شركة خارجية باعت مخزونها للبنك الذي ينظمه رياض سلامة

تقارير وحوارات

تقرير يكشف تورط حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعائلته بقضايا فساد وغسيل أموال مع بنوك خارجية

11 كانون الأول 2020 16:17

في ترجمة خاصة لفريق موقع النهضة نيوز عن "منظمة مشروع الإبلاغ عن الجريمة والمنظمة والفساد"، نقلت فيه قولها عن وكالة Daraj.com أن شركة أجنبية مرتبطة بمحافظ مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، قد اشترت حصة في شركة ابنه، ثم باعتها إلى بنك لبناني كبير يخضع لرقابة سلامة المالية.

حيث تثير هذه النتائج تساؤلات حول ما إذا كانت الصفقة تمثل تضاربا في المصالح لمحافظ مصرف لبنان المثير للجدل رياض سلامة، الذي كانت استثماراته العقارية الواسعة النطاق موضوع تحقيق نشر في شهر أغسطس من قبل OCCRP و Daraj.com .

وتضمنت الصفقة أسهما في شركة Crossbridge Capital، وهي شركة لإدارة الثروات يقع مقرها الرئيسي في لندن، والتي كانت مملوكة لشركة لم تكن معروفة من قبل ومسجلة في بنما، و هي شركة Crossland Assets Corp، وكان نجل سلامة، يعمل سابقا في شركة Crossbridge، وما زال يحتفظ بأسهم فيها حتى الآن .

وبحسب التحقيقات، فقد استحوذ بنك عودة، أكبر بنك في لبنان، على أسهم شركة Crossland Assets Corp في عام 2016، حيث كان رياض سلامة يضع سياسة نقدية مثيرة للجدل، والتي استفاد منها البنك بقيمة 1.6 مليار دولار .


تقرير يكشف تورط رياض سلامة وابنه نادي بعملية فساد كبيرة


فمن كان وراء أصول شركة Crossland Assets Corp ؟

من المستحيل القول ذلك بشكل دقيق لأن ملكيتها محمية بقوانين سرية الشركات، ولكن هناك أدلة تربطها برياض سلامة، حيث تم إنشاء شركة Crossland Assets Corp عام 2008، وقد تم وضعها في نفس الوقت تحت نفس الإدارة التي تدير شركة بنمية أخرى، وهي شركة Merrion Capital S.A، التي منحت رياض سلامة شقة فاخرة في لندن، كما أن المجموعة نفسها، وهما اثنان من المديرين واثنين من المشتركين ووكيل وأمين صندوق، كانت المساهمة الوحيدة في شركة Crossland Assets Corp، وهي شركة ائتمانية في ليختنشتاين.

يذكر أن عمر شركة Crossland Assets Corp كان شهرين فقط عندما استحوذت على أسهم شركة Crossbridge Capital ، مما يشير إلى أنها تأسست لغرض شرائها من قبل شركة صورية أخرى في بنما، و هي شركة Westlake Commercial Inc، وقد كانت شروط نقل أصول شركة Crossland Assets Corp غير معروفة .

بالإضافة إلى ذلك، فإن شركة Westlake Commercial Inc ، التي لم تعلن عن أي نشاط تجاري آخر، دفعت سابقا لشركة Crossbridge Capital ما قيمته 2.5 مليون دولار مقابل حصة من الشركة تبلغ 5% .

وبموجب القانون اللبناني يحظر على محافظ البنك المركزي الانخراط في أعمال خارجية تتجاوز حيازة الأوراق المالية أو الأسهم في الشركات المساهمة حيث قال علي زبيب، المحامي المقيم في بيروت والخبير في التنظيم المصرفي والمالي الدولي، لمشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة و الفساد، أن انتهاك هذا الحظر سيعتبر تضاربا في المصالح، وقد يؤدي إلى عزل سلامة عن المنصب .

يشار إلى أنه لا توجد سجلات عامة تظهر وجود صلة مباشرة بين رياض سلامة و شركة Crossland Assets Corp، ولا يوجد دليل مباشر على أنه قد خالف القانون أيضا، و مع ذلك، فإن النتائج التي توصلت إليها منظمة مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد تثير تساؤلات جدية رفض محافظ بنك لبنان المركزي القوي معالجتها أو مناقشتها حتى .

حيث تواصلت منظمة مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد مع سلامة ثلاث مرات على مدار أربعة أشهر لسؤاله عما إذا كان لديه مصلحة في أصول شركة Crossland Assets Corp، وقد في كل مرة يغير الموضوع أو يتجاهل السؤال .

وقال سلامة من خلال محاميه: " لقد فشلنا في فهم هذا السؤال ، كما و يتعين على منظمة مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة و الفساد الاتصال بشركة Crossbridge Capital ، التي استشهدت بتوجيهات سرية الشركات التابعة للاتحاد الأوروبي في رفض التعليق ".

وعندما سئل سلامة مرة أخرى عن أصول شركة Crossland Assets Corp ، أجاب قائلا : " أي مسألة خاصة ليست مفتوحة للنقاش ". و عندما سئل عن شركة Westlake ، أجاب سلامة : " لم نرى أي مسألة ذات اهتمام عام في بريدكم الإلكتروني المرسل إلينا . و بالتالي ، ليس لدينا أي شيء نتطرق إليه في هذا الشأن ".


تقرير يكشف تورط رياض سلامة وابنه نادي بعملية فساد كبيرة


الشقة :

من الأدلة الرئيسية التي تربط رياض سلامة بشركة Crossland Assets Corp، هي شقة فاخرة في لندن حيث عاش ابنه، نادي ، لسنوات طويلة. فقبل انضمام نادي إلى شركة Crossbridge Capital في عام 2008، تدرب في قسم إدارة عمليات بنك Credit Suisse في لندن، والذي أسسه المديرون السابقون لشركة Crossbridge Capital ، وجعلوه من أوائل الموظفين فيه .

وفي عام 2009، قدمت شركة Merrion Capital أوراقا لتسجيل شقة فاخرة مقابل حديقة هايد بارك بالقرب من مكتب شركة Crossbridge Capital في حي ماي فير بلندن . و قد اشترت شركة Merrion Capital الشقة بالكامل في عام 2010 ، ثم أعلن نادي سلامة أنها محل إقامته في وثائق الشركة الرسمية في عام 2013 .

وبتاريخ 3 يناير 2017، نقلت شركة Merrion Capital ملكية الشقة التي تبلغ قيمتها 4.1 مليون دولار ، إلى رياض سلامة ، الذي وقع بيانا قال فيه أن الصفقة ليست مقابل المال أو أي شيء له قيمة نقدية "، حيث قام في اليوم التالي بإعطاء و تحويل ملكية الشقة لابنه رسميا .

تجدر الإشارة إلى أن سلسلة الأحداث هذه تشير إلى أن رياض سلامة قد تلقى هدية كبيرة من جهة غير معروفة أو أنه يمتلك أو يسيطر على شركة Merrion Capital، و التي تم حلها بعد شهرين فقط من حصوله على الشقة الفاخرة ، كما أن سلامة لم يرد على الإطلاق عندما تم سؤاله عن هذه الشركة كما و لم يرد نادي سلامة، الذي لا يزال يمتلك الشقة، على طلبات التعليق على هذا الأمر.


تقرير يكشف تورط رياض سلامة وابنه نادي بعملية فساد كبيرة

لعبة القوقعة :

انتقلت شركة Crossland Assets، و هي شركة مرتبطة بشركة Merrion Capital في بنما، إلى صندوق ليختنشتاين في عام 2018، حيث سجلت أصولا نقدية بقيمة 42.8 مليون دولار و 1.8 مليون دولار في استثمارات الصندوق بحلول ديسمبر 2019. ومنذ إنشائها، كانت شركة Crossland Assets مملوكة لصندوق ليختنشتاين، وهو غير مطالب بتقديم معلومات عامة عن مساهميها .

لكن الثقة لها اسم مألوف، وهي شركة Salamandur Trust reg ، حيث لم يرد رياض سلامة عند سؤاله عما إذا كان له مصلحة في شركة Salamandur Trust reg ، أو ما إذا كان اسمها مشتقا من اسمه ، حيث يبدو أنه لمرة في الماضي على الأقل قد استوحى من اسم العائلة في إنشاء كيانات قانونية .

فقد تأسست شركة Salamandur Trust reg في أكتوبر 2008 بثلاثة أعضاء من مجلس الإدارة، و هم يوهانس مات، العضو السابق في في مجلس إدارة صندوق ليختنشتاين و شركةTremaco Trust reg. ، و مدير شركة Professional Trust Services التي يديرها كلود فون هيلدبراند . و بعد شهر، تم تعيين نفس المديرين الثلاثة لإدارة أصول شركتي Crossland Assets و Merrion Capital .

و قد كان فون هيلدبراند هو الوحيد من جميع أعضاء مجلس الإدارة الثلاثة الذي استقال من منصبه في أوائل عام 2015 و استبدلت به ماريا بواتسو ، و هي مديرة شركة ائتمان محترفة أخرى مقرها سويسرا، حيث ارتبط جميع المتخصصين الثلاثة في إدارة شركة Salamandur Trust reg و القيام بمخطط تهرب ضريبي أدى إلى غرامة قياسية بلغت 2.6 مليار دولار في عام 2014 لصالح شركة Credit Suisse التي يقع مقرها في الولايات المتحدة الأمريكية.


تقرير يكشف تورط رياض سلامة وابنه نادي بعملية فساد كبيرة


تضارب المصالح :

تخضع عمليات بنك عودة اللبناني الواقع في بيروت للتنظيم، وتعتمد بشكل كبير على سياسات البنك المركزي اللبناني، الذي يديره رياض سلامة بنفسه منذ عام 1993 .

حيث استفاد بنك عودة في السنوات الأخيرة مما يسمى بسياسة "الهندسة المالية"، و هي سياسة نقدية غير تقليدية قدمها سلامة في عام 2016، والتي تضمنت صفقات معقدة و مبهمة مكنت البنوك التجارية من الاستفادة من مبادلة الدولارات بالعملة المحلية بسعر أعلى .

وبينما أفادت الهندسة المالية جميع البنوك، فقد قررت لجنة الرقابة المصرفية في لبنان أن بنك عودة قد حقق أكبر ربح منها، والذي وصل إلى حوال 1.6 مليار دولار في عام 2016 وحده .

بالإضافة إلى ذلك، أصبح بنك عودة مستثمرا رئيسيا في شركة Crossbridge Capital من خلال صفقات منظَّمة بطريقة حجبت ارتباطه بشركة Crossland Assets . و قد وافقت شركة تابعة لبنك عوده، على الاستحواذ على حوالي 19 % من شركة Crossbridge Capital في ديسمبر 2014 ، حيث بلغت قيمة الصفقة حوالي 9.5 مليون دولار، لكنها لم تغلق حتى سبتمبر 2015 ، أي بعد حوالي شهر من توقف نادي سلامة عن إدارة الأموال لـ عملاء شركة Crossbridge Capital .

كما وتلقت شركة Crossbridge Capital أيضا قرضا للأغراض العامة بقيمة 14.5 مليون دولار من شركةBeryte International، و هي شركة غامضة وغير نشطة تابعة لبنك عودة ، والمسجلة في جزيرة كوراساو الكاريبية .

وفي شهر ديسمبر من عام 2016 ، استحوذت شركة Beryte International أيضا على أسهم شركة Crossbridge Capital المملوكة لشركة Crossland Assets، وقد كانت شروط هذه الصفقة غير معروفة أيضا، لكن قيمة الأسهم بلغت 2.06 مليون دولار عندما تم تحويلها إلى فرع آخر لبنك عودة بعد ستة أشهر من اتمام الصفقة .

والجدير بالذكر أن محامي لبناني متخصص في قانون السياسة العامة قد شكك في الصفقات في ضوء العلاقات الواضحة لرياض سلامة مع شركة Crossland Assets .

حيث قال المحامي نزار صاغية ، الشريك المؤسس لمجموعة Legal لدعوة الإصلاح القانوني التي يقع مقرها في بيروت : " يشير حدوث المعاملات بين شركتي Crossland Assets و Beryte International إلى وجود تضارب في المصالح ، و الذي يتمثل في المعاملات التجارية و ربما المشاركة غير المباشرة في تشغيل بنك عودة و أنشطته ".

وأضاف صاغية : " إن بنك عودة مؤسسة مالية خاضعة لإشراف رياض سلامة، ويحظر عليه المشاركة فيها بأي شكل من الأشكال أثناء عمله كمحافظ لبنك لبنان المركزي ".

واتفق فادي مطر، وهو محام لبناني معروف بعمله في قضايا الفساد والجرائم المالية مع ما قاله صاغية، حيث قال : " إن استخدام الصناديق والشركات الخارجية لحماية مؤسسية مفتعلة و مبتكرة لا تعني أن تكون سهلة الاختراق، فهذا الهيكل بحد ذاته يكشف عن نية إخفاء المعاملات التي تم تنفيذها أو طمسها في أفضل الأحوال ".

وأضاف مطر : " يبدو التصميم الذي سيظهر و كأنه مخطط للتستر . و هذا في الواقع يطرح تساؤلات حول سلامة و أنشطته حول ما إذا كانت شرعية أم لا ، فالعملية برمتها في انتظار مزيد من التحقيق الحاسم ".

تجدر الإشارة إلى أن بنك عودة يسيطر حاليا على حوالي 23 % من أسهم شركة Crossbridge Capital ، و قد كان فيليب صيدناوي، الرئيس التنفيذي لبنك عودة، عضوا في مجلس إدارة الشركة منذ أوائل عام 2016، و لكنه رفض التعليق على الأمر .

في حين قال فريد لحود، سكرتير الشركة في مجموعة البنك ، في رسالة بالبريد الإلكتروني: " إن الاستحواذ على أسهم في شركة Crossbridge Capital من قبل أعضاء مجموعة بنك عودة كان متسقا مع المصالح الاستراتيجية و التجارية للمجموعة، وقد تم إجراؤها على هذا الأساس فقط ".

بالإضافة إلى ذلك، نفى رياض سلامة أي تلميح بارتكابه أي مخالفات، حيث قال في رسالة إلكترونية أرسلت إلى منظمة مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة و الفساد : " نحن ندحض ونرفض بشدة أن يكون هناك حالة تضارب في المصالح أو تفضيل لأي بنك ننظمه، فالأمور الخاصة لا يجب أن تكون مطروحة للنقاش العام في حال عدم وجود أي مخالفات . لقد رسمت دائما خطا صارما بين الأمور الخاصة بي وموقفي العام ، وأطلب منكم أن تفعلوا الشيء نفسه".

تجدر الإشارة إلى أن شركة Crossbridge Capital تدير ما قيمته 4.5 مليار دولار من الأصول ، و من بين المساهمين فيها رجل الأعمال الكويتي عبد العزيز غازي فهد النفيسي، ونبيل عون سمسار البورصة اللبناني البارز، وشركة Julius Baer Investment Limited، و هي شركة تابعة للبنك السويسري الخاص، ورجل الأعمال الراحل و قطب صناعة الاسمنت بيار فتوش، الذي اتهم في 2019 بالتهرب الضريبي في لبنان، و قطب قطاع البناء اللبناني رمزي صنبر ، وأصحاب بنك لبنان الأول رولاند الهراوي ورامي النمر، لكن هوية أكبر مساهم في الشركة ما زالت سرية .

بالإضافة إلى ذلك، فإن أحد المساهمين الآخرين في شركةCrossbridge Capital هي شركة T-Prime Limited ، و التي تحظى بقيمة 1.6 % تقريبا من أصولها، و هي شركة مسجلة في جزر فيرجن البريطانية، مع ملاك سريين بنفس القدر، حيث أنه لا تتطلب جزر فيرجن البريطانية، و هي إقليم بريطاني لما وراء البحار، الكشف العلني عن المالكين المستفيدين أو المشركين في الشركات المسجلة فيها .

و وفقا لشبكة العدالة الضريبية ، فإن الترتيبات القانونية السرية في جزر فيرجين تجتذب التدفقات المالية غير المشروعة من جميع أنحاء العالم ، حيث التزمت الجزيرة في عام 2019 ببدء إنشاء سجل عام للمالكين المستفيدين بما يتماشى مع معايير الاتحاد الأوروبي ، و لكن تم انتقادها بسبب بطء التنفيذ .

كما و قال بن كاودوك، رئيس التحقيقات في منظمة الشفافية الدولية في المملكة المتحدة، والتي تقوم بحملات ضد الفساد في المملكة المتحدة، أن الافتقار إلى الشفافية في ملكية الشركات يمكن أن يسهل إساءة استخدام أصولها .

حيث قال كاودوك: " ليس سرا أن الشركات المبهمة تستخدم لإخفاء هويات أصحابها، وهو ما يمكن أن يساعد في إخفاء تضارب المصالح والفساد المالي والإداري، ومن أجل الحماية من إساءة استخدام شركات المملكة المتحدة، يجب أن يطلب من الجهات الخارجية غير الشفافة التي تمتلك أسهما في شركات المملكة المتحدة الإعلان عن أنفسها ومصادرها بشكل شفاف وواضح ".

وتساءل جيم هنري، كبير المستشارين الاقتصاديين لشبكة العدالة الضريبية والزميل في مركز الاستثمار المستدام بجامعة كولومبيا، عن سبب قيام محافظ البنك المركزي اللبناني رياض سلامة باستثمارات خارجية من خلال شركات خارجية غير شفافة .

حيث قال هنري لمنظمة مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة و الفساد في رسالة أرسلت بالبريد الإلكتروني:" إن حقيقة أن رياض سلامة لديه ثروة خارجية ليست في حد ذاتها غير قانونية ، ولكن حقيقة أنه لم يبلغ عن تلك الثروة يثير تساؤلات حول مصادر الدخل التي حققتها له و ما إذا كانت قانونية أم لا".

النهضة نيوز - ترجمة خاصة