ابتكار غشاء نانوي طيني ثنائي الأبعاد لاستخراج الليثيوم من المياه بكفاءة وتكلفة منخفضة

تقنية جديدة لاستخراج الليثيوم من الماء بتكلفة منخفضة تقنية جديدة لاستخراج الليثيوم من الماء بتكلفة منخفضة

تمكن باحثون من مختبر أرغون الوطني التابع لوزارة الطاقة الأمريكية (DOE) بالتعاون مع جامعة شيكاغو من تطوير تقنية غشاء متقدمة قادرة على استخراج الليثيوم  من المياه المالحة ومياه البحر بكفاءة عالية.

الغشاء الجديد مصنوع من الفلسبار الطيني المعروف باسم "الفيرميكولايت"، وهو طين طبيعي متوافر بكثرة وتكلفته منخفضة لا تتجاوز 350 دولارا للطن، يتميز هذا الغشاء بقدرته الفائقة على ترشيح أيونات الليثيوم، مما يجعله بديلاً محليا واعدا عن أساليب التعدين التقليدية.

مستقبل الليثيوم من دون مناجم

في الوقت الحالي، يتم استخراج معظم الليثيوم العالمي من عدد محدود من الدول عبر التعدين الصخري أو تبخير البحيرات المالحة، وهي طرق مكلفة وبطيئة وتعرض سلاسل الإمداد العالمية للخطر.

لكن في المقابل، تحتوي مياه البحار والمياه الجوفية المالحة على كميات هائلة من الليثيوم المذاب، إلا أن تقنيات استخراجه من هذه المصادر كانت حتى الآن غير فعالة بدرجة تمنع الاستفادة منها.

غشاء ثنائي الأبعاد بثبات نانوي

نجح الفريق العلمي في تقشير الفيرميكولايت إلى طبقات رقيقة للغاية لا يتجاوز سُمكها واحد نانومتر (جزء من مليار من المتر)، ثم أعادوا ترتيب هذه الطبقات لإنشاء غشاء مرشح كثيف متعدد الطبقات. تُصنَّف هذه الطبقات ضمن المواد ثنائية الأبعاد.

لكن المشكلة أن الطين غير المعالج ينهار عند ملامسة الماء خلال نصف ساعة فقط، وللتغلب على هذا التحدي، استخدم العلماء دعامات نانوية من أكسيد الألمنيوم لإنشاء بنية شبيهة بمواقف السيارات متعددة الطوابق، ما منح الغشاء استقرارا كبيرا في البيئة المائية.

هذه البنية المعمارية الفريدة لا تحافظ فقط على تماسك الغشاء في الماء، بل تمكنه من فلترة الأيونات بناءً على الحجم والشحنة الكهربائية، وهي خطوة حاسمة في فصل الليثيوم عن عناصر مشابهة مثل المغنيسيوم والصوديوم.

الشحنة الكهربائية والمسام الدقيقة

قام الباحثون بعد ذلك بإضافة أيونات الصوديوم إلى الغشاء، حيث تجمعت حول دعامات أكسيد الألمنيوم، مما حوّل شحنة سطح الغشاء من متعادلة إلى موجبة.

في المياه المالحة، يكون كل من الليثيوم والمغنيسيوم مشحونين بشحنة موجبة، لكن المغنيسيوم يحمل شحنة أقوى (+2) مقارنةً بالليثيوم (+1). وبالتالي، يصد الغشاء الموجب المغنيسيوم بشدة أكبر، ما يسمح بمرور أيونات الليثيوم بسهولة أكبر.

لزيادة الانتقائية، أضاف الفريق كمية إضافية من أيونات الصوديوم، مما أدى إلى تشديد بنية المسام داخل الغشاء. وبذلك، تتمكن الأيونات الأصغر مثل الصوديوم والبوتاسيوم من العبور، في حين يُحتجز الليثيوم بدقة عالية.

استخراج الليثيوم من مصادر غير تقليدية

النتيجة النهائية هي طريقة ترشيح منخفضة التكلفة وقابلة للتوسع تفتح المجال أمام الاستفادة من احتياطيات الليثيوم الموجودة في مياه البحار والمياه الجوفية وحتى مياه الصرف الصحي.

وصرّح "يينينغ ليو"، الباحث الأول ومرشح الدكتوراه في جامعة شيكاغو وعضو فريق AMEWS قائلا: "من خلال الفلترة على أساس الحجم والشحنة، يستطيع غشاؤنا استخراج الليثيوم من الماء بكفاءة غير مسبوقة، هذه التقنية قد تقلل من اعتمادنا على الموردين الأجانب وتفتح الباب أمام احتياطيات جديدة لم تكن في الحسبان."

آفاق أوسع تتجاوز الليثيوم

يتجاوز تأثير هذه التقنية حدود استخراج الليثيوم، إذ يرى الباحثون أن الغشاء الطيني الجديد قد يكون مفيدا في استخلاص معادن حيوية أخرى مثل النيكل والكوبالت والعناصر الأرضية النادرة، بل وحتى إزالة الملوثات الضارة من مياه الشرب.

وختم "ليو" بقوله: "هناك أنواع متعددة من هذا الطين، ونحن ندرس كيف يمكن استخدامه لجمع العناصر الحيوية من البحار والبحيرات المالحة أو حتى لتنقية مياه الشرب."