الحرب الأثيوبية تنهش أوصال البلاد

أخبار

الغارديان في الحرب الأثيوبية: من أسوأ إلى أسوأ

11 آب 2021 22:19

تشهد أثيوبيا مأساة نهشت، وما زالت، أوصال البلاد منذ أوائل عام 2020، دون أن يلوح في الأفق أي حل أو تهدئة طويلة للصراع، وفي هذا أعربت صحيفة الغارديان عن قلقها العميق من أن تشهد البلاد ظروفاً أسوأ من التي تشهدها حالياً، ودعت المجتمع الدولي إلى المسارعة في ممارسة الضغوط على جميع الأطراف للوصول إلى اتفاق مناسب، نظراً لحاجة البلاد الماسة إليه.

استغربت الصحيفة في مطلع المقال من أن وقف إطلاق النار يدعو عادة للأمل بجلب الهدوء وربما السلام، إن لم يكن حلاً شاملاً، لكن لم تشهد أثيوبيا حالة استرخاء كهذه، فكما تبع منحُ رئيس الوزراء آبي أحمد جائزةَ نوبل للسلام حربٌ مع جبهة تحرير تيغراي، يبدو أن وقف إطلاق النار سيتبعه زيادة في حدة الصراع، إذ حثّ آبي يوم الثلاثاء جميع المدنيين المؤهلين للانضمام إلى الحرب.

وذكرت أن تسعة أشهر من الصراع أسفرت عن مقتل الآلاف، وشردت عشرات الآلاف، وأوقعت مئات الآلاف في دوامة المجاعة، وشهد الأثيوبيون جرائم حرب ارتكبتها جميع الأطراف، بينها مجازر بالمدنيين وانتشار العنف الجنسي.

ظلت جبهة تحرير تيغراي مسيطرة على السياسة في إثيوبيا لعقود قبل صعود آبي إلى السلطة، وتحول النزاع السياسي – الذي أعلنت فيه قيادة تيغراي الإقليمية والحكومة الفيدرالية أحدهما الآخر غير شرعي - إلى صراع عسكري عندما أعلن آبي شنّ هجوم على جبهة تحرير تيغراي لأنها هاجمت قاعدة عسكرية فيدرالية، وكان يتوقع انتصاراً سريعاً. لكن في حزيران/يونيو، استعادت قوات الجبهة العاصمة الإقليمية ميكيلي، من ثمّ أعلنت الحكومة الفيدرالية وقف إطلاق نار من جانب واحد وسحبت القوات من معظم المنطقة، لكن المساعدات والخدمات ظلّت محجوبة، وأعلن متحدث باسم الحكومة مؤخراً أن قيادة تيغراي ستُطرد "من كل مدينة"، ولم يُسمح بدخول الإمدادات الإنسانية إلا منذ وقت قريب، في انتظار إعادة الكهرباء والاتصالات.

من جانبها، نقلت جبهة تحرير تيغراي الحربَ شرقاً إلى ولاية عفر المجاورة (حيث تأمل –ربما- في قطع طريق تجاري رئيسي) وجنوباً إلى ولاية أمهرة، وترفض الانسحاب، وتقول إنها تسعى إلى استعادة أراضي تيغراي التي احتلتها قوات أمهرة عندما شنت الحكومة الفيدرالية هجومها، لكنها ربما تأمل أيضاً في فتح خط إمداد من السودان. كما اتُهمت الجبهة والقوات المتحالفة معها بشن هجمات على اللاجئين الإريتريين في إثيوبيا، إذ إنّ القوات الحكومية الإريترية قاتلت لصالح آبي.

وحذرت الغارديان من أنه إن لم تكن الخسائر البشرية كافية، يهدد هذا الصراع بتمزيق البلاد، فقيادة تيغراي مصممة على إعادة حدود المنطقة قبل الحرب، بينما لن تتنازل قوات أمهرة عن مطالبتها بالأرض التي استولت عليها، وترغب جبهة تحرير تيغراي أيضاً بإعادة إنشاء خطوط الإمداد الخارجية - التي لا تستطيع الحكومة الفيدرالية تحمل خطر امتلاك الجبهة لها - وتريد الإطاحة بآبي، لكن رئيس الوزراء حقق فوزاً ساحقاً في الانتخابات (وإن كان ذلك في ولاية معارضة جزئياً ودون تصويت في بعض المناطق)، وربما تعزز أعمال الجبهة دعمه.

وفي الوقت نفسه، أدى سلوك القوات الموالية للحكومة إلى تحريض سكان تيغراي على دعم الجبهة، ويرى كثيرون منهم الآن أن هذا كفاح من أجل البقاء، ويشعرون أن الاستقلال هو احتمالهم الوحيد للعيش في سلام، كما أن الصراع أضر بالعلاقات الخارجية أيضاً، إذ سحب السودان سفيره.

وتوقعت الصحيفة أن تشهد البلاد مزيداً من التدهور، ودعت إلى ممارسة ضغط دولي على جميع الأطراف لأنه بات أمراً ضرورياً، وأكدت على وجوب ضمان التدفق غير المعوق للإمدادات الإنسانية والسعي إلى وقف حقيقي لإطلاق النار على رأس الأولويات.

وفي الختام قالت الغارديان: من الصعب أن نرى كيفية الوصول إلى اتفاق مناسب حين يبدو أن كلا الطرفين لا يريدها، بيد أن إثيوبيا والمنطقة بحاجة ماسة إلى اتفاق من هذا النوع.

المصدر: صحيفة الغارديان