تفاعل كيميائي غريب تسبب بظهور الحياة على كوكب الأرض

علوم

مجموعة جديدة من التفاعلات الكيميائية توضح كيف ظهرت الحياة على الأرض

28 تموز 2022 20:06

عندما كان عمر كوكب الأرض صغيراً جداً، لم يكن هناك أي أثر للحياة عليه، ثم في مكان ما، وبطريقة ما، حدث تفاعل كيميائي غريب تسبب بظهور اللبنات الجزيئية المكونة لأسلافنا وحيدة الخلية الأولى، وهي: الأحماض الأمينية والأحماض النووية التي اجتمعت معاً بطريقة صحيحة لتواصل التفاعل المتسلسل الذي أدى إلى ظهور الحياة على الأرض.

دور الكيمياء ما قبل الحيوية في ظهور الحياة على الأرض

لكن العلماء ما زالوا غير متأكدين تماماً من تفاصيل هذا الظهور الذي حدث منذ مليارات السنين، ولم يترك أي أثر في السجل الأحفوري. لكن باستخدام ما نعرفه عن كيمياء الأرض المبكرة، وجد العلماء سلسلة جديدة من التفاعلات الكيميائية التي يحتمل أنها أنتجت وحدات البناء البيولوجية على الأرض منذ دهور.

وقال عالم الكيمياء رامانارايانان كريشنامورثي من معهد سكريبس للأبحاث: "توصلنا إلى نموذج جديد لشرح التحول من الكيمياء ما قبل الحيوية إلى الكيمياء الحيوية. ونظن أن نوع التفاعلات التي وصفناها هي ما حدثت على الأرجح في وقت مبكر من عمر الأرض".

واكتشاف الطريقة التي ظهرت فيها للكيمياء الحيوية أمر تجريبي إلى حد كبير، إذ يجمع العلماء ما يعرفونه عن العمليات البيولوجية الحالية، ويحاولون إعادة إنشائها في البيئات المختبرية باستخدام كيمياء الأرض المبكرة، أي قبل 3.7 مليار سنة.

السيانيد ساعد في ظهور الحياة على الأرض

وتشير الدلائل إلى أن السيانيد كان أحد الجزيئات التي كانت الموجودة في تلك الحقبة؛ وهو مادة سامة، لكنها ربما تكون ساعدت على ظهور الحياة على الأرض. واستكشفت فرق حول العالم دور السيانيد في العملية. وفي وقت سابق من هذا العام، أظهر كريشنامورثي وزملاؤه كيف يمكن للسيانيد أن ينتج بسهولة جزيئات عضوية أساسية في درجة حرارة الغرفة وعبر مجموعة واسعة من ظروف الأس الهيدروجيني. وتزداد سرعة هذا التفاعل بإضافة قليل من ثاني أكسيد الكربون.

دفع هذا الباحثين إلى التساؤل عما إذا كان بإمكانهم تكرار نجاحهم في محاولة إنشاء جزيئات عضوية أكثر تعقيداً - كالأحماض الأمينية التي تتكون منها جميع البروتينات في الخلايا الحية.

وسلائف الأحماض الأمينية هي جزيئات تسمى أحماض ألفا كيتو، وتتفاعل مع النيتروجين والإنزيمات لإنتاج الأحماض الأمينية. وربما كانت أحماض ألفا كيتو موجودة على الأرض في وقت مبكر، لكن الإنزيمات لم تكن موجودة، ما دفع العلماء إلى استنتاج أن الأحماض الأمينية لا بد أنها تشكلت من سلائف تسمى الألدهيدات. وهذا يثير مجموعة من التساؤلات الأخرى، مثل الوقت الذي حلت فيه أحماض ألفا كيتو محل الألدهيدات.

ثاني أكسيد الكربون مفتاح ظهور الحياة على الأرض

ورجح كريشنامورثي وزملاؤه وجود مسار يمكّن أحماض ألفا كيتو من تكوين الأحماض الأمينية من دون وجود الإنزيمات. وبدأوا بأحماض ألفا كيتو، بالطبع، وأضافوا السيانيد، حيث أظهرت تجاربهم السابقة أنه محفز فعال للتفاعلات الكيميائية التي تنتج جزيئات عضوية.

وأضاف الفريق الأمونيا بعد ذلك للمساهمة في تكوين النيتروجين المطلوب، علماً أن الأمونيا مركب من النيتروجين والهيدروجين وجد أيضاً في المراحل المبكرة من عمر الأرض. وتطلب الأمر قليلاً من التجربة والخطأ لمعرفة الجزء الأخير، ووجد الباحثون، مثلما وجدوا في عملهم السابق، أن المفتاح هو ثاني أكسيد الكربون.

قال كريشنامورثي: "كنا نتوقع أن يشقّ معرفة ذلك، لكن اتضح أنه أبسط مما كنا نتخيل، فإذا قمت بخلط حمض الكيتو والسيانيد والأمونيا فقط، فسيظل على حاله لفترة طويلة. وبمجرد إضافة ثاني أكسيد الكربون، ولو أثر بسيط منه، تزداد سرعة التفاعل".

وتشير النتائج الإجمالية التي توصل إليها الفريق إلى أن ثاني أكسيد الكربون كان مكوناً حيوياً لظهور الحياة على الأرض - ولكن عندما يقترن بمكونات أخرى فقط. واكتشف الفريق أيضاً أن المنتج الثانوي لتفاعلاتهم هو جزيء مشابه لمركب ينتج في الخلايا الحية يسمى الأوروتات [orotate]، وهو أحد اللبنات الأساسية للأحماض النووية، بينها حمض الدنا DNA وحمض الرنا RNA.

وتماثل هذه النتائج الفريق التفاعلات التي تحدث في الخلايا الحية اليوم، ما يعني أن النتيجة ستلغي الحاجة إلى تفسير سبب استغناء الخلايا عن الألدهيدات والانتقال إلى أحماض ألفا كيتو. لذلك يرى الفريق أن اكتشافهم يمثل سيناريو لظهور جزيئات الكيمياء ما قبل الحيوية ويرجح على فرضية الألدهيد.

والخطوة التالية هي إجراء مزيد من التجارب على هذا الخليط الكيميائي لمعرفة جزيئات الكيمياء ما قبل الحيوية الأخرى التي قد تظهر. في المقابل، سيساعد هذا في إثبات معقولية وعدم معقولية السيناريوهات المختلفة التي تصف البدايات المتواضعة لجميع أشكال الحياة على الأرض.

Nature Chemistry