أخبار لبنان

صحيفة لبنانية: ابن سلمان قرر خطف الحكومة اللبنانية كما فعل مع سعد الحريري

30 تشرين الأول 2021 10:05

وجدت جريدة "الأخبار" شبهاً بين قرار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أمس الجمعة، سحب السفير السعودي لدى بيروت وطرد السفير اللبناني لدى الرياض ووقف الاستيراد من لبنان، وقراره يوم 4 تشرين الثاني 2017، حين قرر خطف رئيس حكومة لبنان، سعد الحريري، وإجباره على الاستقالة. ورأت أن ابن سلمان قرر أمس خطف الحكومة اللبنانية كاملة، وإجبارها على الركوع أمامه، أو الرحيل، بذريعة تصريحات قالها وزير الإعلام جورج قرداحي، قبل تعيينه وزيراً، انتقد فيها العدوان على اليمن.

وعرضت ردود الفعل في الأوساط السياسية والإعلامية الداخلية، فما إن أعلن النظام السعودي عن قراره، حتى خرجت وسائل الإعلام نفسها، والسياسيون أنفسهم، ليغطّوا ما وصفته "جنون" ابن سلمان وقراره بالضغط على لبنان ودفعه إلى الخضوع.

على سبيل المثال، انبرى رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع ناقلاً للبنانيين عن السفير السعودي، الذي زاره قبيل مغادرته، تهديداً واضحاً: "هناك أزمة متدحرجة كبيرة جداً بين دول الخليج والحكومة اللبنانية. إن الأكثرية الحكومية الحالية مدعوّة إلى اتخاذ قرار سريع وحاسم وواضح لتجنيب الشعب اللبناني مزيداً من المآسي". فيما كان النائب السابق وليد جنبلاط أكثر وضوحاً من جعجع، لجهة مطالبته بإقالة "هذا الوزير الذي سيدمّر علاقاتنا مع الخليج".

ونقلت "الأخبار" عن مصادر على صلة بالنظام السعودي تأكيداً بأن الرياض تريد إسقاط حكومة نجيب ميقاتي، فإما أن يخضع الأخير وحكومته، مع ما يعنيه ذلك من فتح باب للتنازلات التي لن تقف عند حد، وإما أن يستقيل. واعتبرت أن الموقف السعودي المستجد اتَّخذ من تصريحات قالها الوزير قرداحي، قبل تأليف الحكومة، ذريعة للانقضاض على لبنان، بسبب فشل قوات ابن سلمان في اليمن، وتحديداً في معركة مأرب.

ووجدت أن الحكومة السعودية كررت في بيانها ما عدّته "أكاذيب" عن عدم تعاون لبنان معها في مجال مكافحة المخدرات، رغم أن غالبية عمليات ضبط المخدرات في الموانئ السعودية تتم بناءً على معلومات من الأجهزة الأمنية اللبنانية. لكن أهم ما في البيان هو تكرار الحديث عن حزب الله و"سيطرته" على لبنان، و"توفير الدعم والتدريب لميليشيا الحوثي الإرهابية".

وتوقعت أن تحذو دول خليجية حذو السعودية في التصعيد في لبنان، وكان أولها، في نظر الصحيفة، البحرين التي نسخت ليلاً إجراءات الرياض (طرد السفير اللبناني). وفيما تردّد أن قطر وعُمان لن تجاريا السعودية، قررت الرياض إجراء سلسلة اتصالات مع دول عربية أخرى في محاولة لاتخاذ قرار في الجامعة العربية ضد لبنان!

ووصفت الصحيفة ما جرى بأنه "مغامرة جديدة" لابن سلمان، إلا إذا قررت الولايات المتحدة وفرنسا تبنّيه. وفي تلك الحالة، سيكون لبنان أمام قرار كبير بجرّه إلى الفوضى الشاملة، وهو ما يدعم حجّة المقتنعين به قرارُ العقوبات الأمريكي الذي صدر أول من أمس بحق النائب جميل السيد ورجلَي الأعمال جهاد العرب وداني خوري. لكن المعلومات التي توفرت أمس أشارت إلى اتصالات أمريكية وفرنسية بميقاتي، لحضّه على عدم الاستقالة، مع "وجوب معالجة المشكلة المستجدة مع السعودية".

سارع ميقاتي إلى الاتصال برئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وبعد بيان عبّر فيه عن أسفه للقرار السعودي، أجرى اتصالاً بالوزير قرداحي "وطلب منه تقدير المصلحة الوطنية واتخاذ القرار المناسب لإعادة إصلاح علاقات لبنان العربية"، بحسب بيان صادر عن رئاسة الحكومة.

ورأت "الأخبار في ثنايا هذا البيان تشجيعاً من ميقاتي لقرداحي على الاستقالة. وقبل ذلك، كان حزب الله قد أبلغ رئيس الحكومة بأن أيّ مسعى لإقالة وزير الإعلام في مجلس الوزراء (يحتاج هذا القرار إلى ثلثَي أعضاء الحكومة) يعني استقالة وزراء الحزب. وجرت محاولات للضغط على النائب السابق سليمان فرنجية، كونه سمّى قرداحي للوزارة، إلا أن رئيس "المردة" رفض الضغط على الوزير ودفعه إلى الاستقالة، وأبلغه أمس أنه ينتظر موقفه ويدعمه مهما كان هذا الموقف. وفي انتظار ما سيقرره وزير الإعلام، قرر رئيس الحكومة عدم قطع زيارته لإسكتلندا، حيث يشارك في مؤتمر الأمم المتحدة لتغيّر المناخ.

ونقلت عن مصادر على تواصل مع السلطات السعودية قولها إن الرياض أبلغت حلفاء لها في لبنان منذ أول من أمس أنها بصدد خطوات تصعيدية ضد لبنان. وبموازاة ذلك، أعرب السعوديون عن "خيبتهم" من اقتصار ردود الفعل على كلام قرداحي على بيانات استنكار، وسط توقعات بأن يبادر وزراء محسوبون على تيار المستقبل والحزب الاشتراكي إلى الاستقالة من الحكومة، كذلك حصول تحركات شعبية في عدد من المناطق اللبنانية استنكاراً لما أدلى به قرداحي.

ولفتت المصادر إلى أن السعودية التي سمعت طلبات بالتروّي من قطر والكويت، سارعت إلى المباشرة بخطواتها وأنها تنتظر إجراءات مماثلة في وقت قريب من الآخرين، وخصوصاً الإمارات التي لم تعلن أي إجراء حتى لحظته.

وبدا للصحيفة أن السعودية تتصرف بغضب شديد، وقال المتصلون إن الدبلوماسية السعودية تتحدث عن فشل في المفاوضات الإيرانية ــــ السعودية حول العراق واليمن ولبنان. وإن الرياض سعت مع دمشق من خلال الجانب الإماراتي للقيام بدور في ملف اليمن وفي ملف لبنان أيضاً، مقابل أن تساعد الرياض على إعادة سوريا إلى الجامعة العربية والتواصل مع الأوروبيين والأمريكيين لفتح باب المساعدات في عملية إعادة الإعمار.

أما بشأن الموقف من الحلفاء في لبنان، فإن الجانب السعودي تعمّد أن تقتصر زيارات السفير على جعجع دون غيره من القيادات البارزة، وإنه عبّر بوضوح عن استمرار القطيعة مع الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل، وإن الرياض لن تطلب من الأخير أي خطوة "وهو يعرف ما يجب القيام به".

جريدة الأخبار