أخبار

النهج الأمريكي الجديد للتعاطي مع تركيا

1 أيار 2021 15:06

نقلت صحيفة أحوال عن ديميتار بيشيف، المحلل السياسي في مركز كارنيجي في موسكو، قوله بأنه كانت إشارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الأخيرة إلى "الإبادة الجماعية التركية ضد الأرمن في عام 1915" صفعة على الوجه للرئيس التركي رجب طيب أردوغان لأسباب استراتيجية واضحة.


حيث قال بيتشيف: " من حيث الجوهر، أذاقت الولايات المتحدة الأمريكية تركيا من سمها الخاص، ففي عهد أردوغان، تدهورت العلاقة بين الحليفين في حلف الناتو إلى شراكة قائمة على المعاملات المتناسبة مع مصالح الطرفين، حيث كانت تركيا جالسة على كرسيين، وتقوم بأعمال جيوسياسية مع روسيا مرة ومع الولايات المتحدة تارة أخرى على أساس كل حالة بحسب مصالحها الخاصة".

وفي الحقيقة، اتبعت إدارة بايدن الجديدة نهجا مختلفا تماما مع تركيا، في محاولة لتمييز نفسها عن إدارة ترامب السابقة، فمع وجود الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في السلطة، تجنبت تركيا عقوبات كبيرة بسبب شرائها أنظمة الدفاع الجوي الصاروخية الروسية من طراز S-400.

ففي عام 2017، توصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في صفقة قيل إن قيمتها 2.5 مليار دولار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشراء منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400، والذي صنفته الولايات المتحدة منذ ذلك الحين على أنه اتفاق يشكل خطرا على حلف الناتو.

وعلى الرغم من تحذيرات الولايات المتحدة وبعض الحلفاء الآخرين في حلف الناتو، استلمت تركيا أول بطاريات أنظمة الصواريخ الروسية من أصل أربع بطاريات في يوليو 2019، وبعد ذلك بأسبوع، أخرجت الولايات المتحدة تركيا من برنامج إنتاج الطائرة المقاتلة F-35، والتي صنفها الجيش الأمريكي كأحد أحدث التقنيات التي تم إنتاجها حتى الآن، في حين بقي جميع أعضاء حلف الناتو الآخرين مشاركين في البرنامج.

كما و أشار بيتشيف إلى أن هذه العقوبات كانت خفيفة نسبيا، لكن بايدن قد قرر اتخاذ نهج مختلف تماما للتعامل مع تركيا، حيث قال : " يعمل فريق بايدن الآن على قلب الأجندات، و تطبيق نسخته الخاصة من السياسة الخارجية، فأمريكا ستتواصل مع تركيا إذا دعت الحاجة لذلك فقط، و نظرا لأن السياسة الخارجية الأمريكية في الوقت الحالي لا تعطي الأولوية لمنطقة الشرق الأوسط أو البحر الأسود، فإن خدمات أردوغان ليست مطلوبة بالنسبة لها، تاركة الأوروبيين يتعاملون مع تركيا، خاصة وأن اتفاق اللاجئين لعام 2016 على وشك التجديد وفي ظل المشاكل التي تختمر في شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث أنه يبدو أن لدى الولايات المتحدة أسماك أخرى لطهيها".

وفي مواجهة هذا التحول، حاولت أنقرة "لعب ورقة روسيا"، على حد قول بيشيف، حيث عبرت حكومتها أن تركيا هي العضو الوحيد في حلف الناتو الذي أثبت استعداده وقدرته على كبح جماح توسع الكرملين في المنطقة، خاصة بعد أن قاتلت تركيا وكلاء روسيا في كل من سوريا وليبيا.

ففي سوريا، لعبت الطائرات التركية المسيرة دورا رئيسيا خلال العام الماضي في سلسلة من الهجمات المدمرة على القوات المدرعة السورية المدعومة من روسيا، والتي فاجأت بعض المراقبين العسكريين وساعدت في وقف هجوم الحكومة السورية على مناطق المعارضة.

أما في ليبيا، برزت كل من روسيا وتركيا على أنهما اللاعبان الأكثر تأثيرا على طرفي الصراع، حيث تدخلت تركيا بإرسال قوات وطائرات مسيرة لدعم حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة، وقامت بتمكينها من صد قوات الجنرال خليفة حفتر التي كانت مدعومة من قبل روسيا ووكلائها مثل مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة.

كما وتدخلت تركيا ضد روسيا في نزاع ناغورنو كاراباخ الذي دار بين أرمينيا وأذربيجان مؤخرا، والتي كانت منطقة تخضع إلى حد كبير للنفوذ الروسي.

بالإضافة إلى ذلك، أصر بيشيف على أن واشنطن "ليست مستعدة للتهاون مع تركيا بأي شكل من الأشكال "، فالولايات المتحدة تتمسك بأسلحتها وتطالب تركيا بالتخلي عن أنظمة الصواريخ الروسية.

فكما قال وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكين في جلسة الاستماع التي عقدها في مجلس الشيوخ: " إن فكرة أن تكون شريكا استراتيجيا لنا، بينما تكون في الواقع متوافقا مع أحد أكبر منافسينا الاستراتيجيين، روسيا، هو أمر غير مقبول على الإطلاق".

كما وتروج واشنطن لفرض مزيد من العقوبات ضد تركيا بموجب قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال فرض العقوبات، بجانب تلك التي فرضت في نهاية فترة ترامب على شراء أنظمة الصواريخ الروسية من طراز S-400.

بالإضافة إلى ذلك، قال بيشيف أنه مع عدم وجود إعادة ضبط للعلاقات التركية مع الولايات المتحدة في الأفق، ليس أمام أردوغان خيار سوى البقاء على مقربة من روسيا، مضيفا: " ظلت تركيا الطرف الأضعف في التنافس التعاوني بين البلدين خلال العقد الماضي، وسيستمر أردوغان في تحقيق توازن في السياسة الخارجية متعددة الأطراف بين الغرب وروسيا والصين بشكل متزايد، وهذه حالة يجب أن تكون مريحة تماما للقيادة الروسية".

المصدر: صحيفة أحوال