أكدت دراسات حديثة نشرت في مجلة "Nutrients" الدور الحيوي الذي يلعبه النظام الغذائي في الوقاية من السرطان ، حيث قام الباحثون في مراجعة شاملة بتحديث الأدلة العلمية المتعلقة بعلاقة النظام الغذائي بخطر الإصابة بالسرطان، وذلك بهدف تحسين إرشادات الجمعية الأمريكية للسرطان (ACS).
الأنماط الغذائية وخطر الإصابة بالسرطان
أظهرت النتائج أن الأنماط الغذائية مثل النظام الغذائي المتوسطي والنظام النباتي أو القائم على الأسماك يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالسرطان، وعلى الجانب الآخر، قد تزيد بعض العوامل مثل الصيام المفرط وتناول كميات كبيرة من الحديد من هذا الخطر.
تشير الأبحاث إلى أن الأكل المقيّد بالوقت، وخاصة الصيام الليلي الطويل وتناول وجبة الفطور مبكرا، قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان البروستاتا، وعلى الرغم من أن هذا النمط الغذائي قد يلعب دورا في الوقاية من السرطان، إلا أن الحاجة إلى المزيد من الدراسات لا تزال قائمة لفهم فوائده بشكل كامل.
النظام الغذائي المتوسطي وخطر الإصابة بالسرطان
ارتبط النظام الغذائي المتوسطي، الذي يركز على الفواكه والخضروات والأسماك وزيت الزيتون، في بعض الدراسات بانخفاض خطر الإصابة بسرطان الرئة والثدي، ومع ذلك، فإن تأثير هذا النظام على مركبات معينة مرتبطة بالسرطان مثل "أوكسيد ثلاثي ميثيل الأمين" (TMAO) لا يزال غير واضح، مما يتطلب مزيدا من الأبحاث لتوضيح الآليات التي يؤثر بها هذا النظام على خطر الإصابة بالسرطان.
النظام النباتي وخطر الإصابة بالسرطان
وجدت الأبحاث أن الأشخاص الذين يتبعون النظام النباتي أو يعتمدون على الأسماك لديهم خطر أقل للإصابة بالسرطان بشكل عام، وخاصة سرطان القولون، مقارنةً بأولئك الذين يتناولون اللحوم، وهذا يشير إلى أن الأنظمة الغذائية النباتية أو التي تعتمد على الأسماك قد توفر فوائد وقائية ضد السرطان.
الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات وخطر الإصابة بالسرطان
من ناحية أخرى، ارتبطت الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات بزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والرئة، بينما انخفض خطر الإصابة بسرطان المعدة، مما يشير إلى أن تأثير تناول الكربوهيدرات على خطر الإصابة بالسرطان قد يختلف حسب نوع السرطان.
الأغذية والمغذيات المحددة وخطر الإصابة بالسرطان
لم تُظهر الدراسات واسعة النطاق أي علاقة واضحة بين تناول منتجات الألبان وخطر الإصابة بسرطان الثدي، مما يشير إلى أن منتجات الألبان قد لا تلعب دورا كبيرا في الوقاية من السرطان أو التسبب فيه، على الأقل فيما يتعلق بسرطان الثدي.
كما لم تُظهر الدراسات أي ارتباط كبير بين استهلاك القهوة أو الشاي وخطر الإصابة بسرطان البروستاتا، ويبقى السؤال مفتوحًا حول تأثير هذه المشروبات على أنواع أخرى من السرطان، لكن الأدلة الحالية تشير إلى تأثير محايد.
وفيما يتعلق بتناول اللحوم، أظهرت دراسة بريطانية كبيرة أن تناول كميات كبيرة من اللحوم الحمراء والمصنعة مرتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة، مما يبرز المخاطر المحتملة لتناول كميات كبيرة من هذه الأطعمة.
كما أظهرت الدراسة نفسها أن الأنظمة الغذائية الغنية بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة ترتبط بانخفاض خطر الإصابة بسرطان الرئة.
أشارت دراسة أخرى إلى أن الفيتوإستروجينات، وهي مركبات طبيعية توجد في النباتات، قد تقلل من خطر الإصابة بسرطان الرئة، وتدعم هذه النتائج التوصيات الصحية العامة بتناول نظام غذائي غني بالأطعمة النباتية للوقاية من السرطان.
المغذيات الدقيقة والمعادن الثقيلة وخطر الإصابة بالسرطان
أبرزت الدراسة نتائج متباينة فيما يتعلق بتناول الحديد وخطر الإصابة بسرطان الرئة. ففي حين ارتبط الحديد الهيمي (من المصادر الحيوانية) بزيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة، أظهر الحديد غير الهيمي (من المصادر النباتية) علاقة عكسية، على الرغم من تعديل هذه العلاقة عند مراعاة تاريخ التدخين، ويبدو أن دور الحديد في خطر الإصابة بالسرطان معقد ويستحق مزيدا من التحقيق.
كما ارتبط التعرض للمعادن الثقيلة مثل النحاس والرصاص والزنك بزيادة خطر الإصابة بالسرطان، وبالإضافة إلى ذلك، وجد الباحثون أن الحفاظ على مستويات كافية من بعض المغذيات الدقيقة، مثل الزنك والسيلينيوم والفيتامينات C وD، يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالسرطان وربما يحسن فرص البقاء على قيد الحياة لدى مرضى السرطان.
تشير هذه النتائج إلى أهمية تناول متوازن لهذه المغذيات في الوقاية من السرطان وإدارته.
مجلة Nutrients