ثلاث طرق لتجنب التعاطف الزائد وإيجاد التوازن المناسب

التعاطف الزائد عن الحد قد يضر بصحتك لكنك تستطيع إيجاد التوازن المناسب التعاطف الزائد عن الحد قد يضر بصحتك لكنك تستطيع إيجاد التوازن المناسب
يلقى التعاطف اليوم كثيراً من التركيز. وعلى أنه صفة حسنة في أحيان كثيرة، قد يظهر المرء أكثر مما ينبغي من التعاطف، وقد يؤدي ذلك إلى أفعال وقرارات خاطئة. ويكمن الحل في إيجاد التوازن المناسب، بمعنى إظهار كثير من التعاطف في الأوقات المناسبة والتركيز على أفضل النتائج، من دون الإضرار بك أو بالآخرين أو بالمجتمع.

إيضاح مفهوم التعاطف

يجب أن تفهم مفهوم التعاطف بوضوح، إذ يحمل فوائد هائلة للأفراد والشركات. والتعاطف الحقيقي هو الإحساس بما يشعر به الآخرون. ويعني الشعور بالضيق لمّا يمر زميل في العمل أو صديق بوقت عصيب أو مشاركة شعور التردد مع زميل أو صديق يتخذ قراراً مهنياً حاسماً. لكن التعاطف ليس كالاهتمام أو الشفقة أو العطف. فمن الممكن أن تهتم بشخص ما وتشفق عليه أو تعطف عليه دون أن تشعر بالضيق الذي يشعر به. والاهتمام والشفقة والعطف بطبيعة الحال أساسية لصحة الأفراد والعلاقات والمجتمعات.

خير زائد عن حدّه

لكن إبداء قدر كبير من التعاطف قد يكون أكثر من اللازم، وهذا يعود إلى عدة أسباب، نذكر منها:

سوف ترهق نفسك:

أحد أهم أسباب التي توجب عليك التحكم بالتعاطف هو التأكد من عدم الإصابة بالإرهاق. قد يكون من الصعب المبالغة في العطف أو الشفقة، ولكن عندما تتعاطف بعمق مع الآخرين، قد يضع هذا ضغطاً هائلاً عليك، فإضافة الألم أو القلق أو الصدمة التي يتعرض لها الآخرون إلى التوتر الذي تمر به قد يفضي إلى عواقب غير محمودة، وقد يعرض صحتك للخطر، ويقلل أيضاً من قدرتك على العطاء.

جِد التوازن: تأمل ما يمر به الناس (هذا يسمى تبني وجهة النظر)، وانتبه للتحديات التي يواجهونها، لكن حاول ألا تأخذ آلامهم على عاتقك. بادر إلى مساعدتهم، وتواصل معهم، ولكن دون تحمل ضغوطهم أو اضطراباتهم. ستحمي هذه الأساليب صحتك، فيبقى لديك طاقة لتتعاطف مع نفسك ومع الآخرين.

سوف تتخذ قرارات سيئة

وجدت سلسلة من الدراسات المثيرة للاهتمام أن التعاطف الزائد قد يقف عثرةً أمام اتخاذ القرارات التي تبنى على بيانات كافية، إذ يجعلك تركز كثيراً في اتجاه واحد وتتجاهل معلومات إضافية مهمة. على سبيل المثال، يميل المتطوعون الذين سمعوا عن شخص محتاج إلى مساعدة هذا الشخص على حساب الآخرين الذين كانوا بحاجة للمساعدة أيضاً.

بالإضافة إلى ذلك، عندما تشعر بالارتباط بالآخرين، قد تجعلك مادة الأوكسيتوسين الكيميائية التي يفرزها الدماغ مخلصاً لهم بشكل خاص. يعد هذا أمراً جيداً بشكل عام، ولكنه قد يجعلك أيضاً تشك بمن تظن أنهم مختلفون أو معزولون عن دائرتك الداخلية وتستبعدهم، وهذا يهيئ الظروف للتحيز أو الظلم.

جِدْ التوازن: ادرس المواقف التي تهمك، ونمِّ اتصالاتك مع الآخرين. وابحث أيضاً عن الكثير من المعلومات حول البيئة والظروف خارج نطاق شخص واحد أو مجموعة صغيرة من الناس، حتى تتمكن من اتخاذ قرارات مفيدة للمجتمع بأسره وتكون مبينة على منظور واسع ومعرفة كبيرة. وواصل الاهتمام بأحبتك والمقربين إليك، ولكن تواصل أيضاً مع من يختلفون عنك وتعرف على أشخاص خارج دائرتك الداخلية حتى سمحاً بدرجة أكبر وأكثر انفتاحاً تجاه من قد يكون غير مألوف في نظرك.

سيكون تأثيرك أقل

من الآثار الجانبية الأخرى للتعاطف الزائد إهمال جميع الأمور المهمة الأخرى أيضاً. إذ نعلم أن القادة العظماء متعاطفون، لكنهم أيضاً يحفزون فينا الرؤية والهدف، ويحاسبون الناس، ويوفرون فرصاً للنمو. والزملاء العظماء متعاطفون، لكنهم يقدمون أيضاً أفكاراً جديدة، ويتحدون الوضع الراهن وتساهم مهاراتهم الفريدة في نمو المشروع.

جد التوازن: كن متعاطفاً، ولكن تأكد أيضاً من عدم المبالغة في التركيز إلى حد استبعاد الطرق المهمة الأخرى لتحقيق أفضل ما لديك. وحدد كيف يمكنك أن تكون أكثر نجاحاً في أداء دورك. ورتب السمات الخمسة الأولى التي تريد التركيز عليها بحسب الأولوية - بما في ذلك التعاطف - ثم تأكد من تركيزك على السمات الأكثر أهمية في نظرك.

الإشادة بالعطف

في حين يحمل التعاطف آثاراً ضارة، إلى جانب ضرورة عدم المبالغة فيه، فإن إبداء العطف والشفقة والاهتمام الآخرين أمر حسن للغاية. وعندما توجّه طاقتك نحو مصلحة الآخرين وخيرهم، فإنك تفعل أشياء مفيدة للمجتمع. ولكن هذا يجعلك أيضاً أكثر سعادة وارتباطاً ويزيد تقديرك لذاتك، هذا لأن البشر لديهم غريزة تجاه المكانة والمشاركة في المجتمع.

وعندما تتطوع في بنك طعام مع فريقك، يعود هذا بفائدة كبيرة على للمجتمع، كما أنك تبني أيضاً علاقات طيبة مع الآخرين. وعندما تعرض مساعدة على زميل يعاني في مشروع ما، فأنت بذلك تشاركه نجاحه، ولكنك تصقل أيضاً مهاراتك. والمجتمعات الأكثر قابلية للاستدامة هي تلك التي يجري فيها تلبية الاحتياجات الفردية وتلبية احتياجات المجموعة أيضاً - وحيث يوجد شعور بالرضا والانسجام لكليهما.

خلاصة القول

واصل إبداء التعاطف، ولكن تحكم به حتى لا تتعرض للإرهاق أو تتخذ قرارات سيئة أو تفقد التركيز. وواصل إبداء العطف وساهم في المجموعة، مع العلم أن هذه الأمور مفيدة جداً لك وللمجتمع ككل.

ترجمة: علاء حامد العطار (بتصرف)

فوربس