اكتشاف الثقوب السوداء ليس بالأمر السهل، إذ لا شيء بإمكانه أن يفلت منها حتى الضوء، وهذا سبب سوادها وصعوبة رصدها. لذلك تعين على علماء الفلك إيجاد طرق أخرى للعثور عليها. وإحدى الطرق هي رصد موجات الجاذبية عندما تندمج إحداها مع أخرى. أو عن طريق انبعاث الأشعة السينية القوي عندما تلتهم أي شيء. لكن هذا يعني أن العثور على الثقوب السوداء الخاملة أمر صعب للغاية، لذا فإن العثور على إحداها في المجرة المجاورة اليوم هو بالتأكيد أمر يدعو للاحتفال.
طريقة رصد الثقب الأسود الخامل
نظر فريق من علماء الفلك إلى نحو 1000 نجم في سديم الرتيلاء الذي يقع في سحابة ماجلان الكبيرة، أكبر مجرة مرافقة لمجرة درب التبانة. وكان هناك من بين هذه الأجسام الثقب الأسود النجمي VFTS 243 الذي تتوافق بيانات رصده مع صفات ثقب أسود لديه تسعة كتل شمسية تدور حول نجم أزرق حار أثقل منها بثلاث مرات تقريباً.
جاء هذا الاكتشاف، الذي نُشر في مجلة نيتشر أسترونومي [Nature Astronomy]، على يد فريق قضى عدة سنوات في استبعاد أجسام كانت مرشحة لأن تكون ثقوباً سوداء خاملة. لذا تعاملوا مع ما رصدوه بعين الشك. ففي النهاية، قد تكون هناك تفسيرات أخرى تناسب بيانات الرصد هذه عندما يبعد الجسم المرصود نحو 160 ألف سنة ضوئية.
وقال رئيس فريق الدراسة تومر شنار من جامعة أمستردام في بيان: "بصفتي باحثاً كشف زيف الثقوب السوداء المحتملة في السنوات الأخيرة، راودني شك كبير تجاه هذا الاكتشاف".
وأوضح المؤلف المشارك في الورقة البحثية كريم البدري من مركز الفيزياء الفلكية | هارفارد وسميثسونيان: "عندما طلب مني تومر التحقق من النتائج التي توصل إليها، راودتني الشكوك، لكنني لم أجد تفسيراً مقنعاً للبيانات التي لا ترتبط بالثقوب السوداء".
كيف يتشكل الثقب الأسود
تتشكل الثقوب السوداء ذات الكتلة النجمية مثل هذا الثقب الأسود المرصود في نهاية حياة نجم ضخم، ويتشكل العديد منها بعد أن يتحول النجم إلى مستعر أعظم (سوبر نوفا)، ما يؤدي إلى قذف بعض المواد النجمية في الفضاء بين النجوم. لكن الأمر لا ينطبق على الثقب الأسود المرصود، إذ يظن الفريق أنه تشكل بطريقة خاصة.
وأضاف شنار: "يبدو أن النجم الذي شكل الثقب الأسود VFTS 243 قد انهار تماماً، من دون أن يترك علامة على حدوث انفجار سابق. وظهرت أدلة على سيناريو ‘الانهيار المباشر’ هذا مؤخراً، ولكن يمكن القول إن دراستنا توفر أحد أكثر المؤشرات صواباً. ولهذا الاكتشاف آثارٌ هائلةٌ على أصل اندماجات الثقوب السوداء في الكون".
دعوة إلى التحقق من الثقب الأسود VFTS 243
ويدعو الفريق مجموعات أخرى للتحقق من نتائجهم، وهذا أمر منصف بعد أن أمضوا سنوات عديدة في رصد الثقوب السوداء. ويأملون أن يؤدي نهجهم، بمجرد تأكيد اكتشاف VFTS 243، إلى اكتشاف المزيد من هذه الكيانات.
قال المؤلف المشارك بابلو مارشانت من الجامعة الكاثوليكية في لوفين: "يصعب تصديق أننا نكاد لا نعرف أي ثقوب سوداء خاملة، نظراً إلى أن الاعتقاد بوجودها شائع بين علماء الفلك".
iflscience