حقل مغناطيسي هائل حطم الأرقام القياسية

علوم

فلكيون يكتشفون حقلاً مغناطيسياً هائلاً في الفضاء

15 تموز 2022 21:15

في أقاصي مجرة درب التبانة، على بعد نحو 22000 سنة ضوئية من الأرض، نجمٌ لا يشبه أي نجم آخر، لديه قوة مغناطيسية تتفوق على أي شيء رآه علماء الفيزياء قطّ.

بكثافة تدفق مغناطيسي تصل إلى 1.6 مليار تسلا، حطم نجم نابض اسمه "Swift J0243.6+6124" الرقم القياسي السابق الذي بلغ 1 مليار تسلا. واكتشف هذا النجم حول النجمين النابضين المسميين "GRO J1008-57" و"1A 0535 + 262".

الفيزياء التي مكنت الوصول إلى هذه القوة الهائلة

وبغية الإيضاح، يبلغ متوسط قوة مغناطيس الثلاجة الحديث نحو 0.001 تسلا. واستطاعت أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي الأكثر قوة الوصول إلى نحو 3 تسلا.

وقبل بضع سنوات، نجح المهندسون في الوصول إلى قوة مغناطيسية تبلغ 1200 تسلا، حافظوا على استمرارها لبرهة قصيرة جداً بلغت 100 ميكروثانية فقط.

لذلك من المنطقي أن يتطلب الوصول إلى 1.6 مليار تسلا نوعاً مذهلاً من الفيزياء، نوعاً لا يمكن تحقيقه إلا من خلال أجسام ضخمة محشورة في أحجام هائلة جداً وتدور بسرعات لا تصدق، كافية إيصال الإلكترونات إلى سرعات غير معقولة.

مرصد الأشعة السينية الصيني

وعدّ النجم "Swift J0243.6+6124" نجماً يستحق الاهتمام. وهذا النجم من نوع النجوم النابضة، التي يعرف أنها نجوم ثقيلة جداً وفائقة الصغر، وهي مصدر الأشعة السينية الوحيد في مجرتنا الذي يقع في فئة فائقة الإضاءة.

كما أن هذا النجم المثال الوحيد في مجرة درب التبانة عن نجم نابض يصدر أشعة سينية مع نجم مرافق يغذيه بالسرعة الكافية لتوليد انفجارات إشعاعية من المادة من قطبيه.

وهذه الميزات وحدها فرصة فريدة تجعل علماء الفلك يندفعون بحماس لدراستها بالتفصيل. لكن قياس المجال المغناطيسي لجسم بعيد يسهل قوله ويصعب فعله. فعلى الرغم من قوته، تضعف هذه الحقول بسرعة إلى أن تصبح غير قابلة للكشف على بعد مسافات تصل إلى آلاف السنين الضوئية.

لحسن الحظ، يمكن العثور على أدلة في الطريقة التي يتشتت بها الوهج شديد السطوع للأشعة السينية عبر الإلكترونات المنطلقة، وهو ما يُعرف بخاصية تشتت الرنين السيكلوتروني.

ويتيح إنشاء الصين لمرصد الأشعة السينية Insight-HXMT في عام 2017 لعلماء الفيزياء الفلكية طريقة لالتقاط مثل هذه الإشارات في الانبعاثات البعيدة، ما يسمح بقياس طاقات الإلكترون في حقل النجم GRO J1008-57 في عام 2020.

ولحسن الحظ أيضاً، أدى نشاط "Swift J0243.6+6124" الكبير بعد إطلاق Insight-HXMT إلى توفير لمحة عن مجاله المغناطيسي عالي القوة، مع ميزة تشتت رنين السيكلوترون المدفونة في طيف الأشعة السينية الخاص بها.

وقام باحثون من الأكاديمية الصينية للعلوم وجامعة صن يات سين في الصين، وجامعة توبنغن في ألمانيا، بتحليل هذه الميزة لاحقاً لحساب طاقة إلكتروناته لتصل إلى ذروتها عند 146 كيلو إلكترون فولت.

انتصار كبير للعلماء

ونظراً لأن هذا النجم هو النجم النابض الوحيد للأشعة السينية فائق الإنارة في مجرتنا، فإن وجود قياس دقيق في مجاله المغناطيسي يمنح علماء الفلك فكرة أفضل عما قد يحدث بالقرب من سطحه.

والنجوم النابضة هي نجوم نيوترونية تتكون من ذرات مضغوطة بشدة في تكوينات أبعد من أي شيء يمكننا إنشاؤه على الأرض. وتساعد خصائصها المغناطيسية في استبعاد أو دعم النماذج المختلفة التي تشرح الطريقة التي تتصرف بها قشرتها شديدة الصغر.

وتؤكد طبيعة مغناطيسية النجم النيوتروني احتمالية أن يكون مجاله معقداً، ويتكون من أقطاب متعددة.

هذا انتصار كبير لعلماء الفيزياء الفلكية الحريصين على فهم ألغاز بعض أكثر الأجسام غرابة في الفضاء، أما بالنسبة لبقيتنا، يكفي مجرد محاولة تخيل مغناطيس قوته تسلا 1.6 مليار عالق على باب ثلاجتنا.

sciencealert