نشرت صحيفة "تشاينا ديلي" مقال رأي كتبه الصحافي الصيني تشين ويهوا، تناولت فيه الاتهامات الأمريكية التي تهدف إلى تحريض الأمريكيين على الصين، مشددة على أن الصين لا تسعى لأن تحل محل الولايات المتحدة، ولا تراهن على سقوطها.
التحريض الأمريكي
أوضح الكاتب في مستهل مقاله أنه ليس خافياً على أحد أن السياسيين الأمريكيين يحبون استخدام الخطاب التحريضي ضد الصين في مساعيهم لتنفيذ أجنداتهم المحلية، بالنظر إلى دعم الحزبين للسياسات المعادية للصين، وإلى الانقسام الحزبي الهائل حول معظم القضايا الأخرى، وهذا بالضبط ما فعله وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين عندما تحدث عن تجديد أولويات السياسة الخارجية في سياق الشؤون الداخلية في جامعة ماريلاند يوم الاثنين.
وأكد أن بلينكين عندما ذكر استثمارات الصين الضخمة في البنية التحتية والابتكار، لم يكن يمدح الصين بل كان يشيع الخوف من أن الصين تريد السيطرة على الولايات المتحدة.
ونقل بلينكين عن الرئيس الأمريكي جو بايدن قوله "ليس من الجيد أبداً المراهنة ضد أمريكا، لا في الماضي، ولا اليوم، ولا في المستقبل"، ثم قال بلينكين "ليس خافياً علينا أن حكومتي الصين وروسيا تجادلان سراً وعلانية بأن الولايات المتحدة في طور الانحدار، لذا من الأفضل لك أن تنحاز إلى رؤاهما الاستبدادية عن العالم، لا أن تنحاز إلى رؤانا الديمقراطية".
اتهامات لا أساس لها
ويرد الصحافي الصين على هذه اتهامات بالقول إن لا أساس لها، وغني عن البيان أن بلينكين عاجز عن تقديم دليل لإثبات صحة ما قاله.
ولفت إلى أن الحقيقة التي تلكأ بلينكين عن قولها تتضح في استطلاع حديث أجرته شركة إبسوس التسويقية، إذ جاء فيه أن 55% من المستّطلعين الأمريكيين قالوا إن بلدهم في آيلٌ إلى الانحدار. كما أظهر استطلاع آخر أجرته شركة إبسوس في 2تموز/9 يوليو، أن 55% من الأمريكيين يعتقدون أن الأمور في بلادهم تسير في الاتجاه الخاطئ. لذا ينطبق وصف بلينكين على غالبية مشاعر الأمريكيين، لا على الصين أو روسيا.
وأضاف: إن الحديث عن انحدار الولايات المتحدة الذي سمعته في الصين وأوروبا وأماكن أخرى، كان يُقصد به في أحيان كثيرة انحدارٌ نسبيّ، وهذا أمر صحيح لأن حصة الولايات المتحدة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي (من حيث تعادل القوة الشرائية) بلغت 21% في عام 1980، و20% في عام 2000، و16% في عام 2020، وستمسي أقل من 15%، بحسب قول آرون أونيل، الباحث في شركة "ستاتيستا".
إقرار أمريكي بالانحدار
وحقيقة أن بلينكين أقرّ بأن الصين تُجاري الولايات المتحدة في الاقتصاد والبنية التحتية والابتكار بسرعة، هي اعتراف بالانحدار النسبي للولايات المتحدة، والأمر لا يتعلق بالصين وحدها، بل يتعلق أيضاً بصعود الهند وروسيا وإندونيسيا والبرازيل والمكسيك، والتي ستمسي جميعها من بين أكبر 10 اقتصادات عالمية من حيث الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050، استناداً إلى تقرير صادر عن شركة "برايس ووتر هاوس كوبرس".
ويتفق معظم الخبراء الاقتصاديين على أن الاقتصاد الصيني سيتخطى الاقتصاد الأمريكي في العقد القادم أو نحو ذلك، مع أن صندوق النقد الدولي قال في عام 2014 إن الاقتصاد الصيني أكبر بالفعل من الاقتصاد الأمريكي من حيث الناتج المحلي الإجمالي.
وأوضح ويهوا أن عدد سكان الصين يبلغ 1.4 مليار نسمة، لذا ستظل الصين بعيدة عن الولايات المتحدة والعديد من الدول الغنية الأخرى من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ومعايير التنمية الأخرى، وهذا ينطبق على الاقتصادات الناشئة الأخرى أيضاً.
أمريكا تتبنى أسلوب التنمر
وقال ويهوا: كان الأحرى بالسياسيين الأمريكيين أمثال بلينكين أن يشيدوا بالإنجازات التي حققتها الصين والاقتصادات الناشئة الأخرى في تضييق فجوة الناتج المحلي الإجمالي مع العالم المتقدم.
لكن ما نراه هو أن المسؤولين والمشرعين الأمريكيين يتبنون جميع أساليب التنمر لتقويض تنمية الصين، لا سيما في مجال التكنولوجيا، بما في ذلك قطاع الطاقة الشمسية المهم جداً من حيث التخفيف من آثار تغير المناخ.
ويقول العديد من الخبراء إن إحجام إدارة بايدن عن إلغاء التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة دونالد ترامب على الصادرات الصينية، التي تهدف إلى الإضرار بالصين، هو في الواقع يُضرّ بالاقتصاد المحلي، لذا ليس مستغرباً أن أكثر من 30 مجموعة تجارية أمريكية، من تجار التجزئة إلى صناع الرقائق الإلكتروني وصولاً إلى المزارعين، كتبت في 5 آب/أغسطس رسالة مشتركة إلى الممثلة التجارية الأمريكية كاثرين تاي ووزيرة الخزانة جانيت يلين، طالبت فيها بإلغاء التعريفات لأنها تضر بمصالح العمال الأمريكيين.
وختم الصحافي الصيني مقاله بالتأكيد على أن الصين لا تراهن على الانحدار الكامل للولايات المتحدة، ولا تطمح إلى أن تحل محلها، لذلك لا ينبغي للولايات المتحدة أن تراهن على وقف صعود الصين على أمل أن يؤدي ذلك إلى إبطاء انحدارها النسبي المحتوم.
تشاينا ديلي