أخبار لبنان

"الجمهورية" تقدم صورة سوداوية حيال الأوضاع الداخلية بالرغم من تطمينات ميقاتي بانعقاد الحكومة

20 تشرين الثاني 2021 07:14

نقلت "الجمهورية" عن مصادر مواكبة لحركة الاتصالات الحكومية أنّ مناخ المشاورات الجارية يشي بإيجابيّة تؤشر إلى إمكان أن يشهد الأسبوع المقبل ترجمة عملية لإنضاج مخرج يعيد إطلاق عجلة الحكومة، والذي يفترض أن يعالج سبب مقاطعة ثنائي حركة "أمل" و"حزب الله" لجلسات مجلس الوزراء احتجاجاً على ما يعتبران أنه تسييس التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، وأداء المحقق العدلي القاضي طارق البيطار.

وألمحت المصادر إلى أن أكثر المخارج قابلية للعمل بها، هي الصيغة التي جرى التوافق عليها بين البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، والتي تقوم على قاعدة الالتزام بالقواعد القانونية والدستورية، وتأكيد محاكمة الرؤساء والوزراء أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

وأما في ما خصّ عقدة وزير الإعلام جورج قرداحي فقالت المصادر إن هذه العقدة ما زالت مُحكمة، في انتظار ما ستسفر عنه المشاورات الجارية حول هذا الشأن.

انعقاد الحكومة

وذكرت الصحيفة أن هناك فرصة للقاء ثلاثي بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي الإثنين القادم، الذي يصادف عيد الاستقلال، لبحث ما استجد سياسياً وحكومياً وقضائياً وخليجياً، كما أن الرئيس ميقاتي ضخ جرعة تفاؤل، بإعلانه من مقر الاتحاد العمالي العام أمس، أنه سيدعو قريباً إلى جلسة لمجلس الوزراء. حيث بات هناك أكثر من 100 بند على جدول أعمال مجلس الوزراء، ما يقتضي الدعوة إلى عقد جلسة قريباً لتسيير أمور الدولة، إضافة إلى ضرورة الإسراع في إقرار الموازنة العامة وإحالتها إلى مجلس النواب لدرسها وإقرارها بالتوازي مع إقرار الإصلاحات المطلوبة لمواكبة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي".

وأبلغ ميقاتي رئيس الجمهورية بذلك خلال اجتماعهما صباح أمس، كذلك تناول البحث العلاقات اللبنانية - الخليجية والعمل القائم على أكثر من صعيد من أجل معالجتها انطلاقاً من حرص لبنان على إقامة أفضل العلاقات بينه وبين الدول العربية الشقيقة عموماً، والسعودية ودول الخليج خصوصاً.

لا بد من حل!

وعلى الصعيد نفسه، نقلت "الجمهورية" عن مرجع مسؤول قوله: إنه بصرف النظر عن أسباب الأزمة بين لبنان والسعودية وسائر دول الخليج، لا بد من إيجاد علاج سريع لهذه الأزمة. وبعيداً عن المناظرات والشعارات والحدة في التصريحات، فإن لبنان لا يستطيع أن يتنفس من دون الرئة الخليجية، والتي يثبت للقاصي والداني أن من دونها يختنق لبنان.

وأضاف: كلما طال أمد الأزمة، تفاعلت مخاطرها وتعقدت، فتأثيرات الأزمة مع السعودية ودول الخليج شديدة السلبية على لبنان وتشمل جميع اللبنانيين، مؤكداً حرص لبنان على علاقة أخوية وثيقة مع دول الخليج التي لا يمكن للبنان أن يكون على خصومة معها، وخارج الحضانة العربية له وخصوصاً الحضانة الخليجية، ومن هنا لا بد من حل سريع لهذه الأزمة بحوار صادق يعالج أسبابها ويزيل كل الشوائب التي تعتري هذه العلاقة، وتعيدها إلى سابق عهدها من مودة وإخاء، فقدر لبنان أن يكون مع كل أشقائه وليس خارجهم، وكما أن واجب جسر العلاقة يقع على أشقاء لبنان، فهو واجب وأولوية للحكومة اللبنانية التي عليها أن تقوم بما عليها في هذا الاتجاه.

وتابع: إن سبب مفاقمة هذه الأزمة وتعميقها هو الانقسام الداخلي وإصرار بعض القوى السياسية على صَب الزيت على النار بمواقف سلبية وشعبوية من هنا وهناك لا تخدم مصلحة لبنان.

خسارة لبنان لأشقائه

وأكدت مصادر سياسية مسؤولة للصحيفة أن "ما يوجب على المستوى السياسي في لبنان إعادة إطلاق العجلة الحكومية، هو التقارير الخارجية لعربية والدولية التي ترد، وتعكس القلق البالغ على لبنان، والخشية عليه من احتمالات صعبة".

وكشفت المصادر عن تحذيرات عربية صديقة نقلت إلى المسؤولين في لبنان، مبنية على معطيات شديدة السلبية تحيط بمستقبل هذا البلد واستمراره. ونقلت عن سفير دولة عربية كبرى قوله: لقد عبرنا أمام الأشقاء في لبنان عن خوفنا من أن نخسره، وهذا يضع كل المسؤولين في الدولة كما سائر السياسيين، أمام مسؤولية عدم الاستغراق، كما هو حالهم اليوم، في خلافات سياسية سطحية، وتجاهل تفاقم الأزمة، الذي ينذر بأخذ لبنان إلى أزمة علاجاتها مستحيلة".

ورأى السفير "أن الوقت لم يفت بعد لوضع لبنان على سكة الخروج من الأزمة، وهذا يقتضي بالدرجة الأولى صياغة تهدئة سياسية داخلية تقوم على مراعاة مصلحة لبنان بالدرجة الأولى، تواكبها إعادة إطلاق عمل الحكومة، الذي تأتى من تعطيله الضرر البالغ على لبنان".

سوداوية

وتتقاطع ما وصفتها "الجمهورية" بـ "الصورة السوداوية" حيال الوضع الداخلي مع "خلاصة تقديرية" وصفت بغير المطمئنة أعدتها جهات سياسية بالتعاون مع خبراء اقتصاديين وماليين، وجاء فيها:

أولاً، أزمة لبنان آخذة بالتفاقم أكثر فأكثر داخلياً، ومعدل الفقر في لبنان بلغ مستويات مُرعبة ويوشك أن يتخطّى عتبة التسعين في المئة من اللبنانيين.

ثانياً، إن عوامل التفاقم للأزمة عائدة بشكل مباشر إلى المنازعات السياسية، إضافة إلى الانكشاف السياسي وتعطّل الحكومة وغياب خطواتها وخططها الإنقاذية الطارئة، وكذلك افتقاد لبنان إلى الدعم المباشر من قبل الدول الصديقة والشقيقة. بما يعني أن لبنان وحده في أزمته. وما يزيد من مخاطرها الآنية والمستقبلية، هو ضرب العلاقة مع السعودية ودول الخليج التي لا حصر لسلبياتها وضررها على الاقتصاد اللبناني كما على الآلاف من اللبنانيين المنتشرين في دول الخليج.

ثالثاً، إنّ ما يواجه لبنان، ليس مجرّد أزمة سياسية واقتصادية، وإنما أزمة كيانية. فلبنان حالياً يخوض مخاضاً عسيراً ليس إلى حل يضعه على سكة الخروج من أزمته، بل مخاض للانتقال إلى أزمة أكبر. خصوصاً أن المؤشرات الاقتصادية والمالية وانهيار العملة الوطنية وتسارع ارتفاع الدولار بشكل متفلّت نحو سقوف خيالية، كل ذلك يَشي بإقبال لبنان على ظروف صادمة من حيث تأثيراتها الكارثية على الاقتصاد اللبناني، وكذلك من حيث قساوتها على الشعب اللبناني بكل فئاته.

رابعاً، إن القلة القليلة من المؤسسات التي ما زالت عاملة، برغم الضغوط الهائلة التي تتعرض لها، والأكلاف الهائلة التي تتكبدها، تآكلت عوامل صمودها وينتظرها مصير سوداوي حيث لم تعد قادرة على الاستمرار، وباتت على مسافة زمن قصير من الإقفال.

خامساً، في موازاة هذه الأزمة، إن الطاقم السياسي أثبت قصوراً وتقصيراً مفجعاً في مقاربة علاجاتها واحتواء تفاعلاها، بل أكثر من ذلك، انقاد هذا الطاقم وما يزال منقاداً لمنطق التضحية بكل شيء خدمة لمصالح شخصية، والتعالي على مأساة لبنان وآلام اللبنانيين، ورفض تقديم التنازلات التي باتت أكثر من واجبة لإطلاق عمل الحكومة التي يرى العالم بأسره أنها تمتلك القدرة على توفير العلاجات ولو بحدها الأدنى. وتبعاً لذلك فإن الأمور في لبنان تسير نحو لحظة ارتطام، التي يبدو أنها لن تتأخر كثيراً طالما أن لبنان واللبنانيين باتوا عالقين في قبضة سياسية تحرّكها الأهواء الخاصة، فلا يهمها جائع، ولا مريض ولا معوز إلا بقدر ما يمكن أن تستثمر على مأساته لغايات مصلحية وحسابات سياسية وحزبية.

وتنتهي هذه الخلاصة إلى التنويه بأن لحظة الارتطام المنتظرة لن تشبه ما سبقها، حيث لن يسلم أحد من غضب الجائعين ولن يكون في مقدور أحد أن يوقف خروجاً فوضوياً لفئات شعبية لم يعد لديها ما تخسره سوى غضبها الذي ستوجهه حتما ضد من تسببوا بإفقارهم ووجعهم وبويلات هذا الوطن.

الموقف الفرنسي

ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسيّة قولها: إنّ باريس تنظر بكثير من الريبة إلى استمرار تعطيل عمل الحكومة في لبنان، وهو أمر يعكس إرادة بعض الأطراف في منع إجراء الإصلاحات التي من شأنها أن تساعد لبنان على تخطّي أزمته الصّعبة".

وأكدت المصادر أنها لا تمتلك أي معلومات عما إذا كانت في أجندة الإدارة الفرنسية أي برنامج لزيارة لموفد فرنسي إلى بيروت، أقلّه حتى الآن، إلا أنها لفتت الانتباه إلى أن الاتصالات بين باريس وبيروت متواصلة عبر قنوات دبلوماسية وغير دبلوماسية، أما إيفاد موفد فرنسي إلى بيروت، فهذا الاحتمال يبقى وارداً في أي لحظة.

وأضافت: إن إدارة الرئيس إيمانويل ماكرون ملتزمة بدعم الشعب اللبناني وتمكينه من تخطي الأزمة الصعبة، وكذلك بدعم الحكومة اللبنانية للقيام بمهمتها والقيام بالإصلاحات الضرورية الفورية التي تشكل السبيل الوحيد لخروج لبنان من الأزمة ووصول مساعدات المجتمع الدولي إلى لبنان، وهذا ما أبلغه الرئيس ماكرون إلى رئيس الحكومة في لبنان نجيب ميقاتي.

وحول الانتخابات قالت المصادر: باريس مطمئنة لإجراء الانتخابات في موعدها، وقد تلقت تأكيدات وتعهدات من الحكومة اللبنانية بإجرائها في موعدها، وهي تثق بما قاله الرئيس نجيب ميقاتي في هذا السياق... إلا أنّ مسؤولاً أممياً نقل إلى مسؤولين لبنانيين تخوّفاً من التقارير التي ترخي ظلالاً من الشك حول مصير الانتخابات النيابية في لبنان.

وبحسب مصادر موثوقة، فإن المسؤول الأممي عكس خشية من أن تكون التطورات التي تتوالى بوتيرة سريعة في لبنان خلال هذه الفترة، تحجب محاولات جادة لتعطيل الانتخابات النيابية في لبنان. وعلى رغم التأكيدات التي تلقاها المجتمع الدولي بأن الاستحقاق الانتخابي سيجري في موعده المحدد، دعا المسؤول الأممي إلى التنبه من المحاولات التعطيلية لهذا الاستحقاق. وقال: تعطيل الانتخابات أمر شديد الخطورة ولا يشكل فقط استهدافاً للشعب اللبناني ومفاقمة لمعاناته، بل هو يشكل تحدياً للمجتمع الدولي الذي يرغب في أن يرى الشعب اللبناني يعبّر عن إرادته وتطلعاته إلى التغيير، وهذا ما نؤكد عليه لجميع الأطراف في لبنان.

وأضاف: لا نستطيع أن نقدر ما ستكون عليه صورة لبنان إن تعطلت الانتخابات النيابية، ولكن بلا أدنى شك فإن المعطلين سيكونون في عزلة دولية خانقة، ولن يكونوا جميعهم بمنأى عن مواجهة عقوبات شديدة القساوة لم يسبق لها مثيل من قبل.

صحيفة الجمهورية