الخلايات المناعية تفرز في حالات الالتهاب الشديد مادة سامة تقتل الجراثيم وتضر الخلايات السليمة ايضاً

علوم

اكتشاف استراتيجية غريبة لدى الخلايا المناعية لمكافحة الالتهابات الشديدة

22 أيلول 2022 12:06

كشف فريق بقيادة علماء من معهد سكريبس للأبحاث عن تفاصيل مهمة في آلية عمل الخلايا المناعية أثناء الالتهابات الشديدة في الجسم. وقد تؤدي النتائج إلى اتباع طرق جديدة في الوقاية أو علاج الحالات المرتبطة بالالتهابات الشديدة مثل تعفن الدم والتهاب المفاصل ومرض الشريان التاجي.

وأظهر الباحثون في الدراسة، التي نُشرت أمس الأربعاء في مجلة "نيتشر كميونيكيشن" [Nature Communications]، أن جزيئاً متعدد البروتينات يسمى WASH يؤدي دوراً محورياً في كبح الحركة الالتهابية الشديدة للعَدِلات (وهي كريات دم بيضاء تعد أول الخلايا المناعية التي تستجيب للعدوى).

عملية الطرح الخلوي

قال كبير مؤلفي الدراسة سيرجيو كاتز، وهو أستاذ في قسم الطب الجزيئي في معهد سكريبس للأبحاث: "تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى إمكانية تطوير علاجات مستقبلية تستهدف هذا المسار الذي تنظمه خلايا WASH لتثبيط الالتهاب الناتج عن العدلات مع الحفاظ على فعالية معظم العدلات المبيدة للجراثيم".

وتعد العدلات "العمّال الكادحين" في الجهاز المناعي لدى الثدييات، وتشكل نحو ثلثي خلايا الدم البيضاء التي تنتشر في مجرى الدم. ووظيفتها مكافحة الجراثيم الغازِيَة عن طريق ابتلاعها وهضمها، ومن خلال إطلاق مجموعة متنوعة من الجزيئات القاتلة للجراثيم عبر عملية تسمى الطرح الخلوي.

والعديد من الجزيئات القاتلة للجراثيم التي تطلقها العدلات عن طريق الطرح الخلوي قويةٌ بما يكفي لإلحاق الضرر بالخلايا السليمة. وظهرت أدلة على أن الإفراط في إطلاق هذه الجزيئات أو التحرير المزمن لها، هي المسبب، ولو جزئياً، لحالات طبية خطيرة وأنواع من إصابات الأنسجة، من حالة عدوى الدم البكتيرية المعروفة باسم تعفن الدم إلى التهاب المفاصل وأمراض الأمعاء الالتهابية، وليس انتهاء ببعض أنواع السرطان وحتى تصلب الشرايين الذي يؤدي إلى النوبات القلبية والسكتات الدماغية. لكن لا يزال على العلماء التعمق في البحث حول آلية عمل الطرح الخلوي.

الحبيبات الأزورية السامة

وسلط كاتز وفريقه الضوء في الدراسة الجديدة على الدور المهم الذي تؤديه جزيئات WASH في عملية الطرح الخلوي التي تجريها العدلات. فعندما تصادف العدلات علاماتِ عدوى أو التهاب، تستجيب مبدئياً بتحرير مركّبات، عبر عملية الطرح الخلوي، معتدلة القوة داخل "حبيبات جيلاتينة" - وهي عبارة عن حويصلات سميت باسم أحد الإنزيمات الموجودة بداخلها. أما النوع الثاني من الطرح الخلوي، الذي يحدث بشكل ثانوي ويحدث فقط بسبب العدوى الشديدة أو الالتهاب الشديد، فيتضمن تحرير "حبيبات أزورية"، والتي سيمت بهذا الاسم لارتباطها بصبغة زرقاء شائعة.

وفعالية الشحنات الأزورية أكبر بكثير، واحتمال إضرارها للخلايا السليمة أكبر. وبين الفريق أن جزيئات WASH تسهل عادةً الاستجابة الأولية لحبيبات الجيلاتين، والتي تتضمن إطلاق مركبات تساعد العدلات على الالتصاق بالأسطح مثل جدران الأوعية الدموية والتحرك عليها. في الوقت نفسه، تعمل جزيئات WASH عادةً على تقييد تحرير شحنات الحبيبات الأزورية السامة.

وفي التجارب، أطلقت العدلات الخالية من جزيئات WASH كميات مفرطة من الحبيبات الأزورية. والفئران التي تكثر عندها هذه العدلات لديها في الدم مستويات من الجزيئات الأزورية السامة تماثل المستويات لتي توجد عادة في حالات الالتهاب الشديد. وكان معدل وفيات هذه الفئران عند تعرضها لتجربة شبيهة بالإنتان أكثر من ثلاثة أضعاف مثيلتها عند الفئران الطبيعية.

قال كاتز: "يبدو أن جزيئات WASH هي مفتاح جزيئي مهم يتحكم في استجابات العدلات للعدوى والالتهابات من خلال تنظيم تحرير هذين النوعين من الشحنات القاتلة للجراثيم. وعندما يختل جزيء WASH وظيفياً، من المحتمل أن تكون النتيجة التهاباً شديداً ومزمناً".

وأضاف: "استخدمنا في هذه الدراسة أحدث مناهج علم الأحياء الخلوي، فكشفنا كيف تتحكم العدلات في استجابتها في الوقت المناسب من خلال الطرح الخلوي المتسلسل، وحددنا نظاماً جزيئياً يعمل عمل بوّاب لهذه العملية".

ويواصل كاتز وزملاؤه دراسة جزيئات WASH والجزيئات الأخرى المشاركة في عملية الطرح الخلوي لدى العدلات، بهدف إيجاد جزيئات دوائية مرشحة يمكنها أن تثبط تحرير الحبيبات الأزورية المفرط - لعلاج الحالات الالتهابية - دون إضعاف وظائف العدلات باعتبارها أول المستجيبات المناعية.

Nature Communications