أخبار

بايدن يعتزم عقد قمتين مزدوجتين وسط توترات واضحة مع الصين

27 تشرين الأول 2021 23:04

وصفت وكالة "أسوشييتد برس" استراتيجية الولايات المتحدة تجاه الصين بأنها "تتعلق بالصين بدون الصين"، وذلك ما بدا برأيها على مدى تسعة أشهر في ظل إدارة الرئيس جو بايدن.

وفيما يتعلق بالأمن والتجارة والمناخ وكوفيد 19، حاول البيت الأبيض في عهد الرئيس الأمريكي جو بايدن إعادة توجيه تركيز الولايات المتحدة وحلفائها نحو التحديات الاستراتيجية التي تفرضها الصين، كل ذلك في وقت لم يشهد الخصمان فيه إلا قليلاً من الاشتباك.

ولفتت الوكالة إلى أن جو بايدن يستعد لعقد قمتين عالميتين لن يجتمع فيهما مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، لكن التوترات والتفاقم بين أكبر اقتصادين في العالم ستكون مع ذلك حاضرة.

ويتوجه بايدن أولاً إلى قمة مجموعة العشرين في روما في نهاية هذا الأسبوع بعد شهور من المفاوضات المتزعزعة بشأن مقترحاته لاستثمار مليارات أخرى في العمال الأمريكيين والصناعات الرئيسية. وروج لهذه السياسات من خلال تقديمها كحل للتهديد الذي تشكله الصين ومن خلال حث بقية العالم على الانضمام إلى قضيته.

بيد أن شي اختار تجاهل مجموعة العشرين - والقمة المقبلة حول المناخ في اسكتلندا – بسبب كوفيد 19، وهو غياب قد يكون الجانب الأهم في الاجتماعين، حيث ينتظر العالم ليرى التزامات الصين.

ومنذ أن تولى منصبه في كانون الثاني/يناير، تحدث بايدن إلى شي مرتين فقط، على الرغم من أنهما اتفقا على الاجتماع تقريباً في وقت ما بحلول نهاية العام.

وسعى الزعيم الأمريكي إلى إعطاء الأولوية لدعم موقع أمريكا المحلي والدولي قبل السعي إلى مواجهة مباشرة مع شي، ولكن يبدو الآن أن ثمة أثر من الأسف لأن الاجتماع لن يجري قريباً.

وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جيك سوليفان، الثلاثاء الماضي: "في عصر المنافسة الشديدة بين الولايات المتحدة والصين، والدبلوماسية المكثفة على أعلى المستويات، تعد الدبلوماسية على مستوى القادة أمراً حيوياً لإدارة هذه العلاقة بفعالية".

وأشارت الوكالة إلى أن بايدن يلمح إلى الصين في كل خطاب يلقيه تقريباً، وهو يستدعي الحاجة إلى مواجهة الصين ومداهنتها في تصريحاته السياسية حول كل شيء، بدءاً من انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان إلى دفعه المستمر لتريليونات الدولارات في البنية التحتية المحلية والإنفاق الاجتماعي.

وقال بايدن هذا الصيف: "في سباق القرن الحادي والعشرين بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية، نحتاج إلى إثبات أن الديمقراطيات يمكنها أن تحقق النتائج". وأشار إلى "الجدل الكبير" حول فعالية الديمقراطيات في وقت سابق من هذا الشهر حيث دعا الكونغرس إلى رفع حد ديون الدولة بسرعة.

وقال بايدن هذا الشهر: "كانت بنيتنا التحتية هي الأفضل في العالم"، بينما كان يقدم فواتير إنفاقه، بحجة أن تمرير أولوياته كان أكثر من مجرد حجة رمزية. وأضاف "اثنتا عشرة دولة أخرى لديها بنية تحتية أفضل منا، والصين لديها قطارات تقطع 230 ميلاً في الساعة لمسافات طويلة".

مع ذلك، قد تعيق المفاوضات العسيرة التي استمرت لأشهر بشأن حزمة الإنفاق، التي تشمل مئات المليارات لمساعدة الولايات المتحدة على الابتعاد عن الوقود الأحفوري، قدرة بايدن على الضغط على الصين لتقديم التزاماتها البيئية.

وحاول بايدن إعادة تركيز أجهزة الحكومة الفيدرالية والتحالفات العالمية، أمثال الناتو، نحو مواجهة بكين، حتى مع تعبير الدبلوماسيين الأوروبيين في كثير من الأحيان عن حيرتهم من تركيز الولايات المتحدة المتزايد على تنافسها مع الصين، إذ إن العديد من الدول الأوروبية استثمرت في البنية التحتية الصينية من خلال "مبادرة الحزام والطريق"، وتكافح الإدارات الأمريكية المتعاقبة لمنع شركة هواوي الصينية من السيطرة على العمود الفقري للبنية التحتية الناشئة للجيل الخامس.

وأكدت الوكالة أن بايدن سيحاول مرة أخرى في مجموعة العشرين الترويج لأجندة "إعادة بناء عالم أفضل"، وهي محاولة من الديمقراطيات المتقدمة لتقديم بديل لمبادرة البنية التحتية الصينية للدول النامية، والتي تقول الولايات المتحدة إنها في غالب الأحيان تكون مصحوبة بشروط مرهقة وقسرية.

كما سيحاول الضغط على الحلفاء الأمريكيين للوفاء بالتزاماتهم العالمية بالتبرع باللقاحات بشكل أسرع، حيث تراقب الولايات المتحدة بحذر الصين تنشر استراتيجية "دبلوماسية اللقاح" الخاصة بكوفيد 19.

وأعطت الولايات المتحدة أولوية للتواصل مع شركائها في الحلف "الرباعي" - الهند واليابان وأستراليا - حيث يحاول بايدن إقناعهم بالتوحد أمام الصين، ولتخفيف خلاف جيوسياسي مع فرنسا حول خطة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لتزويد أستراليا بغواصات تعمل بالطاقة النووية للاستجابة بشكل أفضل لتهديد الصين.

وأطلقت أجهزة المخابرات الأمريكية بتوجيه من بايدن سلسلة من التحقيقات تركز على بكين، إذ اتهم مسؤولون أمريكيون الصين علناً في الأشهر القليلة الماضية بالتحريض على التدخلات الإلكترونية، والنظر في الجهود المبذولة للتدخل في الانتخابات الأمريكية، وحجب المعلومات الهامة حول وباء كوفيد 19، فأثارت هذه المزاعم تنديدات غاضبة من بكين، التي ردت في بعض الأحيان بالإشارة إلى إخفاقات المخابرات الأمريكية السابقة.

وفي حديثه إلى الطلاب في جامعة ستانفورد الأسبوع الماضي، وصف مدير وكالة المخابرات المركزية، وليام بيرنز، الصين بأنها "أكبر تحد جيوسياسي منفرد" تواجهه الولايات المتحدة، وقال إن "المنافسة مع الصين في نظر الولايات المتحدة تنتشر فعلياً عبر كل مجال".

وعلى الجبهة العسكرية، كان أحدث مصدر للقلق الأمريكي هو اختبار سلاح فرط صوتي أجرته الصين مؤخراً، وقال الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، إنه مشابه "لفترة سبوتنيك"، في إشارة إلى إطلاق الاتحاد السوفيتي عام 1957 أول قمر صناعي في العالم، ما فاجأ العالم وغذى المخاوف من تخلف الولايات المتحدة عن الركب من الناحية التكنولوجية.

وعارضت الحكومة الصينية التقارير الإخبارية الغربية حول التجربة، قائلة إنها كانت تعمل على مركبة فضائية قابلة لإعادة الاستخدام، وليس صاروخاً.

وبينما يرى بعضهم نشوب حرب باردة جديدة، فإنها من نواح كثيرة أكثر تعقيداً من المواجهة السوفيتية المستمرة منذ عقود.

وصلت الولايات المتحدة والصين في هذه اللحظة كمنافسين ومشاركين في الاعتماد على بعضهما الآخر، إذ تحتاج الولايات المتحدة إلى التعاون مع الصين لمكافحة تغير المناخ والحد من الطموحات النووية الإيرانية، والاقتصادان متشابكان بشكل وثيق على الرغم من التعريفات الجمركية في عهد ترامب التي أبقى بايدن عليها.

من جانبها، لا تسعى بكين إلى التراجع عن الإجراءات الحمائية فحسب، بل تسعى لجعل الولايات المتحدة تقبل صعود الصين وعدّها نظيراً جيوسياسياً له نفوذه الخاص، لكنهم وجدوا بعض الشبه اللافت للنظر بين بايدن وسلفه، دونالد ترامب، الذي سعى، بطرق مختلفة، بشدة إلى احتواء الأهداف الصينية.

وكالة أسوشييتد برس