موقع "ذا كونفرزيشين" يرجح عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الإيراني

إبراهيم رئيسي رئيس إيران الجديد إبراهيم رئيسي رئيس إيران الجديد

نشر موقع "ذا كونفرزيشين" الأسترالي، اليوم الثلاثاء، تقريراً للكاتب كريستوفر بلوث، وهو أستاذ العلاقات الدولية في جامعة برادفورد، تناول فيه أبعاد حصول إيران على القدرة على صنع سلاح نووي، وأهداف ودوافع الدول التي تروج لهذا الاحتمال دون أساس، ويستنتج في الختام أن العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة المعدلة هي النتيجة الأكثر ترجيحاً في المدى المنظور.

يقول الكاتب في مستهل تقريره أن إمكانية تطوير إيران القريب لترسانة نووية احتلت قدراً كبيراً من التكهنات مؤخراً بعد أن قال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس لمجلس الأمن الدولي في 4 آب/أغسطس أن إيران "على بعد نحو عشرة أسابيع فقط من امتلاك المواد اللازمة لصنع سلاح نووي".

وقال: "حان وقت الأفعال، فالكلام لا يكفي"، مضيفاً: "النظام الإيراني يهددنا ويبدأ سباق تسلح إقليمي".

وأشار التقرير إلى أن تحذير غانتس ليس الأول من نوعه بشأن الاحتمال الوشيك لوجود قدرة نووية إيرانية، إذ ادعى أنتوني بلينكين، في أول مقابلة رسمية له كوزير للخارجية الأمريكية في شباط/فبراير 2021، أن إيران كانت على بعد "أشهر" من صناعة قنبلة نووية، وتوقع أن تمتلك ما يكفي من المواد الانشطارية "في غضون أسابيع"، في حال جرى التخلي عن جميع القيود المفروضة على الاتفاق النووي.

ومن المفارقات التي كشف عنها التقرير أن الأهداف السياسية التي دفعت إلى تحذير بلينكن الصارخ كانت معاكسة تماماً لتلك التي وردت في بيان الحكومة الإسرائيلية الأخير، إذ تهدف التحذيرات الحالية من جانب الحكومة الإسرائيلية إلى وضع حد للمفاوضات النووية، ويبدو أن إيران نفسها تبالغ في تقدير مخزونها من المواد الانشطارية بغية الضغط على الولايات المتحدة.

وقال كريستوفر بلوث إن إمكانية امتلاك إيران أسلحة نووية شكّلت في نظر إدارة جو بايدن القادمة إحدى القضايا الرئيسية في جيوسياسية الشرق الأوسط، لذا كان تحسين العلاقات مع إيران هدفاً مهماً من أهداف السياسة الخارجية في برنامج بايدن الانتخابي، وفي هذا السياق، كان لإيجاد مسار العودة إلى "الاتفاق النووي" أولوية مهمة.

وأشار التقرير إلى أن السبيل الوحيد في نظر إدارة بايدن لمنع صنع قنبلة نووية إيرانية بشكل فعال هو العودة إلى اتفاق نووي معزز مع إيران، ونوه إلى أن الحكومة الإيرانية حاولت وضع شروط للعودة إلى المفاوضات، مثل رفع العقوبات، لكن إدارة بايدن لم ترفض تخفيف سياسة ترامب المتمثلة في "الضغط الأقصى" فحسب، بل شنت غارات جوية على "الميليشيات الإيرانية" في سوريا.

وأجريت مفاوضات بمشاركة الموقعين على الاتفاق النووي الأصلي في جنيف، وأحرز تقدم كبير خلال ست جولات من المفاوضات، ونتج عنها أربعة نصوص مختلفة تضمنت 1520 صفحة من الاتفاق.

لكن المفاوضات تعثرت فجأة بعد انتخاب رئيسي في حزيران/يونيو 2021، ومنذ ذلك الحين أبلغت إيران أنا ستنحرف أكثر عن الاتفاقية، وتوقفت المحادثات الآن على خلفية إصرار إيران على تقديم الولايات المتحدة ضمانات بأنها لن تتخلى عن الاتفاقية في المستقبل.

تهديد متنامٍ؟

ويتساءل التقرير عن مدى صحة المخاوف بشأن تقدم إيران في التكنولوجيا النووية؟ وينفي وجود دليل على أن إيران قامت بتخصيب بنسبة 90٪ - وهو المستوى المطلوب للأجهزة النووية المتفجرة. ويعتقد محللون مستقلون أن البرنامج النووي الإيراني ليس مكثفاً إلى حد تطوير أسلحة نووية، وأن التخصيب كان حتى الآن أداة ضغط للحصول على تنازلات سياسية واقتصادية.

لكن ذلك قد يتغير هذا، فوفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تمتلك إيران 62.8 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة نقاوة تصل إلى 20٪، و2.4 كيلوغراماً مخصباً بنسبة نقاوة تصل إلى 63٪، ولكن هناك خطوات أخرى كثيرة في عملية بناء جهاز نووي بعد تجميع المواد الانشطارية.

ومع أن إيران نوهت إلى أنها قد تبني مصنعاً لتحويل اليورانيوم إلى معدن، وهو أمر ستحتاجه لبناء نواة سلاح نووي، إلا أن استخدام الوقود النووي بفاعلية في سلاح ما يطرح تحديات تقنية لا يُعتقد أن إيران تتقنها، إذ يتطلب تفجير السلاح رد فعل انشطاري، ويجب إرفاق الشحنة النووية المتفجرة بصاروخ، ولا بد أن تكون الشحنة قادرة على الصمود أثناء عودة دخول الصاروخ عبر الغلاف الجوي للأرض أثناء هبوطه إلى هدفه.

وأوضح الكاتب أن التحذيرات الأخيرة ليست جديدة، ففي عام 2015، قبل تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة، استخدم تقرير قدمه مديرا مشروع ويسكونسن للحد من الأسلحة النووية، فاليري لينكي وجاري ميلهولين، بيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية للزعم بأن بإمكان إيران إنتاج ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لاستعماله على رأس حربي نووي في غضون 1.7 شهراً، لكن من الممكن أن يكون هدف إيران هو الحفاظ على حالة "الكمون النووي"، ما يعني امتلاك القدرة دون تطويرها بالكامل إلى درجة تجميع الرؤوس الحربية النووية، وهذا بحسب ما قاله رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية السابق، ليون بانيتا.

إخلال التوازن

ويؤكد تقرير بلوث أن منح إيران العضوية النووية الكاملة سيعطيها من حيث المبدأ رادعاً هاماً ضد أي هجوم، ولكن قد يكون له عواقب غير مرغوب فيها، كما سيؤدي الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية إلى تقليص التعاون النووي الحالي مع روسيا، والذي تعتمد عليه إيران في محطة بوشهر الكهربائية، لأن روسيا ستنتهك حال حدوث ذلك معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.

إيران منخرطة في صراع عسكري مع قوتين نوويتين على الأقل (إسرائيل والولايات المتحدة) في العراق وسوريا ولبنان وغزة وفي البحر، لكنها تحد من التصعيد بالاعتماد على الوكلاء وتجنب المبالغة في المواجهة مع خصومها. وفي حين انخرطت الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل والسعودية في صراعات إقليمية، قد ينتج عن امتلاك إيران للأسلحة النووية تخفيض القيود من جانب خصومها، ولا سيما إسرائيل والولايات المتحدة.

لكنه قد يؤدي أيضاً إلى دوامة تصعيد إذا لم يعد اللاعبون الإقليميون، أمثال مصر والسعودية، يعتقدون أنه بإمكانهم الاعتماد على ردع الولايات المتحدة، وقرروا تطوير ترساناتهم النووية.

ويختم التقرير بأن وضع الغموض النووي القائم على القدرة الكامنة يمنح إيران مزايا إستراتيجية عبر إنشاء قوة قسرية مع الحد من الرد. وفي الوقت نفسه، يمكنها استغلاله للحصول على تنازلات اقتصادية وسياسية - وهو ما تسعى إليه إيران في المفاوضات النووية. والولايات المتحدة مستعدة فقط لتقديم تنازلات كبيرة لإيران، لكنها في الوقت نفسه ترى أن الاتفاقية هي الوسيلة الفعالة الوحيدة لتقييد برنامج إيران النووي. وهذا يبين أن العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة المعدلة تظل النتيجة الأكثر ترجيحاً في المدى المنظور.

موقع ذا كونفرزيشين