مجموعة العمل المالي تجعل باكستان في القائمة الرمادية لمكافحة الإرهاب

تقارير وحوارات

مجموعة العمل المالي تبقي باكستان في القائمة الرمادية لمكافحة الإرهاب

23 شباط 2021 10:14

ارتبط اسم باكستان بالإرهاب والمجموعات الإرهابية حيثدأصبح يكفي أن تذكر اسمها فقط لتشير لعمل إرهابي أو تنظيم إسلامي متطرف، وها هي اليوم باكستان تسعى مرة أخرى للخروج من القائمة الرمادية المخزية لمجموعة العمل المالي FATF مع قدوم شهر شباط/فبراير.

ففي عام 2018، تم وضع البلد في قائمة "الولايات القضائية الخاضعة لمراقبة متزايدة"، والمعروفة أكثر باسم القائمة الرمادية، وقد تم منحها خطة عمل تضم 27 بند امتثال صارمة تتعلق بالملاحقات القضائية وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وبعض البنود المستهدفة مثل فرض عقوبات مالية لخنق تدفق الأموال إلى المنظمات الإرهابية المحددة والإرهابيين وشركائهم.

كما وطالبت بعض تلك البنود من باكستان إجراء تغييرات تشريعية وإجرائية، بينما طلب البعض الآخر منها إظهار إجراءات واضحة ضد هذه الكيانات الإرهابية.


مجموعة العمل المالي وباكستان

وعلى الرغم من أن باكستان تدعي أنها امتثلت لـ 24 من أصل 27 بندا و امتثلت إلى حد كبير للبنود الثلاثة المتبقية أيضا، مما يجعلها مؤهلة لتدرج في "القائمة البيضاء"، فإن الدول التي تقيم أداءها بشكل موضوعي، لا تزال تعتقد أنها لم تقم بما يكفي بعد، خاصة عندما يتعلق الأمر بوقف أنشطة جمع الأموال للجماعات المحظورة ومحاكمة فعلية للإرهابيين الذين نفذوا أعمالا إرهابية.

والجدير بالذكر أن باكستان كانت تتجنب قضية الملاحقة القضائية من خلال إدانة مجموعة صغيرة من الأفراد بشكل متكرر بتهم تمويل الإرهاب، ومنحهم أحكاما متزامنة بدلا من تراكمية، وتجاهلت تماما تورطهم في قضايا إرهابية كبرى.

وعلى الرغم من وجود دول صديقة في المجموعة المشتركة لآسيا والمحيط الهادئ التابعة مجموعة العمل المالي، فقد فشلت إسلام أباد في الخروج من القائمة الرمادية.


باكستان في القائمة الرمادية بمجموعة العمل المالي

ففي شهر فبراير الجاري، كانت احتمالات خروجها من القائمة الرمادية قاتمة نظرا لأنشطة جمع الأموال غير المقيدة للجماعات الإرهابية المحظورة مثل جماعة عسكر طيبة ، وجماعة الدعوة، وجماعة جيش محمد، والشركات المتخفية التابعة لهم.

حيث كانت الحجة الرئيسية لباكستان هي أن عملية مجموعة العمل المالي، التي من المفترض أن تكون تقنية، يتم تسييسها من قبل عدد قليل من البلدان للمطالبة بأكثر مما هو مطلوب، وأنها ما زالت لا ترى أن المتطلبات التقنية ليست مربعات اختيار تحتاج إلى وضع علامة عليها، ولكنها موجودة لسبب واضح، وهو وضع حد للإرهاب.

كما أن إحجام باكستان عن وضع حد لأنشطة جمع الأموال الفاضحة إلى حد ما التي تقوم بها جماعات إرهابية مثل عسكر طيبة و جماعة الدعوة وجيش محمد، وافلاتهم التام من العقاب بسبب تجاهل دورهم في بعض أبشع أعمال الإرهاب، أقنع المجتمع الدولي بعدم وجود نية من جانب باكستان لمعالجة مشكلة الإرهاب بصدق.


مجموعة العمل المالي تجعل باكستان في القائمة الرمادية لمكافحة الإرهاب

وعلى الرغم من كونها محظورة، تكشف المنشورات الحديثة المطبوعة ووسائل التواصل الاجتماعي لتلك الجماعات الإرهابية عن اتجاه مقلق للأنشطة الميدانية بما في ذلك جمع الأموال والترويج للجهاد والتدريب، كما و يتم عرض أسماء القادة البارزين وتفاصيل الاتصال بهم بشكل صارخ دون أي خوف.

وتجدر الإشارة إلى أن مجموعة العمل المالي لا تملك الوسائل للتحقق من البيانات المقدمة من باكستان. وهي تثق في المعلومات التي تقدمها الحكومة، ونتيجة لذلك وافقت على تنفيذ 24 بندا من أصل 27 بند.

وفي مرحلة ما، ستنظر مجموعة العمل المالي أيضا في فعالية التدابير التي يزعم أنها نفذت من قبل الحكومة الباكستانية، حيث تدرك مجموعة العمل المالي جيدا أن العقوبات المفروضة على حركة طالبان الأفغانية لم تنجح أبدا، وأن الوضع لن يختلف بالنسبة لجماعة عسكر طيبة وجيش محمد أيضا. 

وبناء على ذلك، لا يسع المرء إلا أن يشعر بأن باكستان لا تتخذ سوى إجراءات ضد الجماعات الإرهابية المحظورة التي تستهدفها. 


باكستان في القائمة الرمادية لمكافحة الإرهاب

كما وتساعد البيانات التي تم إنشاؤها بهذه الطريقة في ملء الفراغات أو وضع علامة في مربعات الاختيار لإرضاء مجموعة العمل المالي وإلا فكيف يمكن للمرء أن يشرح أن كيانا محظورا مثل تلك الجماعات يمكن أن تستمر في أنشطتها المالية دون أي عوائق.

وقد تكون متطلبات مجموعة العمل المالي تقنية، ولكنها تخدم غرضا أعمق وإذا تم تنفيذها بجدية، فإنها يمكن أن تؤثر بشكل خطير على قدرة الإرهابيين والجهاديين على إلحاق الضرر بالبشرية.

ففي شهر ديسمبر من عام 2020، تمكن ناشط جماعة الدعوة محمد طارق من إنشاء مدرسة خاصة على ممتلكات مجمدة في منطقة للمسلمين تدعى تشيناب ناجار بمقاطعة شينيوت لكن هذه المعلومات لم تكن متاحة لمجموعة العمل المالي على الإطلاق، لكن ربما حان الوقت الآن لطرح بعض الأسئلة الصعبة على إسلام أباد فبعد كل شيء، تجميد الأصول على الورق ليس ما تتوقعه مجموعة العمل المالي من باكستان.


تصنيف باكستان ضمن مجموعة العمل المالي

وبالمثل فإن أمين فاروق المقيم في كوالا شور، وتحصيل كسور ومنطقة غورات، وهو إرهابي تم إخطاره سابقا ويتبع لجماعة الدعوة والذي أنضم الآن لتنظيم داعش ينخرط بالأعمال الإرهابية بحرية تامة.

فقد تلقى تدريبا على الأسلحة في مركز عبد الله بن مسعود التابع لجماعة الدفاع في مظفر أباد لمدة أسبوعين، و هو دليل واضح على التعاون بين جماعة الدعوة و الدولة الإسلامية و على وجود مخططات مشؤومة لمنظمات باكستان الإرهابية.

كما وكان من المقرر عقد جلسة استماع شخصية له في 6 يناير 2021، فيما يتعلق باستئنافه للإزالته من قائمة الإرهاب، و على الرغم من أنه لا تتوفر مثل هذه التقارير المباشرة في كثير من الأحيان، إلا أنها تكشف عن الفجوة الهائلة بين ما تدعي باكستان فعله وما تفعله بالفعل .

كما أن جماعة جيش محمد ليست بعيدة عن جماعة الجهاد المتطرفة أو جماعة الدعوة في أنشطتها الإرهابية، على الرغم من مزاعم إسلام أباد بأنها لجأت إلى أفغانستان وقد بدأت مؤخرا برنامجين لكوادرها هما "التازكية / يااد ديحاني" و "ركنيات سازي" لعناصرها على مستوى المنطقة.

ففي حين أن "التازكية / ياد ديحاني" تتضمن الاقتراب من كوادر وأنصار جيش محمد الحاليين من خلال قادة جيش محمد المحليين والإقليميين لتذكيرهم بواجباتهم و مسؤولياتهم تجاه الجماعة ، تتضمن "ركنيات سازي" الاقتراب من الكوادر المحتملة للاستقطاب الجديد و جمع أموال .

جدير بالذكر أنه على الرغم من أن إسلام أباد تنكر معرفة مكان وجود أمير جماعة جيش محمد ، مولانا مسعود أزهر، إلا أنه كان ينشر مقالات مكتوبة بانتظام و يتم نشرها في مجلة الجماعة نصف الشهرية "MadinaMadina". 


مجموعة العمل المالي تجعل باكستان في القائمة الرمادية لمكافحة الإرهاب

كما وتم عقد حفل توقيع كتاب كتبه بتاريخ 26 أكتوبر 2020 في مركز سنان بن سلمة التابع للجماعة في مزعرة طارناب بمدينة بيشاور الباكستانية. في حين ادعت إسلام أباد بأن مولانا و رفاقه قد "فروا" إلى أفغانستان، وهي ادعاءات لا تدعمها أدلة على الأنشطة غير المقيدة لرفاقه في باكستان.

بالإضافة إلى ذلك اتهمت إسلام أباد في الآونة الأخيرة كابول بإيواء إرهابيين يضرون بمصالحها، وهو اتهام لم يسلم منه سوى عدد قليل من الأشخاص الذين يتمتعون بسجل حافل بإيواء الإرهابيين الأكثر رعبا في العالم.

وعلى الرغم من كل الجهود التي تبذلها أفغانستان لإضفاء الشرعية على طالبان وشبكة حقاني، إلا أنهم ما زالوا إرهابيين في أعين الأفغان العاديين . فإذا تمكنت باكستان من تهريب عناصر و قيادة جماعة جيش محمد، وهي إحدى المنظمات الإرهابية الأكثر رعبا في البلاد إلى أفغانستان، فإن ذلك يمثل مصدر قلق بالغ للأفغان، الذين عاشوا لعقود طويلة تحت مظلة انعدام الأمن الذي تصدره باكستان.

كما ويبدو أنه لا داعي للمضي قدما فالقرار الأخير للمحكمة العليا الباكستانية بالإفراج عن عمر شيخ ، المتهم الرئيسي في قضية قتل دانيال بيرل ، يشير إلى الحالة البائسة لوكالات إنفاذ القانون الباكستانية و عدم قدرتها على تقديم أدلة مقنعة يمكن دعمها في لمجموعة العمل المالي، مما يعني أنه من غير المرجح أن يتحقق تركيز المجموعة على الإجراءات الموثوقة و المستدامة و التي لا رجعة فيها التي طبقتها باكستان على الأرض.

المصدر: خاص النهضة نيوز