أخبار لبنان

"الجمهورية": بري اكتفى بنتيجة الطعن البرتقالي وشعر أن من واجبات المنتصر استيعاب انفعالات الطرف الآخر

31 كانون الأول 2021 07:45

لفتت صحيفة "الجمهورية" أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري يتفادى التعليق المباشر على "النكسة" التي أصابت "التيار الوطني الحر" وما تلتها من ردود فعل حادّة ضدّ "الثنائي"، وصولًا إلى خطاب الرئيس ميشال عون، وذلك منذ أجهض "لاقرار" المجلس الدستوري الطعن البرتقالي في تعديلات قانون الانتخاب، مضيفة أن هذا الصمت الطوعي والموضعي لا يعني أن ليس لديه ما يبوح به لو حكى.

ورأت الصحيفة أن بري شعر بما أسمته "الاكتفاء السياسي" من النتيجة التي انتهى إليها الطعن البرتقالي، واعتبر أنّها الردّ الأبلغ والأفضل على الاتهامات والحملات الموجّهة ضدّه، وبالتالي، لم يجد أنّ هناك حاجة إلى أي إضافة، بل أوحى أنّ من واجبات "المنتصر" استيعاب انفعالات الطرف الآخر وليس مبادلته بالمثل.

لكن صمت بري الرسمي لا يُلزم المتحمّسين له ممن يعتبرون أنّ ما ينطبق عليه لا ينسحب بالضرورة عليهم، إذ إن الأمر في نظر هؤلاء، بحسب ما لفتت إليه "الجمهورية"، هو أن التيار لا ينبغي أن يكون ناقماً على بري أو متفاجئاً به بسبب معارضته للعهد عند مفاصل معينة، "إذ إنّ الرجل بقي منسجماً في سلوكه السياسي مع نفسه وموقفه الأصلي المعترض منذ البداية على مبدأ إيصال عون إلى رئاسة الجمهورية، ليس رفضاً لشخصه الذي يكنّ له كل احترام، وإنما معارضةً لسياساته التي لا تراعي في كثير من الأحيان التوازنات الداخلية".

وقالت الصحيفة: امتداداً لـ "الرواية المضادة"، هناك من يلفت إلى أنّ بري كان يعتبر من الأساس أنّ رئيسين للجمهورية جرى انتخابهما في تشرين الأول 2016 هما ميشال عون وجبران باسيل، وأنّ من شأن ذلك أن ينعكس سلباً على العهد والبلد، وقد أتت التطورات اللاحقة لتثبت، في رأي أنصار بري، صوابية تحذيره المبكر "بعدما تبيّن أنّ باسيل يفرض إيقاعه وحساباته على كثير من شؤون القصر وقراراته".

وتضيف "الرواية المضادة" بأنّ العهد هو الذي أساء إلى موقعه ودوره أكثر مما فعل أي من خصومه، "إذ لجأ إلى إقصاء الآخرين وتهميشهم تباعاً، بحيث يكاد لا يبقى له حليف أساسي واحد في العام الأخير من الولاية الرئاسية، وحتى "حزب الله" نفسه لم ينج من النيران الصديقة"، يقول معارضو عون وباسيل.

ونقلت "الجمهورية" عن هؤلاء قولهم: إنّ "نزعة التسلّط والاستئثار عكستها بوضوح التسوية الرئاسية بين عون - باسيل وسعد الحريري، والتي حاول عبرها العهد أن يستبعد الشركاء المفترضين في السلطة، آملاً في أنّ هذه التسوية التي استندت إلى المحاصصة الفاقعة، ستسمح له بتحقيق المكاسب والمنافع، ولو على حساب التوازنات والمعادلات الداخلية المرهفة، فكانت النتيجة في نهاية المطاف أنّ هذه الصيغة الهجينة انفجرت من داخلها، لأنّ العهد والتيار لم يتحمّلا الحريري وانقلبا عليه، وكذلك تصرّفا حيال سليمان فرنجية الذي افترقا عنه، واتفاق معراب الذي سقط بدوره، وهذا ما يحاولان فعله أيضاً مع "حزب الله" حالياً على رغم كل قدّمه منذ توقيع تفاهم مار مخايل".

وفي ما خصّ اتهام بري بأنّه جزء أساسي من "المنظومة" ورافعتها السياسية، فإنّ أنصار رئيس حركة "أمل" يردّون عليه بالإشارة إلى أنّ المشكلة الجوهرية تكمن في النظام الطائفي الذي يفرض قواعده على الجميع "وهو شرّ لا بدّ منه إلى أن يتمّ الانتقال نحو الدولة المدنية المرتكزة على المواطنة والتي ينادي بها بري دائماً، وحتى ذلك الحين فإنّه لن يتنازل عن أي من الحقوق المكتسبة تحت سقف هذا النظام، وهو صاحب الشعار الصريح المعروف: إلغاء الطائفية والّا عالسكين يا بطيخ".

ويضيفون: "أما مصطلح المنظومة فيُراد منه تشويه حقيقة أنّ هناك قوى وازنة منتخبة شعبياً، وتملك حيثية تمثيلية تمنحها الشرعية والمشروعية اللتين صنعتهما الانتخابات النيابية ولا تنزعهما سوى الانتخابات حصراً وليس الأحكام السياسية".

ولعلّ أكثر ما يستغربه "الحركيون" هو تحميل رئيسهم مسؤولية التعطيل، في حين أنّ التيار هو بالنسبة إليهم "صاحب اختصاص في هذا المجال من استحقاقات رئاسة الجمهورية إلى الحكومات المتعاقبة، ولذلك، فإنّ من كان منزله من زجاج عليه أن لا يرشق الآخرين بالحجارة".

ومع ذلك كله، فإنّ المتحمسين لبري يشدّدون على أنّه سعى، ولا يزال، إلى تنظيم الخلاف مع عون وحصر كلفته على المؤسسات والبلد، مشيرين إلى أنّ رئيس مجلس النواب تحمّل الكثير في هذا السياق وتجاوز الإساءات الشخصية بغية منع انهيار العلاقة بالكامل مع عون والتيار، ولاقتناعه بأنّه يجب فصل العواطف الشخصية عن الشأن العام، وبالتالي حتى عندما اتهمه باسيل بالبلطجة من خلال التسريب الصوتي الشهير، قرّر أن يغض الطرف وعاود استقباله في عين التينة، محاولاً إيجاد تقاطعات معه، "ذلك أنّه لا مفرّ في نهاية المطاف من إعادة مدّ الجسور، مهما اشتدت الخلافات".

صحيفة الجمهورية