أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في كلمة ألقاها في الجلسة الختامية للاجتماع السنوي الـ 18 لمنتدى فالداي الدولي في مدينة سوتشي، أن الإنسانية دخلت في عهد جديد منذ 3 عقود وبدأ البحث عن توازن جديد وأساس للنظام العالمي، وشدد على أن روسيا لن تسمح بتشويه التاريخ، واتهامها بإشعال فتيل الحرب العالمية الثانية، كما رأى أن هناك أسباب تدعو بشدة للاعتقاد بأن أزمة الغذاء في العالم ستزداد سوءاً.
وقال بوتين "لم يكن من الممكن إيجاد دعم لتوازن جديد في العالم، ولاحظ "الفائزون في أوليمبوس" أن الأرض تنزلق من تحت أقدامهم"، مضيفاً "باتت التغيرات المناخية أمراً عادياً وشاهدنا الفيضانات والحرائق في مختلف أنحاء العالم".
وأكد أن "سكان الدول النامية يفقدون الأمل بالمستقبل وذلك يؤدي إلى زيادة الهجرة.. كان من المفترض أن توحد جائحة كورونا الناس وما حدث العكس؛ زادت حدة الخلافات".
النظام العالمي والرأسمالية
وتحدث بوتين عن النظام العالمي، فقال: "الهيمنة الغربية تتراجع أمام المنظومة المتعددة وهذا أمر جديد في النظام العالمي"، موضحاً أن "الثورة هي السبيل إلى تفاقم الأزمة وليس الخروج منها".
وقال: "في تشكيل نهجنا، سنسترشد بمبادئ المحافظة المعقولة، كان المفروض أن يحدث هذا قبل بضع سنوات، لكن لم تصل الانفعالات في الساحة الدولية إلى حدتها الحالية، بالرغم من أنه يمكننا بالطبع القول إن الغيوم كانت تتكاثف حتى في ذلك الوقت".
وأضاف: "بما أن العالم يمر الآن بانهيار بنيوي، فإن أهمية المحافظة المعقولة كأساس للمسار السياسي قد ازدادت عدة مرات".
وأكد أن "الكفاح من أجل المساواة يتحول إلى دوغمائية تكاد تصبح عبثية، هوليوود تصدر تعليمات حول كيفية صنع فيلم، ما هي الشخصيات العرقية المطلوبة.. من النبل محاربة العنصرية، لكن في الثقافة الجديدة تتحول المسألة إلى الاتجاه المعاكس".
وأردف: "لا تكمن تناقضاتنا مع الغرب الحديث في المستوى الأيديولوجي أو الاقتصادي، بل في المبادئ الأساسية لموقفنا من الحياة نفسها وبنيتها.. وفي كل عام يبتعدون أكثر فأكثر... الجميع يقولون إن النموذج الحالي للرأسمالية، والذي هو اليوم أساس البنية الاجتماعية في الغالبية العظمى من البلدان، قد استنفد نفسه"، مشيراً إلى أن "ما نراه حالياً في سوق الطاقة دليل آخر على فشل الرأسمالية".
تشويه التاريخ
وأكد الرئيس الروسي أن موسكو لن تسمح بتشويه تاريخ الاتحاد السوفيتي، واتهامه بإشعال فتيل الحرب العالمية الثانية، وقال: "من الذي حرر برلين؟ من قام بذلك الأمريكيون أم الإنكليز أم الفرنسيون؟ بل إنه الجيش الأحمر! هل نسوا ذلك؟".
ولفت إلى أن "من الخطأ تلطيخ هذا التاريخ بصبغة سوداء، هذا ضرب من الوقاحة ومن غير اللائق فعله. لدينا أيضاً من يلطخون كل شيء بالطلاء الأسود فقط. لذا فهم يستحقون أن يغرقوا في شيء تفوح منه رائحة كريهة".
وأضاف: "لن نسمح باتهامات مسيسة لا أساس لها من الصحة بأن الاتحاد السوفيتي هو من بدأ الحرب العالمية الثانية".
أزمة الغذاء العالمية
وانتقل بوتين إلى مسألة أزمة الغذاء، فقال: "في عدد من الدول وحتى في مناطق بأكملها، تظهر أزمة غذائية بشكل دوري، ولكن أسباب تدفعنا بشدة للاعتقاد بأن هذه الأزمة ستزداد سوءاً في المستقبل القريب".
وشدد على أن "التشوهات المناخية والتدهور البيئي واضحان، حتى إن أكثر الناس العاديين إهمالاً غير قادرين على تجاهلها".
منظمة الأمم المتحدة
وتطرق الرئيس الروسي إلى موضوع منظمة الأمم المتحدة، فأكد أنها "أهم مؤسسة دولية، وتظل قيمة دائمة للجميع، على الأقل في الوقت الراهن. أعتقد أن الأمم المتحدة في العالم المضطرب الحالي هي التي تحمل النزعة المحافظة على العلاقات الدولية، وهو أمر ضروري للغاية لتطبيع الوضع".
ووفقا لبوتين، تتعرض الأمم المتحدة لانتقادات كثيرة، ويقولون إنها لا تستطيع التكيف بسرعة مع التغيرات السريعة - "هذا أمر منصف في جزء منه، بالطبع"، لافتاً إلى أنه "قد لا يكون هذا خطأ المنظمة نفسها فحسب، بل هو في المقام الأول خطأ أعضائها"، وأكد أن "واجبنا هو الحفاظ على هذا الصرح، من خلال إصلاح المنظمة".
المصدر: النهضة نيوز - وكالات