سر انجذاب البعوض لبعض الناس دوناً عن غيرهم

منوعات

عوامل انجذاب البعوض لبعض الناس وتجاهلهم لآخرين

12 أيلول 2022 11:45

يندر أن تحضر حفلة في الهواء الطلق في الطقس الدافئ دون سماع الناس يشتكون من البعوض، قتراهم يجلسون وسط دخان نار المخيم ويغطون أنفسهم بالبطانيات ويستسلمون في النهاية ويدخلون إلى منازلهم. وترى في الطرف الآخر أناس كثيرين لا ينزعجون من البعوض مطلقاً. إذن لماذا ينجذب البعوض لبعض الناس بينما يتجاهل بعضهم الآخر؟

تحتاج معظم أنواع البعوض إلى البروتين الموجود في الدم لكي تضع مجموعة من البيوض، لذا فإن أنثى البعوض هي التي تتغذى على الدم، أما الذكور فيتغذون على رحيق النبات، الذي يحولونه إلى طاقة للطيران.

ويعد التغذي على الدم جزءاً مهماً للغاية من الدورة التناسلية للبعوض، لهذا السبب، تعرضت إناث البعوض إلى ضغط تطوري هائل لتُحدّد المصادر المحتملة للدم، والحصول بسرعة وكفاءة على وجبة دم كاملة، ثم تفارق الضحية المنحوسة خلسة. وإذا انطبقت عليك المواصفات التي سنذكرها تالياً، فهذا يعني أنك مغناطيس يجذب البعوض.


استشعار الرائحة وثاني أكسيد الكربون

اعتماداً على وقت نشاط البعوض خلال النهار، يستخدم البعوض إشارات بصرية وصوتية وشمية لتحديد مصدر الدم المحتمل، فيما تعتمد معظم الأنواع النشطة ليلاً على إشارات الشم. وأهم دليل كيميائي هو ثاني أكسيد الكربون الذي تطلقه جميع الفقاريات مع كل نفس ومن خلال جلدها.

والبعوض حساس للغاية لثاني أكسيد الكربون ويمكنه استشعار مصدر ثاني أكسيد الكربون على بعد عدة أمتار. وتربط الخلايا المستقبلة الموجودة على قرون استشعار البعوض وأرجلها جزيئات ثاني أكسيد الكربون وترسل إشارة كهربائية إلى الدماغ. وكلما زاد تركيز جزيئات ثاني أمسيد الكربون التي تصطدم بمستقبلاتها، يعني هذا أنها اقتربت من المضيف.

لكن هناك العديد من مصادر ثاني أكسيد الكربون غير الحية مثل السيارات والقوارب والطائرات والقطارات. لذا لفصل الكائنات الحية عن المصادر غير الحية لثاني أكسيد الكربون، يعتمد البعوض على الإشارات الشمية الثانوية التي تنتجها الحيوانات الحية. إذ تولد عمليات التمثيل الغذائي مثل التنفس والحركة إشارات الرائحة هذه، بما في ذلك حمض اللاكتيك والأمونيا والأحماض الدهنية التي تعمل بمثابة أدلة شمية إضافية تساعد إناث البعوض على الاقتراب من وجبة الدم التالية.

لذا، فإنتاج ثاني أكسيد الكربون هو العلامة الأولى على من يجذب البعوض إليه. ونظراً لأن إنتاج ثاني أكسيد الكربون والجاذبات الثانوية يرتبط بمعدل التمثيل الغذائي، فكلما ارتفع معدل التمثيل الغذائي، زاد إنتاج الجاذبات. ويمكن تحديد معدل الأيض وراثياً، ولكنه يزيد أيضاً نتيجة النشاط البدني.

وقد يكون للمرء الجاذب للبعوض الذي يمكنك اكتشافه في الحفلات الصيفية معدل أيض مرتفع وراثياً أو قد يكون أكثر نشاطاً بدنياً من الحاضرين الآخرين. وربما يؤدي أيضاً بأنشطة أخرى تزيد من معدل الأيض، مثل استهلاك الكحول. وزيادة معدل الأيض هو السبب في أن العدائين يجتذبون مزيداً من البعوض أثناء تمارين التمطيط. كما أن النساء الحوامل يجتذبن عدداً كبيراً غير متناسب من البعوض، ربما بسبب زيادة معدل الأيض لديهن.


وروائح الجسم الطبيعية هي أيضاً إشارات مهمة يستخدمها البعوض لاختيار مضيف. على سبيل المثال، تنجذب بعض أنواع بعوض الأجميّة إلى مكونات معينة لرائحة القدم، وهذا البعوض ينقل الملاريا البشرية ويتغذى في الأماكن المغلقة في منتصف الليل. ويتجنب هذا البعوض رأس الشخص النائم، حيث يتم إنتاج معظم ثاني أكسيد الكربون، فيتغذى من قدميه ليقلل من فرصة إيقاظه.

الإشارات البصرية

يستخدم البعوض الذي ينشط أثناء النهار وعند الفجر والغسق أيضاً إشارات بصرية للتعرف على المضيف. ويطير بالقرب من الأرضية عادة، فيتسنى لهم رؤية مضيفهم المحتمل. وفي هذا الوقت تبرز الألوان الداكنة وتندمج الألوان الفاتحة، لذا فإن اللباس الذي يرتديه الشخص سيحدد عدد البعوض الذي يجذبه. وبناء عليه، ارتداء الألوان الفاتحة سيساعدك أيضاً على تجنب رصد البعوض لك.

وبإمكان البعوض أن يكتشف الحركة بصرياً، عن طريق تباين الصورة الظلية. هذا هو السبب في أن الأشخاص الذين يسيرون بالقرب من مستنقعات ملحية في منتصف اليوم يغمرهم البعوض الذي يكتشف وجودهم بصرياً.

عوامل نفسية

لوحظ أيضاً عنصر نفسي لنشاط البعوض، إذ لا يلاحظ بعض الناس ببساطة البعوض من حولهم. فطيران بعوضة واحدة حول بعض الناس ستثير استجابة قوية - ربما تكون قد رأيت شخصاً يتحرك بجنون محاولاً تعقب الصوت الناجم عن بعوضة ليقضي عليها.

أما الأفراد الآخرون لا ينزعجون ولا يلاحظون البعوض الذي ينجذب إليهم، حتى عندما تتغذى الحشرات على دمائهم. ويتخصص بعض البعوض في التغذي على أجزاء من الجسم يصعب رؤيتها ويصعب ضربها. على سبيل المثال، البعوضة المصرية أو الزاعجة المصرية (Aedes aegypti) هي نوع من البعوض الذي يفضل أن يتغذى حول الكاحلين.

وسواء كنت مغناطيساً يجذب البعوض أم لا، تبقى الحكة من لدغتها أمراً مزعجاً جداً.

صحيفة ذا كونفرزيشن