فيلم جديد لنيكولاس كيج يثبت أنه لم يفقد براعته

فيلم جديد لنيكولاس كيج يثبت أنه لم يفقد براعته

ربما انكفأ الممثل المبدع نيكولاس كيج عن الاتجاه السائد في السينما، لكن فيلمه الأخير يذكرنا بأنه كان حاضراً دائماً على الشاشة.

نما من موهبة يافعة واعدة إلى نجم كبير حاز على جائزة أوسكار إلى رمز ثقافي يحتذى به، ففي عمله الأحدث، أدى نيكولاس كيج دور مزارع أشعث متثاقل المشية اختُطف خنزيره. أظهره المقطع الدعائي بمظهر المنتقم الذي يدخل عالم الجريمة ويتذمر قائلاً "أين خنزيري؟"

موهبة كيج الرائعة في التمثيل لم تكن موضع شك، من ظهوره المثير الأول في فيلم "Moonstruck" وفيلم "Raising Arizona" إلى نجم سينمائي في أفلام ديزني العائلية مثل فيلم "National Treasure"، كان حضوره جذاباً على الشاشة، وكان قادراً على اختيار أكثر الأدوار تميزاً وإثارة للدهشة. لكن في السنوات العشر الماضية، انسحب من الاتجاه السينمائي السائد.

يستند ترويج فيلم "Pig" إلى سمعته الحالية كممثل لا يخاف تلو سطوره صارخاً ويخرج بطريقة ما دون أن تمس كرامته. كيج في الفيلم محور الحزن في قصة ذكية عن طريقة إفساد النزعة التجارية لنقاء التعبير الفني، وهذا الفيلم واحد من أفضل أعماله وأكثرها دقة منذ سنوات.

يؤدي كيج دور روب، وهو ناسك يقطن في غابات أوريغون، ويبحث بهدوء عن الفطر مع خنزيره الوفي، وكان ذات يوم طاهٍ شهير في بورتلاند، لكن الدافع وراء انعزاله الآن غير واضح.

وفي مقابلة مع مجلة "فرايتي"، اعترف كيج بأوجه الشبه بينه وبين شخصية الفيلم، إذ أمسى منعزلاً أيضاً، ولم يشارك في أحد أفلام الحركة الحية التي حققت أكثر من 100 مليون دولار في شباك التذاكر بالولايات المتحدة منذ عام 2007، وهو " National Treasure: Book of Secrets". قال كيج: "أشعر أنني ذهبت إلى برية خاصة بي، وأنني غادرت البلدة الصغيرة المتمثلة بهوليوود، لا أعرف إن كنت أرغب في العودة. لا أعرف إن كنت أرغب في المشاركة في فيلم آخر لديزني. سيكون الأمر مرعباً. [هوليوود الحديثة] مناخ مختلف تماماً".

إن غموض انسحاب كيج من الاتجاه السينمائي السائد يغذي جاذبية فيلم "Pig"، كما يفعل الممثل المقهور على الشاشة على غير العادة، فأداؤه أبعد ما يكون عن أدائه المؤثر في أفلام ضحمة (مثل Bad Lieutenant) وضحوكة (مثل The Wicker Man).

روب قليل الكلام، لكن شغفه بالطعام عميق؛ ويؤدي كيج شخصيته على أنها بركان خامد، مدركاً أن المشاهد قد يتوقع منه أن ينفجر في النهاية. وحقيقة أنه لم يفعل ذلك أبداً تجعل فيلم "Pig" أكثر إقناعاً. وبينما يجتاح روب العديد من منازل بورتلاند للمأكولات الراقية بحثاً عن خنزيره، يتحول الفيلم إلى رحلة طعام نوعاً ما، ويصور الكاتب والمخرج مايكل سارنوسكي بشكل جميل كل وجبة فاخرة يأخذها روب وحليفه العصبي أمير أثناء بحثهما عن خاطف الخنزير.

"Pig" مزيج من ميلودراما الطبخ العبثية وأفلام الإثارة والانتقام الفكاهية والحكاية الرمزية، وكيج هو النسيج الضام الذي يجمع كل تلك العناصر السخيفة معاً. ربما يكون نيكولاس كيج قد تخلى عن الأضواء الساطعة، لكنه لم يفقد شيئاً من براعته.