سياسي لبناني يحدد الطريقة الوحيدة للحل في لبنان ويكشف تبعات حادثة الكحالة

تقارير وحوارات

خلدون الشريف: الحل في لبنان يأتي عبر التوازن الإيجابي وليس المواجهة

12 آب 2023 11:21

أكد السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف بأن الحل في لبنان يأتي عبر التوازن الإيجابي الذي يتم باتفاق اللبنانيين، وبأن المواجهات لا تعطي أية نتائج.


حيث أوضح الشريف خلال حوار عبر مساحة الناشط نعيم في منصة إكس (تويتر سابقا) بعنوان "أمن لبنان بيد من"، بأن السياسة لم تعد كما كنا نراها سابقا، ففي القرن الماضي كان هناك أيديولوجيات وعقائد، أما السياسة اليوم فهي قائمة على المصالح، أما في لبنان فلا وجود للسياسة بل هناك قوة أساسية قادرة على إمساك زمام الأمور بالبلد وبنفس الوقت ليست في الواجهة، وتعوَّد السياسيون في لبنان على الدوران في فلك قوى مختلفة إما إقليمية وإما دولية، وبغياب القوى الإقليمية والدولية اليوم والحضور الإيراني الكبير فقد أصبح لبنان يدور في الفلك الإيراني.

وعن دور المحاور الأخرى في لبنان بظل إدارة المحور الذي تقوده إيران، أوضح الشريف بأن القوى السياسية المتنوعة في لبنان تختلف على العناوين السياسية وتتفق على العناوين الاقتصادية المسيئة للناس، فعلى الصعيد المحلي لم يقر مجلس النواب القديم أو الحالي رغم الأزمة الاقتصادية القاتلة قانون الكابيتال كونترول أو أي قانون يحمي الودائع وصغار المودعين، فالقوى السياسة في لبنان تتنازع على العناوين السياسية الكبرى، وعندما تصل إلى المصالح تلتقي وتتكاتف وتتحاور، أما على المستوى الإقليمي فلا وجود لقوى إقليمية تهتم بشكل حقيقي بلبنان، بل أن هذه القوى تصرح بعدم إمكانية عودتها إلى لبنان قبل حصول الإصلاح أو طالما هو بيد المحور الآخر، أو أنها لن تعود طالما بقي سلاح حزب الله، وهذا الكلام كبير وغير قابل للتطبيق، فالعرب ودول الخليج بشكل أساسي تخلت عن دعم أي فريق أو مشروع سياسي في لبنان وهذا سيء للبلد وللقوى الإقليمية أيضا.

ولفت إلى أنه في ظل صراع المحاور بدا في السنوات الأخيرة أن السعودية تريد أخذ حصتها من صراع النفوذ الإقليمي، وما يعني أن هناك محاولة عربية للدخول إلى الملعب الإقليمي التي كانت تختزله القوى الإقليمية الثلاث تركيا وإيران وإسرائيل، ومن الصعب جدا بالنسبة للبنان أن يرغب البعض بمواجهات لأنها لن تأتي بحل، فالحل في لبنان يأتي عبر التوازن وليس المواجهة.

وشدد خلدون الشريف على ضرورة اتفاق اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية، وتسمية رئيس للحكومة يشرع بالإصلاحات، والاتفاق على تنفيذ الدستور اللبناني عبر حماية ما تم تقريره في الطائف، مشيرا إلى أن ضرورة التوازن الإيجابي وأن لا حل إلا من خلال الوصول إلى رئيس مقبول من الثنائي الشيعي ومن الآخرين وليس مرشحا لهما، وأن يأتي رئيس حكومة مقبولا من أغلب الأطراف في لبنان لكي يستطيع الدخول في عملية الإصلاح وأن يكون له صلاحيات ويشكل حكومة إصلاحية، فالمواجهات لا تعطي أية نتائج، والتوازن هو الحل الوحيد وبغيره لا قيامة للبنان.

حكومة ميقاتي لم تكن على قدر الطموح

وخلال المساحة تم طرح العديد من الأسئلة المقدمة من موقع النهضة نيوز، تمحورت حول الشأن اللبناني داخليا وخارجيا وأبرز الأحداث المستجدة، وصولا إلى الشبهات حول ضخامة السفارة الأمريكية في لبنان فكانت إجابات الدكتور خلدون الشريف كالتالي:

سؤال: كيف تقيم أداء الرئيس نجيب ميقاتي الذي تولى مسؤولية رئاسة الحكومة في ظل ظروف صعبة ومعقدة وفي زمن الفراغ الرئاسي؟

اعتبر بأن هذا الأداء لم يكن على قدر الطموح لأن الحكومة مربطة الأيدي من ناحية وأدائهم غير مقنع من ناحية أخرى، فالبلد بوضع سيء إجمالا، وهذه الحكومة لتقطيع الوقت لا أقل ولا أكثر.

حادثة الكحالة أكدت عدم تعاطف البيئة المسيحية مع حزب الله

سؤال: هل طويت صفحة أحداث الكحالة، أم أن تبعات ما جرى من ظهور سلاح سماه بيان حزب الله بالميليشيا استهدف شاحنة للمقاومة، سيكون له تأثيراته الأمنية والاجتماعية، وسيعمق الشرخ بين المسيحيين وحزب الله ويؤثر على السلم الأهلي مستقبلا.

حادثة الكحالة مؤسفة جدا، وتؤكد بصراحة أن البيئة المسيحية لم تعد متعاطفة مع حزب الله، لكنني استبعد تدحرج الأمور إلى الحرب لأن التدحرج بحاجة إلى قوى مسلحة وقوى تستطيع الحصول على الذخائر، إلا أنه من الممكن حصول حوادث مشابهة في أماكن مختلفة لكنها تزيد من التوتر في الشارع وتزيد من الصدام دون الوصول إلى الحرب.

سؤال: هل كان تفاهم مار مخايل بين حزب الله والتيار الوطني الحر صمام أمان لمثل ما جرى في الكحالة، وهل كان للتباعد بين الحزب والتيار أثر فيما حصل مع استغلال قوى معروفة بعدائها للمقاومة بالتحريض والتجييش بلهجة عالية النبرة، وما دور مفاوضات الحزب والتيار الحالية على موقع الرئاسة في تقريب الشارعين.

تفاهم مار مخايل أمَّن بدون شك لحزب الله غطاء مسيحيا يعتد به، لكن هذا الغطاء بدأ يتآكل منذ العام 2019، لكن هذا التفاهم مات حاليا، وأي تفاهم جديد بين التيار الوطني الحر وحزب الله لن ينعكس حكما على انتخاب الرئيس، وسيكون محاولة لتقليل الخسائر للطرفين بالسياسة وبدورهم في المرحلة المقبلة وبعلاقة المسيحيين بالمقاومة.

سؤال: هناك العديد من الأحداث المتسارعة شهدها لبنان خلال الفترة الوجيزة الماضية، تجعله أمام سيناريوهات أمنية وعسكرية محتملة خارجية وداخلية، فمن التحرك الإسرائيلي في الغجر الذي قابله رد من حزب الله بإقامة خيمة في مزارع شبعا، وما حصل بعدها من اشتباكات غير بريئة من حيث التوقيت في مخيم عين الحلوة، وصولا إلى أحداث الكحالة، فهل أن تزامن هذه الأحداث مجرد صدفة أم أنه عمل مدروس ومخطط قيد التنفيذ يمهد لانفجار وشيك آت؟

أعتبر بأن ما جرى بين إسرائيل وحزب الله ليس خارج الرسائل المتبادلة، أما ما حصل في عين الحلوة فهو مختلف تماما وله علاقة بالشق الفلسطيني الفلسطيني، فمن الواضح أن هناك قوى فلسطينية تريد أن تعطل بناء ما يسمى الأمن الوطني الفلسطيني الذي هو مجموعة تابعة للواء ماجد فرج تحت سلطة الرئيس أبو مازن المباشرة ليكون قوة فتح الضاربة في المخيمات، وبأن هناك من أحس بالخطر من هذه القوة واغتال قائدها اللواء أبو أشرف العرموشي، وتبين أن وراء الاغتيال مجموعات إسلامية ومن الضروري التدقيق في ارتباطات هذه المجموعة وممن تتلقى أوامرها ومن يمدها بالمال والسلاح، أما حادثة الكحالة فهي مستقلة ولها طابع مسيحي لرفع الصوت أمام حزب الله بأن الناس ليسوا سعيدين به.

سؤال: ما رؤيتك لشروط جبران باسيل في اللامركزية الإدارية والصندوق الائتماني، وهل ستحظى بقبول حزب الله لإيصال سليمان فرنجية على الرئاسة، وهل هناك بارقة أمل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية في المستقبل المنظور في ظل التحركات الفرنسية؟

ما طرحة جبران باسيل ليس قابلا للتطبيق ولو كان قابلا للقبول، لأن جبران يطلب إقرار هذان الشرطان في مجلس النواب مقدما، وبتقديري إقرارهما شبه مستحيل في هذا المجلس النيابي، وبالتالي فإن الوزير باسيل وحزب الله بالسياسة يقومان بشراء الوقت ويتفاوضان بانتظار فتح كوة أشار لها الرئيس نبيه بري، وفي اعتقادي ستكون كوة على الصعيد السعودي الإيراني.

السفارة الأمريكية في لبنان لا تنافس الوجود الروسي في سورية

سؤال: الولايات المتحدة تكاد تنهي بناء أضخم سفارة لها في الشرق الأوسط في لبنان تحديدا، لحد وصف البعض هذه السفارة بالمدينة لتكلفتها الكبيرة وهندستها ومساحتها والتكنولوجيا المتطورة فيها بحسب ما ذكرته الخارجية الأمريكية، فهل هناك نص قانوني يسمح للدول ببناء مثل هذه السفارات الهائلة الضخامة في البلدان الأخرى وما موقف البلد المضيف كلبنان في هذه الحالة وهل كان يستطيع الرفض، ومن خلال تجربتك وتاريخك هل أعطى لبنان موافقته على هذا الأمر؟

لا يمكن بناء سفارة في بلد إلا عبر رخصة، فهم بالتأكيد لديهم رخصة من الدولة اللبنانية، وهذه السفارة ليست أكبر سفارة في الشرق الأوسط، وإن قرار زيادة حجم السفارات الأمريكية بشكل كبير في العالم هو قرار اتخذته الخارجية الأمريكية وهو ليس بجديد، ويسري بطريقة بيروقراطية فيطبقونه في بغداد ثم كابول ثم غيرهما وصولا إلى لبنان، وأنا لا أقلل من أهمية الأمر، لكني ضد التهويل فكل سفارات الولايات المتحدة قلاع محصنة خاصة في العالم الثالث وهم يقومون بذلك في كل مكان.

سؤال: ما رؤيتك لهدف واشنطن من مثل هذه السفارة في بلد صغير كلبنان، والتي تعد أكبر بالضعف تقريبا من سفارتها في بغداد التي احتلتها عسكريا، وهل تمثل قاعدة أمنية وعسكرية تنافس الوجود الروسي في سوريا وتؤثر على المقاومة في لبنان.

أبدى الدكتور خلدون استغرابه من طرح إمكانية أن تنافس هذه السفارة الوجود الروسي في سورية معللا ذلك بأن روسيا لديها قواعد عسكرية ومرافئ في سورية والسفارة الأمريكية في بيروت لا تنافس هذا الوجود، مشيرا إلى أن لدى الولايات المتحدة في العالم العربي قواعد عسكرية وبحرية وجوية ولديهم قاعدة أنجرليك في تركيا، مذكرا بأن أكبر دولة تمتلك قواعد عسكرية في العالم هي الولايات المتحدة، مبديا عدم معرفته بماهية المستوى الذي يشكله لبنان، لكنه لا يعطي هذا الأمر أكثر من أبعاده وبأن بناء هذه السفارة يتم وفق الترتيب المعتمد في الخارجية الأمريكية، وفي الوقت ذاته جزم بتأثير السفارة الأمريكية في لبنان، وبأن هناك دولتان يؤثران في لبنان هما إيران والولايات المتحدة حتى اللحظة وسط التخلي العربي.

حزب الله شريك كامل في الأمن في لبنان ولا مصلحة في مواجهته

وتخللت مساحة نعيم العديد من الأسئلة التي طرحها عدد من المشاركين ومنها سؤال يتعلق بعنوان المساحة أمن لبنان بيد من، تمحور حول عدم رضا بعض اللبنانيين على موقف الجيش اللبناني في حادثة الكحالة والكلام الكبير الذي خرج عن فقدان الثقة بهذا الجيش الغير قادر وفق نظرهم على حماية المواطنين، مما يستدعي الذهاب إلى الحماية الذاتية إن كان على صعيد الأحزاب أو الصعيد الفردي.

فرأى الدكتور خلدون بأن حزب الله شريك في الأمن في لبنان بالكامل، لكنه لا يريد الحكم لعدم رغبته في تحمل مسؤوليته، والنقطة الأساسية المستجدة هي أن حزب الله لا يستطيع إلغاء الآخر والآخر لا يستطيع إلغائه، وهذا هو التوازن، ومن المؤكد أنني لا أدعو إلى مواجهة حزب الله لعدم وجود مصلحة في ذلك، فنحن الآن بحاجة إلى تحشيد إقليمي لإعادة التوازن إلى لبنان ولكن بالتفاهم مع القوى الأخرى وليس بالصدام معها.

وأشار أحد المشاركين إلى أن اتفاق الطائف أثبت عدم فعاليته على الأرض، فإذا أردنا انتخاب رئيس للجمهورية أو تشكيل حكومة فلا ندري عدد الشهور التي تتطلب منا ذلك، وبناء عليه كان قرار القوات اللبنانية بالذهاب للتغيير عبر اللامركزية الإدارية الموسعة ويمكن أن تكون مالية وقضائية وسياسية موجها سؤاله للدكتور خلدون إن كان مع هذا الطرح؟

فأوضح الدكتور بأن ما يعلمه بأن قرار القوات اللبنانية هو أن تكون مع الطائف الذي ينص على اللامركزية ولهذا فلا يرى هناك مشروع مختلف للقوات عن الطائف وهو مع هذا الطرح.