علاج الكوابيس قد يقي من الإصابة بالخرف في المستقبل

علوم

الكوابيس المتكررة قد تكون مؤشراً على الإصابة بالخرف في المستقبل

21 أيلول 2022 18:53

نقضي ثلث حياتنا نياماً، ونقضي ربع وقت نومنا نحلم. وبناء عليه يقضي الشخص العادي، بمتوسط عمر متوقع يبلغ نحو 73 عاماً، ما يربو عن ست سنوات في عالم الأحلام.

لكننا لا نعرف عن سبب وجود الأحلام إلا ما قلّ، بالرغم من الدور المركزي الذي تؤديه الأحلام في حياتنا. وهذا ينطبق على معرفة كيف يشكل الدماغ الأحلام، والأهم من ذلك، ما أهمية أحلامنا لصحتنا - وخاصة صحة أدمغتنا.

وأظهرت دراسة حديثة أجراها د. أبيديمي أوتايكو [Abidemi Otaiku]، العامل في قسم طب الأعصاب بجامعة برمنغهام، نُشرت في مجلة "The Lancet's eClinicalMedicine"، أن أحلامنا قد تكشف عن قدر مذهل من المعلومات حول صحة أدمغتنا. وأظهرت بالتحديد أن وجود أحلام سيئة وكوابيس متكررة (أحلام سيئة تجعلك تستيقظ) في منتصف العمر أو في عمر أكبر، قد يكون مرتبطاً بزيادة خطر الإصابة بالخرف.

حلل أوتايكو في هذه الدراسة بيانات من ثلاث دراسات أمريكية كبيرة حول الصحة والشيخوخة، شملت أكثر من 600 شخص تتراوح أعمارهم بين 35 و64، و2600 شخص تتراوح أعمارهم بين 79 وما فوق.

لم يكن جميع المشاركين يعانون من الخرف في بداية الدراسة، وجرت متابعتهم لمدة تسع سنوات في المتوسط لمجموعة منتصف العمر وخمس سنوات للمشاركين الأكبر سناً.

في بداية الدراسة (2002-12)، أكمل المشاركون مجموعة من الاستبيانات، بما في ذلك استبيان يسأل عن عدد المرات التي حلموا فيها بأحلام سيئة وكوابيس.

وحلل أوتايكو البيانات لمعرفة إذا كان المشاركون الذين تكررت لديهم الكوابيس بدرجة أعلى في بداية الدراسة أكثر عرضة للاستمرار في التدهور المعرفي (انخفاض سريع في قدرتي الذاكرة والتفكير بمرور الوقت) وإذا شخصت إصابتهم بالخرف.

كوابيس بوتيرة أسبوعية

وجد أوتايكو أن المشاركين في مجموعة منتصف العمر الذين عانوا من الكوابيس كل أسبوع، كانوا أكثر عرضة بأربعة أضعاف للشعور بالتدهور المعرفي (نذير على الخرف) خلال العقد التالي، في حين أن المشاركين الأكبر سناً كانوا أكثر عرضة للإصابة بالخرف بمقدار الضعف.

ومن المثير للاهتمام أن العلاقة بين الكوابيس والخرف في المستقبل كانت أقوى بكثير لدى الرجال منها لدى النساء. على سبيل المثال، كان الرجال المسنون الذين يعانون من الكوابيس بوتيرة أسبوعية أكثر عرضة للإصابة بالخرف بخمس مرات مقارنة بالرجال المسنين الذين لم يبلغوا عن أحلام سيئة. لكن كانت نسبة الزيادة في المخاطر لدى النساء هي 41٪ فقط. ووجد أوتايكو نمطاً مشابهاً جداً في مجموعة منتصف العمر.

وتشير هذه النتائج إجمالاً إلى أن الكوابيس المتكررة قد تكون إحدى أولى علامات الخرف، والتي قد تسبق تطور مشاكل الذاكرة والتفكير بعدة سنوات أو حتى عقود - خاصة عند الرجال. لكنها تدل في المقابل على أن الأحلام السيئة والكوابيس المتكررة قد تكون سبباً للخرف.

علاج الكوابيس والوقاية من الخرف

ونظراً لطبيعة هذه الدراسة، ليس من الممكن التأكد من صحة أي من هاتين النظريتين (علماً أن الأولى ترجح على الثانية). لكن بغض النظر عن النظرية التي ثبتت صحتها، يظل الأثر الرئيسي للدراسة على حاله، أي أن وجود أحلام سيئة وكوابيس منتظمة خلال منتصف ومتقدم العمر قد يكون مرتبطاً بزيادة خطر الإصابة بالخرف في وقت لاحق من الحياة.

الخبر السار هو إمكانية علاج الكوابيس المتكررة، وقد ثبت بالفعل أن العلاج الطبي القياسي للكوابيس يقلل من تراكم البروتينات غير الطبيعية المرتبطة بمرض الزهايمر. وأظهرت أيضاً بعض التقارير تحسناً في قدرات الذاكرة والتفكير بعد علاج الكوابيس.

وتشير هذه النتائج إلى أن علاج الكوابيس قد يساعد في إبطاء التدهور المعرفي والوقاية من الخرف لدى بعض الأشخاص. وستخضع هذه الطريقة المهمة للاستكشاف في الأبحاث مستقبلاً.

ستشمل الخطوات التالية للبحث الحالي التحقق من ارتباط الكوابيس لدى الشباب بزيادة خطر الإصابة بالخرف. وقد يساعد هذا في تحديد إذا كانت الكوابيس تسبب الخرف، أو إذا كانت مجرد علامة مبكرة لدى بعض الأشخاص. كما يخطط أوتايكو أيضاً للتحقق مما إذا كانت خصائص الحلم الأخرى، مثل عدد المرات التي نتذكر فيها أحلامنا ومدى وضوحها، قد تساعد أيضاً في تحديد مدى احتمالية إصابة الناس بالخرف في المستقبل.

قد يساعد هذا البحث في تسليط الضوء على العلاقة بين الخرف والحلم، كما أنه قد يوفر فرصاً جديدة للتشخيصات المبكرة - وربما التدخلات المبكرة - ولكنه قد يلقي أيضاً ضوء جديداً على طبيعة ووظيفة الظاهرة الغامضة التي نسميها الحلم.

The Lancet's eClinicalMedicine