منوعات

دراسة حديثة: فقدان الجدة قد يؤثر في صحة الأطفال والمراهقين العقلية

21 تموز 2022 14:43

أشارت دراسة حديثة إلى احتمال أن يكون لوفاة الجدة عواقب وخيمة ودائمة على الصحة العقلية لأحفادها من الأطفال والمراهقين. وقد تكون هذه النتيجة مفاجئة، لأن موت الجدين جزء طبيعي ومتوقع في دورة الحياة، لكن الآثار عميقة، إذ قد يؤدي فقدان أحد الجدين إلى زيادة إمكانية إصابة أحد والدي الطفل أو المراهق بالاكتئاب وما يزيد إمكانية ظهور أعراض اكتئاب أعلى على الطفل أو المراهق.

الرابط بين الجدين وأحفادهما

وتشير نتائج أبحاث أجريت على مدى عقود إلى أن مشاركة الجدين ودعمهما تعود بالفائدة على أحفادهما. وهذا ينطبق بشكل خاص على الأطفال الذين تربيهم أمهات عازبات، إذ يعمل الجدان من جهة الأم عمل شبكة أمان توفر مزايا مثل استقرار السكن ورعاية الأطفال والدعم المالي والعاطفي، وكلها تفيد صحة أحفادهما ونموهم.

لكن ماذا يحدث عندما يموت أحد الجدين؟ استخدمنا في دراستنا مجموعة بيانات وطنية لِعَيّنة مؤلفة من فرق يضم كل منها فردين، أم ومراهق، حيث أجرى الباحثون مقابلات معهم عدة مرات منذ ولادة الطفل. وحللنا إن كانت وفاة أحد الجدين من جهة الأم أثناء الطفولة المتأخرة أو المراهقة المبكرة قد أثرت على المراهقين، أو ظهرت أعراض الاكتئاب لدى أمهاتهم، باستثناء أعراض الاكتئاب السابقة للوفاة.

أثر وفاة الجدة في المراهقين

وتبين أن البنات اللاتي بلغن سن الرشد أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بعد وفاة الجدة مقارنة بالنساء الأخريات. وعانت البنات الراشدات من هذه الزيادة في الاكتئاب لمدة تصل إلى سبع سنوات بعد الوفاة. كما أن المراهقين الذكور الذين فقدوا جدتهم خلال السنوات السبع السابقة عانوا أيضاً من أعراض اكتئاب أعلى من أقرانهم. لكننا لم نعثر على زيادة ذات دلالة إحصائية في الاكتئاب بعد وفاة الجد.

آثار فقدان أحد الجدين بسبب كوفيد 19

تدهورت الصحة العقلية لدى المراهقين في العقود الأخيرة. ويرجح الخبراء أن جائحة كوفيد 19 سرعت هذا المسار المقلق، مشيرين إلى أن الصعوبات المالية ولانقطاع عن المدرسة والعزلة الاجتماعية أسبابٌ رئيسية لتدهور الصحة العقلية لدى الشباب بشكل أكبر.

وما يثير الفضول هو تجاهل آثار فقدان أحد الأحبة بسبب كوفيد 19 على الصحية العقلية. وعلى الرغم من أن معدلات الوفيات بسبب كوفيد 19 منخفضة لدى الشباب، أثرت هذه الوفيات في ملايين الشباب بشكل عميق، إذ فقد عشرات، بل مئات الآلاف من الشباب في الولايات المتحدة آباءهم بسبب كوفيد 19. وتشير نماذجنا الإحصائية، المأخوذة منذ حزيران (يونيو) 2022، إلى أن نحو 4 ملايين شخص في الولايات المتحدة فقدوا أجدادهم بسبب كوفيد 19 في غضون عامين فقط - ما يمثل زيادة كبيرة في عبء وفاة الجدين قبل الجائحة.

وتشير دراستنا إلى أن هذه الزيادة الهائلة في عدد المراهقين المفجوعين ستزيد من معدلات الاكتئاب في الولايات المتحدة.

معدلات اكتئاب أعلى في عصر كوفيد 19

ويتمثل الاحتمال المقلق في أن وفاة أحد الجدين بسبب كوفيد 19 أصعب على للمراهقين من وفاته قبل الوباء. وتعد وفيات كوفيد 19 أفضل مثال على "الوفيات السيئة" – أي وفاة مؤلمة ومفاجئة في كثير من الأحيان تحدث بمفردها، وتحرم العائلات في أحيان كثيرة من فرصة توديع الفقيد.

وفي بحث حديث آخر، وجدنا أن البالغين الذين فقدوا زوجاتهم بسبب كوفيد 19 يواجهون معدلات أعلى من الاكتئاب والوحدة ممن توفيت زوجاتهم قبل الجائحة مباشرة. ويمكن للأبحاث المستقبلية تقييم إن كان فقدان أحد الجدين بسبب كوفيد 19 له عواقب أكثر خطورة أو بعيدة المدى على المراهقين مما يظهره تحليلنا لبيانات ما قبل الجائحة.

ما زلنا أيضاً ندرس الطبيعة الجنسانية لنتائج دراستنا. لماذا يبدو أن لفقدان الجدة آثار أعمق وأطول أمداً من آثار وفاة الجد؟ ولماذا الأولاد أكثر عرضة لهذه المخاطر بعد فقدان الجدة؟

قد تفسر التنشئة الاجتماعية بين الجنسين أعراض الاكتئاب الأعلى لدى الأولاد بعد وفاة الجدة، إذ قد يشعر الأولاد المراهقون بالضغط أثناء استيعاب مشاعرهم. كما قد تؤثر وفاة الجد في المراهقين بطرق أخرى، مثل أدائهم المدرسي ودرجات امتحاناتهم، والحفاظ على العلاقات الصحية أو السلوكيات الخطرة.

وعلى الرغم من أن هذه الدراسة توفر منفذاً صغيراً إلى محنة فقدان الجدين، تؤكد النتائج التي توصلنا إليها على ضرورة لجوء المراهقين وأولياء أمورهم إلى خدمات الدعم النفسي أثناء اجتيازهم العواقب المتتالية التي قد تحدثها هذه الخسارة – التي باتت تجربة شائعة جداً في عصر كوفيد 19.

صحيفة ذا كونفرزيشن