تقارير وحوارات

السفير هيثم أبو سعيد في حديث خاص لـ "النهضة نيوز": مفاجأة فعالة ستكشف عنها دمشق في الوقت المناسب

1 تشرين الثاني 2020 22:12

قال مفوض الشرق الأوسط للجنة الدولية لحقوق الإنسان السفير الدكتور هيثم أبو سعيد أن التقارب السعودي السوري جاء نتيجة الصراعات الخليجية الداخلية أولاً، والتحالف الخليجي الداخلي ضد تركيا ثانياً.

وأضاف السفير أبو سعيد في حوار أجرته معه "النهضة نيوز" أن اتفاقيات الدول العربية التي طبعت بموجبها علاقاتها مع "إسرائيل" جاءت ضمن خطة أعدتها الولايات المتحدة منذ نقل السفارة الأمريكية إلى القدس عام 2018.

وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته "النهضة نيوز" مع السفير أبو سعيد:

- سعادة السفير أهلاً وسهلاً بك في ضيافة "النهضة نيوز"

بداية: يرفع البعض سقف توقعاته من التقارب السعودي السوري، بينما يعتقد أخرون انه احدى افرازات الصراع الخليجي التركي، ما هي آفاق هذا التقارب وهل من آثار له على الداخل اللبناني؟

منذ بداية سنة ٢٠١٨ وبعد شهر عن إعلان القدس من قبل الولايات المتحدة الأميركية عاصمة لـ "إسرائيل" بدأت الأخيرة تُعدّ خطة توقيع الاتفاقيات التي شهدتها المنطقة بين الإمارات والبحرين من جهة والكيان الإسرائيلي من جهة ثانية؛ مستفيدة من عدة أمور وقعت في الساحات العربية منها الصراع الذي طفح على السطح بين قطر (ومن ورائها تركيا) ودول الخليج التي كادت أن تأخذ الخليج إلى اقتتال لولا الفيتو الأميركي، وليس حباً بعد خلق الصراعات وانما الاستفادة منها.

أما الأمر الثاني فهو النفور الحاد بين الخليج وايران حيث عمدت أميركا على صبّ الزيت على النيران السياسية والفكرية المشتعلة بين الطرفين، من أجل تقديم الحل والبديل؛ لكل هذا الموضوع وهو توقيع معاهدة سلام وتطبيع العلاقات على كل الصعد مع الكيان الإسرائيلي.

من هنا بدأ العد العكسي وكان لا بدّ من تحضيرات الأرضية لنيل ما هو أهم من تلك الدول على المستوى المعنوي والديني، فكانت العيون الأميركية تتجه إلى المملكة العربية السعودية لما لها من رمزية إسلامية، وعلى لبنان وسوريا لما لنا من رمزية فكرية، بهدف النيل من رأس المقاومة ومن ورائها إيران.

وحتى يتحقق الهدف المزمع وهو ضرب المكانة الدينية للملكة العربية السعودية، فلا بد من ضرب ظهر المملكة وهي سوريا، وعليه وبعد الاتفاق الروسي الأميركي والإسرائيلي بدأ العمل على الترتيبات اللوجستية لضمان عدم الرفض.

وفي سبيل ذلك عمدوا إلى استعمال أساليب غير إنسانية وغير أخلاقية أهمها الحصار الاقتصادي، كما لا حظنا إشعار الحرائق بشكل متعمد لحرق المحاصيل الزراعية وهي من أهم الموارد للشعب السوري، ثم جاء بعدها قانون قيصر الذي أتى على ما تبقى من مقومات الصمود للشعب السوري، طبعاً هذه اعتبارات وقناعات أميركية وروسية.

هذا في تحليل الصورة والمشهد من وجهة نظر الغرب الذي بدأ يتكشف له رويداً أن تلك الحسابات قد لا تأتي على حساب البيدر السوري، الذي يمتلك أوراق عديدة في الميدان، وقد يعتقد البعض أن هذا الأمر يمكن تخطيه.

ومن هنا كثرت الزيارات الدولية لسورية من قبل كل الأطراف غامزين من قناة الدستور الذي هو موضع نقاش في جنيف والذي يتركز على نقطتين مهمتين وهي سحب سجادة القوى الأمنية من سلطة الرئاسة والأمر الآخر تعديل صلاحيات الرئاسة الأولى، وبذلك يصبح المشروع سهلاً ويمكن تمريره للوصول إلى مبتغى التطبيع.

وفيما يتعلق بالصراع الخليجي التركي، فلا بدّ هنا أن نتذكر أن هذا الأمر لم يكن قائما في ٢٠١١ لغاية ٢٠١٥ و على العكس كانت التفاهمات بينهما أشد وصال من أي علاقة بين الدول العربية نفسها، وهذا الصراع الظاهري سيتلاشى تلقائيا عند الوصول إلى نقطة بداية تنفيذ المشروع بتعهد أميركي روسي.

المشكلة التي يجهلها القائمين على تلك الاتفاقيات أن هناك قوى ثالثة لها رأي مغاير لكل هذا التوجه، وهو ما تعتمد عليه دمشق وستتكشف معالمه فور البدء بإجهار المواقف وليس قبلها حتى يكون عامل المفاجأة صائباً وفعالاً.

- سيادة السفير: أحدثت مباحثات ترسيم الحدود جدلاً في الاوساط الداخلية والعربية، في الإطار المنطقي الذي يبتعد عن المناكفات، أين يمكن ان نصنف هذه التفاهمات وما هو المُخرج المتوقع منها داخليا واقليميا؟

طبعاً، لاستكمال الخطة المرسومة كما أشرنا إليها أعلاه فلا بدّ من إكمال الحلقة وقد تكون الأهم في كل ما هو دائر حيث ثقل إيران العسكري في بيروت كما يعتبرها الأميركي والروسي والايراني ومن يدور في فلكهما.

وعليه دخل موضوع الترسيم بقوة ويضغط وترهيب تارة والترغيب في المبادرة الفرنسية وما تحمله على المستوى الاقتصادي.

وإذا ما تفحصنا هذا الأمر أي الاغراءات المالية نرى أنها تشبه سيناريو ١٩٩٣ أثناء المفاوضات التي حصلت بعد سقوط بغداد والتي أدت إلى كارثة على كل المستويات دون استثناء.

يعتقد "مثلث برمودا" أنهم يمكن أن يمتصوا هذا الأمر ببعض الشعارات والتفاهمات، ولكنهم لم يقيموا حساباً لما هو أقوى من هذه الحسابات ، وهو أن الكثيرين في المنطقة يتواجدون في مناطق ممن يقومون بالتوقيع على اتفاقيات مع الكيان، والذي قد يحدث مفاجآت لم تكن في الحسابات.

إن هذه المنطقة بجناحيها المسيحي والاسلامي صنعوا تاريخ حاول الغرب تقليص معنوياته، عليه أن يعي أن هناك جهة ثالثة في الغرب ما زالت تتوجس من نجاح أي من تلك المخططات، لا بل على العكس فهي تصرح في الكواليس وتحذر من المغامرة الأفقية على المدروسة عمودياً.

وحتى ذلك الوقت الكل يترقب مجريات الأحداث بدقة وتتحسب من أي انتكاسة قد تودي بالمنطقة إلى دمار شمال سيكون الغرب غير بعيد عنها مطلقاً، وما أحداث فرنسا الا بداية للاسف لنتائج تلك المغامرات.

النهضة نيوز - بيروت