطلب تعويضات من روسيا: مفاوضات جديدة لاستعادة الثقة وإعادة ترسيم التحالفات

مستقبل العلاقات السورية الروسية

نشرت صحيفة "فزغلياد" الروسية تقريرا كشفت فيه عن طلب السلطات السورية الجديدة من روسيا دفع تعويضات مالية، بهدف "استعادة الثقة" بين البلدين، وأشارت الصحيفة إلى أن القيادة السورية الجديدة بدأت مفاوضات مع عدة أطراف فاعلة في الشرق الأوسط، بما في ذلك روسيا، لبحث مستقبل العلاقات الثنائية.

ووفقا للوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، تقدمت السلطات السورية بطلب دفع تعويضات خلال أول جولة مفاوضات ثنائية جمعت بين موسكو ودمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد، وشملت المباحثات قضايا تتعلق باحترام سيادة سوريا وسلامتها الإقليمية.

من جانبه، أكد نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أن وضع القواعد العسكرية الروسية في سوريا لا يزال قيد النقاش، مشيرا إلى أن القرار النهائي يتطلب مزيدا من المشاورات، وأضاف بوغدانوف: "أعربنا عن امتناننا لعدم تعرض مواطنينا ومنشآتنا لأذى خلال الأحداث الأخيرة، ونأمل في الحفاظ على هذا الاتجاه وحماية مصالحنا في سوريا".

وتشمل القواعد العسكرية الروسية في سوريا قاعدة حميميم الجوية وميناء طرطوس اللوجستي، اللذين تم إنشاؤهما بموجب اتفاقية وُقِّعت مع نظام الأسد عام 2017، وتسمح لروسيا باستخدامهما لمدة 49 عامًا. ومع ذلك، أشارت تقارير إلى تراجع النشاط الروسي في قاعدة حميميم، حيث انتظرت سفينتان روسيتان عدة أسابيع للحصول على إذن من السلطات السورية لدخول ميناء طرطوس.

وأفادت مصادر تركية بأن دمشق لن تسمح لموسكو بالحفاظ على وجودها العسكري في سوريا، خاصة بعد دعم روسيا لنظام الأسد خلال الحرب الأهلية، كما نقلت وكالة رويترز عن مصادر أن السلطات السورية الجديدة طلبت من روسيا تسليم بشار الأسد، إلا أن هذه المعلومة لم تُؤكد من قبل وسائل إعلام غربية.

وفي سياق متصل، تجري السلطات السورية الجديدة مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي لرفع العقوبات المفروضة على البلاد، حيث يربط الاتحاد الأوروبي تخفيف العقوبات بإغلاق القواعد العسكرية الروسية. وأعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أن وزراء الخارجية اتفقوا على تخفيف القيود ضد دمشق.

من جهته، علق المحلل السياسي والعسكري الروسي، كيريل سيمينوف، قائلًا: "من المحتمل أن تتفاوض سوريا مع روسيا على شروط التعويضات مقابل استخدام القواعد العسكرية، القيادة الجديدة لا تحتاج إلى الدعم العسكري الروسي بقدر حاجتها إلى الدعم الاقتصادي".

بدوره، رأى الخبير العسكري يوري ليامين أن طلب سوريا التعويضات يشير إلى استعدادها لتعزيز التعاون مع روسيا، وأضاف ليامين: "تتفاوض السلطات السورية مع روسيا والاتحاد الأوروبي وتركيا لتحقيق مكاسب مختلفة، قضية القواعد الروسية تُستخدم كأداة مساومة لتحقيق الفوائد الاقتصادية".

وأشار ليامين إلى أن سوريا تعاني من عجز تجاري حاد ونقص في مصادر الدخل، مما يدفعها لطلب المساعدات الاقتصادية، وقال: "إذا لم تتمكن الحكومة السورية من تمويل القوات المسلحة، فلن تتمكن من الحفاظ على استقرارها، لذلك تحاول الحصول على الدعم من أي طرف يقدم العرض الأكثر جاذبية".

من ناحية أخرى، حذر سيميون باغداساروف، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، من أن الموافقة على دفع تعويضات قد تفتح الباب لمطالب أكبر. وأضاف: "أردوغان طالب بتعويضات بقيمة 500 مليار دولار عن أضرار الحرب الأهلية، يجب على روسيا تجنب الالتزامات المالية الكبيرة والبحث عن بدائل لوجستية، مثل ليبيا".

وأكد باغداساروف أن الوضع في سوريا لا يزال غير مستقر، حيث تسيطر الحكومة الجديدة على حوالي 60% من أراضي البلاد فقط، وأشار إلى أن روسيا بحاجة إلى مراجعة شاملة لاستراتيجيتها في سوريا، معتبرا أن التوصل إلى اتفاق مؤقت بشأن القواعد العسكرية ممكن، لكنه ليس حلا دائما.

سوريا الجديدة تسعى إلى إعادة تشكيل تحالفاتها الخارجية من خلال التفاوض مع روسيا والاتحاد الأوروبي وتركيا، مع التركيز على تحقيق مكاسب اقتصادية. في المقابل، تواجه روسيا تحديات في الحفاظ على نفوذها العسكري في سوريا، خاصة مع تزايد الضغوط الدولية والمطالب المالية. القرارات التي ستتخذها موسكو ودمشق في الفترة المقبلة ستحدد مستقبل العلاقات بين البلدين وطبيعة التوازنات الإقليمية في الشرق الأوسط.