رياض سلامة يهدد منتقديه بسيف القضاء

أخبار لبنان

رياض سلامة يهدد منتقديه بسيف القضاء

7 نيسان 2021 05:49

يعيش لبنان اليوم سلسلة تهديدات تطال توقف تحويلاته الخارجية، وشراؤه السلع، والحصول على النقد الأجنبي، عن التدفق إلى لبنان ما يبشر بشل حركة التجارة والصناعة والحياة الاقتصادية بشكل عام.

هذه التهديدات جاءت بعدما بدأت مصارف المُراسلة في الخارج تقطع علاقاتها المالية مع البنك المركزي في لبنان. 

صحيفة الأخبار اللبنانية أكدت في عددها اليوم أن المعلومات مُوثّقة بمُذكّرة وجّهها الحاكم رياض سلامة إلى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، مُحذّراً من أنّ مصرف لبنان بات في وضع صعب.

كما وتشير الصحيفة إلى أن علاقة القطاع المصرفي اللبناني مع مصارف المُراسلة في الخارج (وكيل البنك المحلّي في الخارج) مُتردّية منذ نهاية الـ 2019، حين لم تعُد مؤشرات الانهيار خافية على المُختصّين الدوليين، وبعدما خفّضت وكالات التصنيف الائتماني تصنيف لبنان.

كما أن ملامح الخلاف ظهرت مع اشتراط مصارف المُراسلة زيادة قيمة الضمانات التي تحصل عليها من نظرائها اللبنانية لفتح الاعتمادات، التي عقّدت مسارها، وتشدّدت في إجراء التحويلات.

لم يكن مُمكناً تجاهل هذا التحوّل، نظراً إلى أهمية التنسيق بين الطرفين. فالعمل بينهما يتمّ عبر إبرام المصرف اللبناني اتفاقية مع مصرف مراسِل لتقديم خدمات تحويل الأموال وتمويل التجارة الخارجية، فتكون مصارف المراسلة الضامن لتسديد مبلغ إلى أحد المُصدّرين، بالاتفاق مع المصارف اللبنانية التي تكون الضامن لتسديد المبلغ من قبل المستورد.

كما أن قطع العلاقة أو التأخّر في بتّ المُعاملات يُعرقل بشكلٍ خاصّ عمليات التجارة وتحويل الأموال إلى داخل لبنان، ومن داخله إلى الخارج.

وبالنظر لنصف الكأس الممتلئ هناك استمرار لحركة تسيير الأعمال بين الفريقين، مع محاولات مصرف لبنان والمصارف إغراء المصارف المُراسلة بفتح صفحة جديدة، إن كان عبر تسديد التزامات مُتأخرة أو تعزيز السيولة في حسابات المصارف اللبنانية في الخارج ولكن يبدو أنّ صلاحية المُسكّنات المصرفية اللبنانية قد انتهت، بعد قرار مصارف المُراسلة تسديد ضربة قاسية للبنان، وتقطيع تواصله المالي مع دُول العالم.

كل ما تقدم جاء في مذكرة رسمية أبرقها حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة لقاضي التميز غسان عويدات، حيث بدأ الحاكم بالإشارة إلى الاهتزازات السلبية في العلاقة بين المركزي من جهة، والمصارف المُراسلة والدولية من جهة أخرى، التي ستضع لبنان في وضع تصعب معه التحويلات الخارجية وشراء السلع الأساسية ودعمها، كما الاستحصال على عملات نقدية أجنبية لتسيير المرافق الاقتصادية المُختلفة.

هي مذكرة تصفها المرجعيات المعنية بـ«الخطيرة» بسبب المعلومات التي تتضمّنها والخوف من تأثيراتها السلبية على الوضع السياسي والنقدي والاقتصادي اللبناني، تأتي على ذِكر مصارف المُراسلة التي أقفلت حسابات مصرف لبنان لديها، وهي:

- «ويلز فارجو - Wells Frago» الأميركي، أقفل حساب مصرف لبنان بالدولار.

- «إتش إس بي سي - HSBC» البريطاني، أقفل الحساب بالليرة الاسترلينية.

- «دانسكي - Danske» الدانمركي، أقفل الحساب بالكورون السويدي، «ما ترك مصرف لبنان من دون مراسل خارجي بهذه العملة».

- «سي أي بي سي - CIBS» الكندي، الذي أعاد ودائع مصرف لبنان الموظفة لديه وأوقف التعاملات كافة معه.

يُحذّر البنك المركزي من أنّ هذه الإجراءات قد تتوسّع مُستقبلاً، وهو يعتبرها نتيجةً لثلاثة أسباب:

«- عدم تسديد سندات الدين بالعملات الأجنبية (يوروبوندز)

- الحملات السياسية ضدّ مصرف لبنان

- الضجّة القضائية واستغلالها داخل لبنان وخارجه «ما زرع شكوكاً لدى مراسلينا والمصارف الكبرى التي نتعامل معها»

كما حوت المذكرة على تحذير من أنّ مصرف لبنان أصبح في وضع صعب، فلدينا مصرف واحد هو «جي بي مورغان ــــ JP Morgan» يقبل بتعزيز الاعتمادات المُستندية التي نُصدرها لاستيراد المحروقات وغيرها لمصلحة شركة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة وبعض إدارات القطاع العام، وذلك مُقابل مبالغ تودع لديه بقيمة لا تقلّ عن مجموع مبالغ الاعتمادات المُستندية، وهو يرفض حتى تاريخه تعزيز اعتماد مُستندي لمصلحة شركة «كومبي ليفت» الألمانية لرفع مستوعبات من مرفأ بيروت تحتوي على مواد كيميائية خطرة.

واعتبرت الصحيفة أن هذه المحاولات من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ليست سوى تنصّل من أي مسؤولية عن الأزمة.

فلا يذكر تقديمه فوائد ضخمة للمصارف لتودع أموال الناس لديه، بعدما كانت تُوظّف 70% منها لدى مصارف المُراسلة، ما أدّى إلى عجز خارجي كان له تأثير مُباشر على علاقة الثقة مع المصارف الخارجية. ويتناسى تحالفه مع السلطة المحلية ــــ السياسية والمالية ــــ لإرساء سياسات نقدية هيّأت الظروف لانفجار 2019 الكبير. والأهمّ، تجاهله أنّه مُشتبه به من قبل القضاء السويسري بجرائم الاختلاس وتبييض الأموال والاستغلال الوظيفي، ويواجه شكوى أخرى أمام الشرطة البريطانية...

وقد استغرب مسؤولون رسميّون أن يكون سلامة قد بعث بالمذكّرة إلى المدّعي العام التمييزي، لا إلى المسؤولين في السلطة السياسية، وخاصة أن عويدات غير ذي صفة في القضايا المالية والنقدية والاقتصادية.

لكن من المرجّح أن يكون هدفه هو تهديد منتقديه بسيف القضاء، ورفع مسؤوليّة الانهيار عن نفسه. فالحاكم تعمّد إثارة المخاوف لقطع الطريق على أيّ تحقيق قضائي معه، كما لتحميل مسؤولية الانهيار إلى القلة التي تنتقد سياساته (في مقابل جيوش المصفّقين له).

المصدر: صحيفة الأخبار اللبنانية