سلاح "إسرائيل" السري في داخل كل بيت

أخبار

سلاح "إسرائيل" السري: 800 قناة على مواقع التواصل الاجتماعي

24 تشرين الأول 2020 23:35

تحسنت العلاقات الإسرائيلية مع العالم العربي لمكانة عالمية بفضل إدارة وسائل التواصل الاجتماعي داخل وزارة خارجية الاحتلال الإسرائيلي، وذلك حسب شارونا أفجينساز التي تعتبر اليوم أحد أهد الدبلوماسيات الإسرائيليات، على الرغم من أنها ليست سفيرة أو قنصل أو حتى ملحق، إلا أنها تشرف على الصلة الأوسع والأكثر جوهرية للتواصل بين دولة الاحتلال والشعب الإيراني كرئيسة للقسم الفارسي الرقمي بوزارة الخارجية الإسرائيلية.

وتقول أفجينساز: " لقد ولدت ونشأت في طهران، وكنا نفتتح كل يوم الدراسة بمقولة (الموت لإسرائيل، الموت لأمريكا)، وكنا محاصرين ومحاول الهرب من إيران لمدة ثماني سنوات. لكنني اليوم أقوم بالتفاعل مع ملايين الإيرانيين نيابة عن الحكومة الإسرائيلية، ولا يمكنني إيجاد الكلمات المناسبة للتعبير عن التشويق والرضا اللذين أشعر بهما. ولكنني أود أن أوضح أننا نتعامل مع دولة معادية، وأن منصتنا هي الطريقة الوحيدة للتواجد هناك والتواصل مع الجمهور الإيراني، بهدف بناء جسر السلام والتواصل للشعب في إيران دون التعامل مع النظام الإيراني" حسب تعبيرها.

تجدر الإشارة إلى أن أفجينساز هي جزء من فريق صغير تم تشكيله بشكل مفاجئ من خبراء وسائل التواصل الاجتماعي الشباب النشطين والحيويين الذين عملوا على مدار السنوات العديدة الماضية خارج وزارة الخارجية في القدس. وهي مسلحة بجهاز كمبيوتر واتصال بالإنترنت وطلاقة كاملة في التحدث باللغة الفارسية أو العربية.

وظهر عملهم، الذي عادة ما كان يتم في الظل، خلال الأسابيع الأخيرة تزامنا مع توقيع اتفاقيات أبراهام التاريخية مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين. حيث ألقت اتفاقيات "إسرائيل" لتطبيع العلاقات مع دولتين خليجيتين الضوء على ذراعها الدبلوماسي العربي، وجعلت مهمة الفريق الرقمي أكثر صعوبة وتطلبا من السابق، وبالتالي أصبح دوره أهم بكثير أيضاً، مما دفع وزارة الخارجية إلى توسيع نطاقهم بشكل مطرد من حيث الحجم وقدرة الوصول.


التطبيع مع اسرائيل

بالإضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أن هذا الفريق ينتشر عبر خمس منصات تواصل اجتماعي رئيسية، وهي فيسبوك وتويتر وإنستغرام ويوتيوب وتيليغرام، بينما هناك بعض العاملين في شبكات اجتماعية متخصصة أخرى أيضا مثل Pinterest و Reddit و TikTok و LinkedIn وغيرها.

وقالت أفجينساز: "نحن الوزارة الأولى في العديد من المنافذ الإلكترونية من حيث الوصول والتواصل مع الجمهور، حيث أن النشاط الرقمي الإسرائيلي يشمل أكثر من 800 قناة فريدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي تعمل بـ50 لغة عالمية مختلفة و تحتوي على 10 ملايين متابع . كما وتشمل هذه القنوات أكثر من 250 قناة رسمية متواجدة بشكل مباشر في السفارات والقنصليات، وحوالي 250 حسابا لدبلوماسيين إسرائيليين، بالإضافة إلى مواقع الويب وحسابات التواصل الاجتماعي الخاصة وغيرها. إننا إلى حد بعيد أكبر شبكة رقمية اجتماعية رسمية في إسرائيل".

وبحسب ما زعمته أفجينساز، يصل الفريق شهريا إلى حوالي 200 مليون شخص عالمياً، في حين أنه يصل إلى قرابة 5.5 مليون إيراني أسبوعيا. وأضافت: " لدينا صفحة ناجحة للغاية عبر منصة إنستغرام، وهي تحتوي على 3.5 مليون متابع يقومون بزيارتها بشكل دوري اسبوعياً، وما يميز انستغرام هو أنه واحدة من منصات التواصل الاجتماعي القليلة التي لم يحجبها النظام الإيراني حتى الآن. في حين أن أكثر تطبيق لاقى شهرة واسعة في إيران هو التيليغرام".

تصف أفجينساز يوم عملها المعتاد بأنه مزيج بين نشر المنشورات بما يتماشى مع استراتيجية الوزارة، والتفاعل مع الأحداث الدائرة في كل من إيران و"إسرائيل"، والرد على الرسائل التي تتلقاها من متابعي منصات التواصل الاجتماعي التي تديرها، زاعمة أن "الإيرانيين متعطشون للغاية للحصول على معلومات جديرة بالثقة عن إسرائيل، وإنني لا أحاول إخفاء القضايا التي تسبب الخلافات عند ظهورها أيضاً، فنحن نظهر الحقيقة كاملة أيا كانت لضمان الثقة والموضوعية".

وبدوره الدكتور يوناتان جونين، وهو رئيس مكتب اللغة العربية بالفريق الرقمي التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية، ومن قدامى المحاربين في فرع المخابرات العسكرية الإسرائيلية وصف الفريق الرقمي بأنه "متنوع للغاية"، وذلك لأنه يتكون من أعضاء يهود ومسلمين ودروز، حيث يقول: "نريد نشر محتوى يجسد هذا التنوع، والذي يوضح تعايش إسرائيل وابتكارها وإسهاماتها في العالم. حيث يحتوي المكتب الرقمي العربي على صفحات ويب للدول التي تقيم إسرائيل علاقات دبلوماسية معها، مثل الأردن ومصر، بالإضافة إلى تلك التي تعيش معها رسميا في حالة حرب، مثل العراق، المغرب، المملكة العربية السعودية، لبنان. فالنشاط وردود الفعل يختلف من دولة إلى أخرى بالتأكيد، ولكن من المدهش أن مواطني الدول التي لا تعترف رسميا بإسرائيل يستجيبون بشكل إيجابي أكثر من غيرهم".

والجدير بالذكر أنه على الرغم من أن ردود الفعل عبر الإنترنت على تقدم هذه الجهود الرقمية الإسرائيلية قد كانت إيجابية بشكل مطرد، إلا أن تغييرا مفاجأ قد حدث خلال الأسابيع القليلة الماضية بعد الإعلان عن اتفاقيات أبراهام التطبيعية مع الإمارات والبحرين، حسب أفجينساز.

وتقول أفجينساز: "كل مشاركة حول اتفاقيات التطبيع كانت تجذب أرقاما لا تصدق من المتفاعلين، والتي لم أستطع تصديقها في البداية. حيث كان يمكن أن يحصل المنشور في المتوسط على 1000 أو 2000 إعجاب، لكن منشوراتنا حول اتفاقيات السلام تتجاوز ذلك تماماً، حيث وصلت في وقت ما إلى 40.000-50.000 إعجاب على إنستغرام على سبيل المثال. ولكن قد حدث تغيير مفاجئ مؤخراً، وهو استعداد قادة الرأي والشخصيات المؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي المعروفة في هذه البلدان لترديد محتوى الوزارة ومشاركته، الأمر الذي يعتبر أحد أهم التطورات والذي لم نتوقعه على الإطلاق ".

ويقول الدكتور جونين: " عندما لا يأتي ذلك من حساباتنا فقط ، فإنه يمكننا من الوصول إلى المزيد من الأشخاص، خاصة أن الأمر يكون مدعوما من مؤثرين عرب في بلدانهم. وقد رأينا هذا الأمر يحدث منذ فترة طويلة قبل اتفاقيات السلام مع الإمارات و البحرين. ففي الإمارات، على سبيل المثال، رأينا العديد من الأشخاص المقربين للغاية من ولي العهد الإماراتي وهم يشاركونا محتوانا عبر منصات التواصل الاجتماعي. فما يجعل الأمر مثيراً حقاً هو أنه قبل سنوات قليلة من الآن، كنا نعتقد أن حدوث أمر كهذا مستحيل تماماً".

بالإضافة إلى ذلك، فقد طغى تأثير الفريق الرقمي الإسرائيلي حتى على وسائل الإعلام العربية التقليدية، والتي أجبرت على تغطية بعض المحتوى الأكثر انتشاراً، بما في ذلك فيديو الوزارة الذي يظهر الإسرائيليين وهم يناقشون بعض النشطاء من دول الشرق الأوسط، والتي أظهروا بأنهم يرغبون في زيارة "إسرائيل" والتعرف على ثقافتها وشعبها، وحصل هذا المقطع منذ نشره على 20 مليون مشاهدة حتى الآن.

• هذه ليست حالة دائمة

حيث يقول الدكتور جونين : " إن هدفنا الأساسي هو إقامة حوار مباشر مع الناس في جميع أنحاء الشرق الأوسط. لطالما حلمت بذلك، فنحن نريد كسر القوالب النمطية التقليدية والتحدث عما يوحدنا، فهناك دائما ما يتعلق بالمحتوى الأكثر انتشارا وبأوجه التشابه بين الإسلام واليهودية".

والجدير بالذكر أن أفجينساز توافق جونين في رأيه، والتي سافرت من إيران إلى إسرائيل عندما كانت تبلغ من العمر 13 عاما فقط، حيث زعمت: "إننا نتواصل مع جمهورنا العربي والإيراني بسلام ومحبة خالصة، كما أن العلاقات التي نقوم بإنشائها معهم مرضية للغاية، بالإضافة إلى أنه يمكننا في بعض الأحيان أن نرى بعض التعليقات الدافئة أيضا".

• بعض المعارضين

تقول أفجينساز: "إن بعض متابعينا يدعمون نظام آيات الله، وعندما لا تكون تعليقاتهم متمحورة حول الشتائم أو الافتراءات العنصرية أو التصيد، فأنا أحاول الرد وإنشاء حوار معهم. ولكن يجب أن أعترف أن التأثير الإيجابي يفوق التأثير السلبي دائماً. وأود حقاً أن أصدق أن بعضا من هذا الأمر قد تم بفضل جهودنا".

وأشارت الى أنه على مدى العقد الماضي، كان على وزارة خارجية الاحتلال الإسرائيلية أن تتحمل التخفيضات المستمرة في الميزانية وتقليص حجمها، وسبق أن أعرب دبلوماسيون وكبار المسؤولين السابقين والحاليين عن قلقهم مراراً وتكراراً بشأن تجاهل الحكومة المزعوم للوزارة وتقليص قدراتها.

النهضة نيوز