تقارير وحوارات

فساد رياض سلامة وعائلته يكشف دوره المشبوه في أزمات لبنان المتلاحقة

ندى درغام

14 تموز 2021 00:00

لا شك أن القوى السياسية المختلفة لعبت أدوارها فيما يحدث الآن في لبنان من أزمات اقتصادية ومالية، لكن السياسي يختلف عن المتخصص فكيف إذا كان من دهاة المال والاقتصاد والأعمال، فاختلاف السياسيين ليس وليد اليوم وتأخير تشكيل الحكومة ليس ظاهرة حديثة في لبنان، لكن اقتصاد البلد يبقى ممسوكا دائماً بيد متحكمة مختصة، تفرض ما تشاء وتقترح ما تريد.

وكثرت التقارير منذ بداية الأزمة اللبنانية عن دور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة فيها، فدور السياسيين في لبنان يقتصر على المشاركة المقصودة أو غير المقصودة في استمرار الأزمة وإعطاء الذرائع لتصاعدها وعدم حلها، أما دور الحاكم فمحرك أساسي وجوهري في الحل أو في إنشاء الأزمة وخلقها وتصاعدها.

رياض سلامة، بتسهيله عملية تهريب الأموال إلى الخارج، في لحظة مفصلية من الأزمة الاقتصادية والمالية اللبنانية، كان الشعرة التي قصمت ظهر اقتصاد لبنان، وبدأ ارتفاع سعر صرف الدولار يأخذ منحى تصاعدياً أكبر فأكبر، وبدأت العملة اللبنانية بالتهاوي أكثر فأكثر، وبدأ المواطن اللبناني يأن شيئاً فشيئاً، إلى أن بلغ مرحلة الصراخ وخرج إلى الشارع في 17 تشرين، لتتواصل القرارات المالية ومنصات تحديد سعر الدولار، في هدف ظاهره السيطرة على الوضع ومنع التدهور، ونتيجته جاءت معاكسة، لتوصل البلد إلى حافة الانهيار، بانتظار الضربة الأخيرة.

يتحكم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بالاقتصاد اللبناني بالكامل من خلال سياسته المالية والنقدية، التي تلتزم المصارف اللبنانية بتنفيذها، فيحدد مسار الاقتصاد والمال والدولار ومصيره، مستغلاً حنكته ودهائه وخبرته الطويلة، فيما كشفت عنه المواقع والوكالات الأجنبية بعنوان" فساد رياض سلامة ".

فحاكم مصرف لبنان الذي يجب أن يكون بعيداً عن أي شبهة للفساد ناهيك عن الإخلاص والنزاهة التي تتطلبها حساسية هذا الموقع كمسؤول أول وأخير عن كل الاقتصاد والمال، وبالتالي عن كل ما يجري في لبنان، أمسى فساده حديث وكالات الأنباء والمواقع العالمية، منذ مدة ليست بالقصيرة وبدأت تلاحقه الدعاوى التي تؤكد الاشتباه، وما يحصل في لبنان يؤكد الإدانة.

فقد بدا واضحاً أن حريق لبنان، أذاب الجليد عن فساد رياض سلامة وعائلته، فقد بدأت التحقيقات الأوروبية، تركز على رياض سلامة، بحسب موقع finews.ch، حيث فتح المدعي العام السويسري تحقيقاً مع شقيقه رجا للاشتباه بغسيل الأموال فيما يتعلق بالاحتيال في البنك المركزي اللبناني، بمبلغ يقدر ب 300 مليون دولار.

ويجري القضاء الفرنسي تحقيقاً يتناول الأصول المشبوهة لثروة سلامة التي تجاوزت الملياري دولار، واتهامات تتعلق بتبييض الأموال في عصابة منظمة، فيما نشرت وكالتي OCCRP و Daraj.com، تحقيقاً يوضح ما خفي من استثمارات سلامة العقارية الواسعة النطاق.

وتجلى الفساد الكبير واستغلاله منصبه وعلاقته بالمصارف، فيما نقلته "منظمة مشروع الإبلاغ عن الجريمة والمنظمة والفساد"، عن وكالة Daraj.com، عن شراء شركة أجنبية مرتبطة بمحافظ مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، حصة في شركة ابنه، ثم قامت ببيعها إلى بنك لبناني كبير يخضع لرقابة سلامة المالية.

بنك عودة الذي استفاد في السنوات الأخيرة مما يسمى بسياسة "الهندسة المالية"، وهي سياسة نقدية غير تقليدية قدمها سلامة في عام 2016، والتي تضمنت صفقات معقدة ومبهمة مكنت البنوك التجارية من الاستفادة من مبادلة الدولارات بالعملة المحلية بسعر أعلى، وكغيره من البنوك التي استفادت من الهندسة المالية إلا أنه حقق أكبر ربح منها بمبلغ وصل إلى حوالي 1.6 مليار دولار في عام 2016 وحده.

والمريب أن بنك عودة، استحوذ في العام 2016، على أسهم من شركة Crossland Assets Corp، المالكة لشركة Crossbridge Capital، التي كان نجل سلامة يعمل بها، حيث تم إنشاء شركة Crossland Assets Corp عام 2008، ولم تبلغ من العمر سوى شهرين فما بدا على أن تأسيسها تم لغرض شرائها من شركة صورية أخرى، وقد تم وضعها في نفس الوقت تحت نفس الإدارة التي تدير شركة بنمية أخرى، وهي شركة Merrion Capital S.A، التي منحت رياض سلامة شقة فاخرة في لندن عاش فيها ابنه نادي لسنوات طويلة، والتي تعتبر من الأدلة الرئيسية على ارتباط رياض سلامة بشركة Crossland Assets Corp.

وإضافة إلى القضاء الفرنسي والسويسري، تحركت مؤسسة "غرنيكا 37" البريطانية إلى تقديم ملف إلى السلطات البريطانية، مطالبة بالتحقيق مع سلامة وعدد من أفراد عائلته، بجرائم الاختلاس وتبييض الأموال، وقد أعدت المؤسسة تقريراً من 76 صفحة، جمعت فيه معلومات عن سلامة وابنه وشقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويك، إضافة إلى صهره السابق شفيق أبي اللمع، واعتبرت المؤسسة أن هؤلاء الأفراد كانوا يعملون معاً كعصابة، متهمة سلامة بتنظيم مخطط احتيال أدى إلى انهيار القطاع المصرفي اللبناني، ومعه كامل الاقتصاد.

ويأتي تساؤل كبير المستشارين الاقتصاديين لشبكة العدالة الضريبية جيم هنري، عن سبب قيام محافظ البنك المركزي اللبناني رياض سلامة باستثمارات خارجية من خلال شركات خارجية غير شفافة، معتبراً أن حقيقة أنه لم يبلغ عن ثروته الخارجية يثير تساؤلات حول مصادر الدخل التي حققتها له وما إذا كانت قانونية أم لا.

وأمام هذه الشبهات يعتبر القانوني والباحث في الشأن الفرنسي تمّام نور الدين، المقيم في فرنسا، بأنه المفترض على أي دولة تحترم نفسها عندما تُتهم إحدى شخصياتها في مركز عام في بلده أو بلد آخر، أن يوضع بالتصرف حتى انتهاء التحقيق وتثبت براءته من عدمها، مشيراً إلى وجود تهمتان بحق سلامة هما تبييض الأموال ضمن عصابة منظمة، وتأليف عصابة أشرار، حيث يُعتبر موضوع تبييض الأموال ضمن عصابة منظمة، عنصر تشديد للعقوبة.

ويعبر مراقبون بأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، يسير بالاقتصاد اللبناني إلى الهاوية وكلما اقتربت الإدانة منه أكثر أسرع بمسيره نحو الهاوية، وسيأخذ لبنان معه إن ظل السياسيون نائمين عن أفعاله.

المصدر: النهضة نيوز