ماذا حل بأموال المودعين في مصرف لبنان المركزي

أخبار لبنان

الكشف عن تهريب أكثر من 7 مليارات دولار من أموال المودعين خارج لبنان

3 نيسان 2021 10:31

قدرت قيمة التراجع بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان سنة 2020 بـ 14 ملياراً و274 مليون دولار أمريكي، دُفع منها فقط 6 مليارات و400 مليون دولار لدعم استيراد المواد الرئيسية، أما الـ 7 مليارات و874 مليون دولار المتبقية، فقد أهدرها مصرف لبنان على مدفوعات لا يستفيد منها الاقتصاد المحلّي.

صحيفة الأخبار اللبنانية وفي عددها اليوم كشفت أن الجزء الأكبر من هذه الدولارات، ومصدرها حسابات المودعين، حُوّل إلى الخارج لمصلحة زمرة حزب المصرف، الثغرة الرئيسية في ما يجري، سببها غياب قانون لتقييد التحويلات يمنع تبذير الدولارات المُتبقية، فيما تستمر المصارف في ممارسة التشبيح على صغار المودعين.

فمنذ آب 2020، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لا يُوفّر مُناسبةً إلّا يُهدّد فيها بالتوقف عن دعم استيراد المحروقات والقمح والدواء وبعض المواد الغذائية، لأنّه لم يعد في حوزته ما يكفي من دولارات، وبسبب حرصه على عدم المسّ بما يُسمّيه حساب الاحتياطي الإلزامي.

حجّة حاكم المركزي في محافظته على الاحتياطي أنّها مُلك للمودعين، وبالتالي لا يجوز التصرّف به، هو الذي تعاون مع المصارف على إهدار ودائع بقيمة تبلغ 120 مليار دولار أمريكي، لكنّ مصرف لبنان لا يجد حرجاً في الوقت نفسه من زيادة تحويلاته إلى الخارج بالدولار الأمريكي بما يفوق المبلغ المُخصّص لهذه الاحتياجات الرئيسية.

أكثر من 7 مليارات دولار أمريكي، حُوّلت من مصرف لبنان إلى الخارج لم يُشترَ بها مازوت وبنزين وقمح ودواء... بل إنّ القسم الأكبر من دولارات المودعين لدى المركزي حُوّل إلى حسابات بعض المحظيين.

تُشير أرقام وزارة المالية إلى أنّ إجمالي الاستيراد بلغ بين كانون الثاني 2020 وتشرين الثاني 2020، 10 مليارات و78 مليون دولار أمريكي. وقد انخفض الاستيراد بشكل عام، بنسبة 42.1% مقارنةً بين كانون الثاني وتشرين الثاني 2020 والفترة نفسها من عام 2019. التقديرات تُشير إلى أنّ كلفة الاستيراد ارتفعت في نهاية العام الماضي إلى ما يُقارب الـ 11 ملياراً ونصف مليار دولار أمريكي، وفق الإحصاءات غير الرسمية.

ومن ضمن إجمالي كلفة الاستيراد، تندرج قيمة دعم استيراد المحروقات ــــ القمح ــــ الدواء ــــ المواد الغذائية، والتي بلغت بحسب اللجنة المُكلفة بحث مُستقبل الدعم، 6 مليارات و400 مليون دولار العام الماضي. يبقى 5 مليارات و100 مليون دولار (من أصل الـ 11 ملياراً ونصف مليار دولار) استُخدمت أيضاً لتمويل الاستيراد. من أين دُفعت؟ أتى بها التجّار من السوق، حين فرض عليهم مصرف لبنان والمصارف الإتيان بـ«الدولارات الطازجة» لفتح حسابات تجارية.

في المقابل، يُظهر حساب التغيّرات في صافي الأصول الأجنبية للقطاع المالي، تراجعاً بقيمة 14 ملياراً و274 مليون دولار أمريكي لدى مصرف لبنان في سنة 2020. يقود ذلك إلى أنّ مصرف لبنان المركزي الذي دفع 6 مليارات و400 مليون دولار لتمويل استيراد مواد رئيسية، تبخّرت من حساباته خلال الفترة ذاتها، 7 مليارات و874 مليون دولار أمريكي إضافية. هذا النقص المُسجّل في أرقام مصرف لبنان الرسمية، لم يُستخدم للاستيراد أو لخدمة الاقتصاد المحلّي، ولا تُعرف وُجهته الحقيقية.

من اللافت أنّه خلال العام الذي شهد انهيار النموذج الاقتصادي، ودخل فيه لبنان أسوأ أزمة مالية ونقدية واقتصادية في تاريخه، استمر مصرف لبنان في رعاية حركة التحويلات الأجنبية كما لو أنّ البلاد لا تزال بألف خير، أو كأنّه قادرٌ على تعويض الخسائر بالدولارات.

خبير مالي يجيب على التساؤل المطروح.. أين صُرفت الـ 7 مليارات و874 مليون دولار؟ فالاحتمالات عديدة:

ــــ التزامات خارجية على الدولة، كعقود صيانة مثلاً. لكن هذه المصاريف، في الحدّ الأقصى، لا تصل إلى 500 مليون دولار أمريكي؛

ــــ تحويلات من حسابات لدى المصارف اللبنانية إلى حسابات في الخارج؛

ــــ تسديد ودائع ائتمانية وودائع للقطاع الخاص غير المُقيم

أرقام الأموال المهرّبة التي تَظهر في ما ينشره مصرف لبنان، لا تشمل ما تتولى المصارف تهريبه أيضاً. ورغم أن صافي موجوداتها من العملات الأجنبية سجّل ارتفاعاً عام 2020، بحسب ما ينشره مصرف لبنان، فإنّ ذلك لا يعني أنها لم تُحوّل مبالغ إلى الخارج، وفقاً لأصحابها ومصرف لبنان وشركائهم ورعاتهم.

ويذكّر خبراء وعاملون في القطاع المصرفي بأنه في غياب قانون القيود على التحويلات («كابيتال كونترول»)، لا يوجد ما يمنع المصارف من إجراء التحويلات إلى الخارج. وهذه المصارف لا تجد أي حرج في المطالبة، علناً، بتحويل أموال إلى الخارج. ففي كتاب أرسلته إلى مصرف لبنان، أمس، طالبت بتحويل الأموال التي تفيض عن الاحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان، إلى حساباتها في الخارج. البنوك التي بدّدت عشرات المليارات من أموال المودعين، نتيجة سوء أمانتها وحصرها أكثر من ثلثَي عملها ــــ على مدى السنوات السابقة للانهيار ــــ بإيداع الأموال في مصرف لبنان، وضعت طلبها الجديد في إطار الحرص على أموال المودعين!

المصدر: صحيفة الأخبار اللبنانية