فلسطين قلب العرب وقبلتها

تقارير وحوارات

فلسطين قلب العرب وقبلتها ومخرج خلاص التخلف والتجزئة

خديجة البزال

12 آذار 2021 21:10

لم تكن النظريات المقدمة في قراءة تاريخ السياسات الدولية مجرد أبحاث مطروحة نكتفي بقراءتها والاطلاع عليها بقدر ما هي اسقاطات على واقع نعيشه اليوم ونلمس آثاره ونتائجه... 

تعيش الدول حالة صراع دائم وهو أمر غير مستغرب في ضوء تضارب المصالح ويسعى كل طرف لنهش حصة أكبر من المحور الآخر بأساليب تختلف باختلاف الزمان والمكان ويبقى الهدف واحد السيطرة. 

وضمن الاطلاع على نظريات السياسة الخارجية يستوقفنا نظرية قلب العالم: تقول هذه النظرية أن أساس السيطرة على رقعة ما هي البحث عن نقطة قوة هذه الرقعة والتي ستكون نقطة ضعفها في حال التمكن من السيطرة عليها ثم بعدها التوسع شمالا وجنوبا شرقا وغربا حتى تغطي الرقعة كاملة 

يخيل للقارئ أنها كبقعة الزيت على وجه الماء عندما تكون عبارة عن ثقب صغير في الوسط ثم يكبر شيئا فشيئا ليغطي كامل السطح... 

العبرة ستكون في اختيار هذا القلب وتحديده وقراءة كل عوالمه المحيطة بعدها وضع أسس السيطرة والتمدد. 

وضمن عصف تاريخي لما يعيشه العرب من فقر وتخلف وتجزئة تكون نقطة البداية والنهاية من فلسطين، الكاتب والمفكر شاكر زلوم بين أنه تم اختيار فلسطين عن سواها من البلدان العربية لأنها الجناح الرابط بين الجانبين الآسيوي والأفريقي فضلا عن رابطها الديني. 

فلسطين هي بداية التقسيم العربي والانتقال بعد هذا التقسيم للاستهداف واستهلاك الثروات فالخطوة الأولى كانت باتفاقية سايكس بيكو التي قسمت بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين واقتطعت أوصاله بدءا من سوريا الكبرى باجتزاء فلسطين من الجنوب ولبنان من الغرب لتقوم بعدها بوضع الحدود المصطنعة بينها وبين العراق. 

وأشار الكاتب شاكر زلوم إلى أن الاختيار وقع على فلسطين دونا عن سواها نظرا لموقعها الاستراتيجي المهم فهي حلقة وصل والسيطرة عليها كالسيطرة على قلب الانسان فكما يعد نقطة القوة في الجسم كذلك فلسطين هي قلب الوطن العربي واستهدافها يعني استهداف بلاد الشام ومنها الامتداد للسيطرة والاستهلاك في الموارد. 

كل الوثائق التاريخية تشير لأهمية فلسطين في السيطرة على الوطن العربي منذ الاحتلال العثماني الذي دام أربع قرون وأبقى البلاد العربية في غياهب الظلام مستنفذا كل ثرواته لخدمة قصور السلاطين العثمانية وجواريهم. 

إلا أن المحاولة الأخطر كانت في عام 1798 عندما احتل نابليون مصر لينتقل بعدها في عام 1799 لاحتلال فلسطين لنفس الأهداف التوسعية وبناء امبراطوريته وعندما عجز عن دخول عكا خاطب اليهود قائلا: ياورثة فلسطين الشرعيين (أي اليهود) الأمة العظيمة تناديكم (أي فرنسا) ارجعوا إلى فلسطين... 

فالهدف كان احتلال فلسطين لتحقيق هدف هدم العالمين العربي والإسلامي. 

خطورة حملة نابليون أنه أحضر قدم المستعمر للبلاد العربية هو افتعل الحروب مع بريطانيا ومع روسيا وعندما هزم أمام بريطانيا كانت ساعة إعلان بدء المشروع اليهودي وما حمله معه وعد بلفور المشؤوم. 

في تلك الفترة من العام 1805 جاء محمد علي وحاملا معه طموح الوحدة العربية مع الاصلاحات التي قام بها هو أراد الوحدة على قاعدة العلم والمعرفة وهو ما أشعل نار الحروب ضده وجن جنون الغرب منه حيث وصل تمدده لاستطنبول عاصمة العثمانيين ما دفعهم للاستنجاد بالبريطانيين لاخراجه من بلاد الشام وتحل هي محله الا أن العثمانيين وفق تداعيات دينية أدركوا خطورة المد البريطاني وما تحمله أحقادهم من وعود ستمنحها لليهود بإقامة كيانهم على أرض فلسطين وهو ما رفضه السلطان العثماني وهو إن دل على شيء يدل على مكانة فلسطين الدينية للمسلمين والمسيحيين كحد سواء فهي قبلة كل محج. 

هذا إن دل على شيء يدل على أن استهداف فلسطين ليس من أجل الفلسطينيين بل من أجل دولة فلسطين المفتاح لضرب كل وحدة عربية وفرض سيطرة الاستعمار على الوطن العربي. 

يبقى القول أن القضية هي قضية عربية اسلامية انسانية فما حصل للفلسطينين من مآساة بالتهجير وتحليل كل محرم من سلب الأرض وتهجير للسكان ويتحول الفلسطيني للاجئ يرى قريته بالعين المجردة فقط مع مخالفة الغاصب كل الشرائع الدولية والقانونية والانسانية فاللص لا يسأل عن القيم. 

ليستذكر بعدها الكاتب شاكر زلوم مؤتمر عام 1905 الذي عقد في لندن واستمر لسنتين حضره مؤرخين وباحثين وسياسيين ليبحثوا بشأن قيام كيان إسرائيل وزرع هذا الجسم الغريب لفصل الدول التي ستصبح مارد لو توحدت ويخلص المؤتمر بقضايا بقيت سرية الا أننا نلمس نتائجه اليوم بالدعم المقدم لهذا الكيان وترك البلاد الآسيرية رهينة الاستعمار ولا تملك أي قيمة من قيم الحضارة والتقدم ومنع أي مساعدة علمية أو مادية لنهوض هذه الدول وتبقى تابعة. 

وختم الكاتب شاكر زلوم بمقولة: لاخلاص للبلاد العربية بوجود الكيان الاسرائيلي ولن نخرج من حالة الفقر والتخلف والتجزئة مالم نحارب الدول الداعمة لهذا الكيان ونزع هذا الجسم المسرطن من قلب الوطن العربي. 


الكاتب شاكر زلوم