أخبار

ماذا وراء اتهامات الغرب لتركيا فيما يسمى فضيحة الجلوس على الكرسي

12 نيسان 2021 12:45

بعد زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي تشارلز ميشيل إلى تركيا، وحدوث ما عرف باسم فضيحة "الجلوس على الكرسي"، تصدرت تصريحات رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي التي تستهدف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عناوين الصحف العالمية.


فعلى الرغم من أن التصريحات الصادرة عن كل من فرنسا وألمانيا تقول بإصرار أن تركيا لا تتحمل أي مسؤولية عما حدث، والذي سماه البعض بأنه "أزمة في البروتوكول"، إلا أنه يبدو أن ذلك قد أضاف الزيت على نار الصراع على السلطة فيما بينهم، وفق مقال للمحلل السياسي والكاتب التركي سلجوق تركيالماز.

ووفق تركيالماز فإن هذا ينطبق على تركيا أيضا، حيث تحاول المعارضة التركية إلقاء اللوم في التنافس بين فرنسا وألمانيا وإيطاليا على أردوغان أيضا، وذلك من خلال بناء ادعاءاتهم على حقيقة أن أورسولا فون دير لاين امرأة، مما يؤكد أن المعارضة التركية المحافظة تضيف بعدا جنسيا لأزمة البروتوكول وتفرض اللوم على تركيا وأردوغان في حدوثها.

ففي الرؤية التركية الجديدة التي تحاول إدارة بايدن بناؤها، يتم التأكيد على قضية النوع الاجتماعي، في حين تريد المعارضة المحافظة تبديد موقف أردوغان من خلال إشراك الولايات المتحدة في هذه العملية، حيث تحاول كل من المعارضة التركية والدول الأجنبية إعادة بناء نفسها ومكانتها من خلال مهاجمة كل من تركيا وأردوغان.

والجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها تركيا مثل هذا الوضع، فبعد القرن التاسع عشر، عندما بلغ العصر الإمبريالي ذروته، كانت هذه المشكلة تتكرر بشكل مستمر.

فجنبا إلى جنب مع الدول الأوروبية، تحاول الولايات المتحدة الأمريكية وممثلوها إحياء مفاهيم الاستشراق، والجدير بالذكر أن مفهوم كارل ويتفوغل للاستبداد الشرقي قد اكتسب شهرة في الكتاب الذي ألفه تحت نفس الاسم، وأضفى الشرعية على جميع أنواع الإمبريالية حول العالم، حيث تستند حملات التشهير ضد الرئيس أردوغان إلى نفس التصور.

وأوضح تركيالماز بأن حقيقة أن المعارضة التركية تتعثر بعضها مع بعض لبث الروح في المفاهيم الاستشراقية مرة أخرى هي مسألة أخرى تستحق المناقشة، خاصة وأن تبني الخطابات التي تستحضر مفهوم الاستبداد الشرقي في بيئة سياسية ينجرف فيها المحافظون أيضا إلى المعارضة، يشير إلى أن التحولات في الوعي صادمة وواسعة النطاق.

كما أننا بحاجة إلى أن نعلق أهمية على المفهوم الجديد للإمبريالية، ففي العصر الأخير للإمبراطورية العثمانية، كان يمكن ملاحظة وجود تعبئة فكرية مذهلة، وبعد كل تطورات العصر الإمبراطوري، طبقت الإمبراطورية العثمانية روح العصر التي تطلبها ذلك العصر، ومن المؤسف أن هذه الفترة تم التأكد منها على أنها "انهيار" للإمبراطورية العثمانية.

وإذا ما ألقينا نظرة على التغييرات التي تم إجراؤها في التعليم، فإن هذا الجهد الكبير يصبح واضحا، حيث أن الحركة الفكرية التي تحاول فهم وتحديد عصرها وإنتاج المفاهيم وفقا لها هي في مستوى مثير للإعجاب، ومع ذلك، فقد تم تقويض هذه الفترة أيضا بسبب المناقشات التي تدور حول التقدم والتقاليد.

بالإضافة إلى ذلك، كان مفهوم الاستبداد الشرقي يعيق هذه الفترة عن تقييم الحقيقة الكاملة، وهو ما يحدث اليوم أيضا، فحقيقة أن المفاهيم الجديدة للإمبريالية والحروب الصليبية الجديدة لم تتم مناقشتها بشكل كافي حاولت دفع نضال تركيا إلى النسيان، ولكن هذه المرة من الواضح أن الوضع مختلف تماما.

وبالطبع، ليس من الصواب تقليص مفهوم التفوق الثقافي على امتلاك الحق في وضع جدول الأعمال العالمي، ومع ذلك، فإن حقيقة أن المعارضة الداخلية والدول الإمبريالية تحاول بناء نفسها باستخدام أردوغان وتركيا تشير إلى عقدة غورديان اليوم.

حيث تكافح أوروبا والولايات المتحدة لإعادة تجديد نفسيهما وإنتاج الحلول، وبطبيعة الحال فإن هذا الوضع متوقع على الكتلة بأكملها، ومن جهة أخرى تحاول المعارضة الداخلية تحديد موقفها وفق التحركات التي يقوم بها أردوغان.

وقد أوضح روائي معين حائز على جائزة نوبل موقفه بعد أن وصفت الولايات المتحدة الصين بأنها عدو لها، فقد اتخذ روائي القرن الماضي مواقفهم وفقا لسياسة فرنسا الخارجية، حيث تشير صورة اليأس في الداخل والخارج إلى أن مفاهيم التفوق الثقافي وتحديد الخطاب بحاجة إلى إعادة تقييم من جديد، خاصة وأننا نتحدث الآن عن واقع جديد فقد فقدَ الغرب تفوقه في تحديد الرؤية والخطاب العالمي.

ويختم تركيالماز بقوله إن التغيير يكمن بشكل أعمق بكثير، حيث أن العالم المتمركز حول الأطلسي ينهار، وهم يحاولون إعادة تحسين صورتهم وتلميع أنفسهم باستخدام الرئيس أردوغان.

المصدر: صحيفة يني شفق