استقبل البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي وفداً من قضاء البترون يتقدّمه الوزير والنائب السابق بطرس حرب، وأكد خلال اللقاء على التزام بكركي بقول الحقيقة، وولائها للبنان، ولفت خلال اللقاء إلى أن "من واجب بكركي أن تقول الحقيقة الوطنية وهي لا تدين بالولاء لأحد"، وقال إن من يرفض السيادة وسلطة الجيش هو "ضد طبيعة لبنان"، وأعرب عن أمله بأن تبصر الحكومة الجديدة النور قريباً.
وشدد الراعي خلال كلمته على "الاستمرار في المسيرة الوطنية التي اعتادت عليها البطريركية المارونية، والتي سلكها البطاركة الموارنة من جيل إلى جيل وهي قائمة على قول الحقيقة الوطنية".
وأكد أنه "إذا توقفت بكركي عن هذه الرسالة تكون قد أنكرت ذاتها وتنكّرت لواجبها. إن بكركي تتكلم باسم كل المخلصين للبنان وأنتم منهم، ونحن نتكلم بلغة واحدة لأننا درسنا في كتاب واحد هو كتاب الولاء للبنان وكتاب المواطنة اللبنانية الصادقة والمخلصة. فبكركي لا تدين بالولاء لأحد وليست مأجورة لأحد ولا حسابات أو مساومات لديها مع أحد، وأهمية دور البطريركية هي في قول الحقيقة، فالحقيقة تجمع وتحرر ولو أنها تجرح أحياناً، كما حصل في المرّة الأخيرة وقامت القيامة".
وشبه الراعي الحقيقة بمبضع الطبيب الجرّاح "الذي يجرح ليشفي من العلّة والمرض. فاذا لم نقل الحقيقة نموت بمرضنا، والحقيقة تساعد الجميع وأول من تساعدهم هم من تجرحهم، وحتماً سيدركون عاجلاً أم آجلاً أن قولها كان لمصلحتهم ولخيرهم أولاً. فنحن نتكلّم عن سيادة لبنان، فهل ترفضون سيادة لبنان؟ نحن نتكلّم عن كرامة الجيش اللبناني الذي ترتبط بكرامته كرامة الشعب اللبناني كلّه وقد طالبنا ببسط سلطته على كامل الأراضي اللبنانية، فهل ترفضون ذلك؟ نحن نتكلّم عن انفتاح لبنان على كل الدول وعن حياده عن الصراعات وعدم انحيازه لأي دولة. فاذا كنتم ترفضون كل ذلك فهذا يعني أنكم ضد طبيعة لبنان، ولطالما كانت طبيعته وهويته "الحياد" وقد عاشه ما بين سنة 1920 و1975 وعرف الازدهار والاستقرار والخير، وقد ساهم في ذلك نظام لبنان والتعددية فيه وفصل الدين عن الدولة وعلاقات الصداقة مع كل الدول".
وتابع: "يجب أن نعرف أين تكمن مصلحة وطننا وقد ظهر جلياً أننا تراجعنا وبدأنا بالسقوط يوم ابتعدنا عن سياسة الحياد، ولذلك نحن نطالب اليوم ولخير كل اللبنانيين بدون استثناء وقد طالتهم المصائب بدون استثناء أن نعود إلى سياسة الحياد وعدم الانحياز. فالكل يخسر اليوم والأزمة الاقتصادية والاجتماعية تطال الجميع والهجرة سيدة الموقف".
ونوه إلى أن "من واجبنا قول الحقيقة إذا أردنا أن نكون مواطنين مخلصين للبنان فعلاً، أما إذا كنت يا أخي لا تريد أن تكون مواطناً لبنانياً وولاؤك ليس للبنان، فكيف نتفاهم؟ إن ردّة الفعل السلبية على طروحات وطنية، تسترعي الانتباه وتثير الاستغراب وتعني لا سمح الله أن النوايا الوطنية مختلفة وأننا بتنا لا نتكلّم لغة وطنية واحدة، وأننا على خلاف عميق. فيا أخوة تعالوا نتصارح وتعالوا لنبني الوطن المشترك الذي منه كرامتنا جميعاً والذي لا بديل لنا عنه. إن لبنان الكبير كان ثمرة صمودنا ولو أن الظروف الحالية قاسية جداً فان علينا الصمود مجدداً وذلك يكون بالصبر والتكاتف والتعاون والتضامن كي تعبر الغيمة السوداء ولا بد أن تعبر فأمثولة الأرز كما ذكّرنا قداسة البابا تعلمنا أن الجذور هي ضمانة الشموخ والأرز يقوى في العواصف والثلوج، وبعد ستار الليل سيأتي الفجر".
وأضاف البطريرك الراعي: "نأمل أن تبصر الحكومة الجديدة النور قريباً، والأجواء تدعو إلى التفاؤل بذلك، ومخطئ من يقول إن لا فرق بين وجود حكومة وعدمه لأن الحكومة تبقى هي السلطة الإجرائية في البلاد وبيدها سلطة القرار وعليها واجبات كثيرة تجاه المواطنين الذين يرزحون اليوم تحت عبء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية. فأملنا بحكومة قادرة تباشر بالإصلاحات فوراً وتواجه المسؤوليات المطلوبة للانطلاق مجدداً بورشة إعادة بناء لبنان. فمع الأسف لقد انهارت الأوضاع كثيراً، ولكن ليس علينا سوى إعادة النهوض، فلسنا البلد الوحيد الذي مرّ بصعوبات كهذه، يكفي أن نفكّر بأن لبنان كان زينة البلاد العربية كلها ومن واجبنا وباستطاعتنا أن نعيده كذلك".
المصدر: النهضة نيوز - وكالات