أصبح التضخم أحد أبرز المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها معظم دول العالم، ومع بروز انخفاض قيمة العملات النقدية كأحد أسباب التضخم، كان التساؤل عن دور العملات الرقمية في معالجة هذه المشكلة خاصة مع ارتفاع قيمتها السوقية وبالتالي ازدياد قيمتها الشرائية، على عكس العملات النقدية التي تنخفض قيمتها مع الزمن.
التضخم والعملات الرقمية
وقد تحدث المحلل الاقتصادي عبد الرحمن النبهان إلى موقع النهضة نيوز، عن دور عملة البيتكوين الرقمية بشكل خاص في معالجة التضخم، باعتبارها أول وأقدم عملة رقمية في العالم، والأكبر حاليا من حيث القيمة السوقية، مبينا دورها المميز في حل مشكلة التضخم والتحديات التي تواجهها في هذا الأمر.
وأوضح النبهان بأن البيتكوين يعتبر من الأصول الرقمية الرائدة في العالم، وله دور متزايد الأهمية في معالجة التضخم بشكل مباشر وغير مباشر، مشيرا إلى أن التضخم يحدث عندما تفقد العملة الورقية قيمتها بمرور الوقت نتيجة لزيادة المعروض النقدي أو ضعف الاقتصاد.
ميزات البيتكوين كخيار في معالجة التضخم
واعتبر المحلل الاقتصادي بأن البيتكوين يقدم بديلاً للنظام التقليدي، مستدلا بذلك بميزاته الفريدة التي استعرضها كالتالي:
1_ العرض المحدود (Limited Supply)
حيث تحدث عن عدد البيتكوين المحدود، بأن هناك سقف أعلى لإجمالي عدد البيتكوين المتاح للتعدين، وهو 21 مليون عملة فقط، وهذا العرض الثابت يجعل البيتكوين غير عرضة للتضخم الناتج عن طباعة العملة الورقية بشكل مفرط.
وإضافة إلى ذلك فإن ميزة البيتكوين بعكس العملات الورقية، التي يمكن للحكومات والبنوك المركزية طباعتها، يظل البيتكوين أصلًا نادرا، مما يحافظ على قيمته بمرور الوقت.
2_ التحوط ضد التضخم (Hedge Against Inflation)
فبحسب النبهان فإن البيتكوين يعتبر خيارا شائعا للأفراد والمستثمرين للتحوط ضد التضخم، خاصة في البلدان التي تشهد انخفاضا سريعا في قيمة عملاتها المحلية.
وضرب على ذلك مثالا كدول مثل فنزويلا وتركيا، حيث لجأ العديد من الأشخاص فيها إلى البيتكوين كوسيلة لحفظ القيمة مقارنة بعملاتهم الورقية التي تعاني من التضخم المفرط.
3_ بديل للنظام المالي التقليدي
وهنا تحدث النبهان عن لامركزية البيتكوين، مبينا أنه لا يعتمد على أي بنك مركزي أو سلطة مالية، مما يعني أنه لا يمكن لأي جهة التحكم فيه أو التلاعب بقيمته، وهذا يجعله بديلا أكثر استقرارا في ظل الأنظمة المالية التقليدية التي تتأثر بالسياسات النقدية.
4_ تعزيز الشفافية والثقة
وذلك لأن التكنولوجيا وراء البيتكوين (البلوكشين)، حيث توفر سجلا عاما لجميع المعاملات، مما يحد من الفساد ويعزز الثقة، إضافة إلى ميزته التي يمكن من خلالها للمستثمرين والمستهلكين التفاعل مع نظام شفاف وغير مركزي، بعيدا عن مخاطر التلاعب.
5_ سهولة التخزين والتحويل
وهنا بين النبهان بأن البيتكوين يمكن تخزينه رقميا ونقله بسهولة عبر الحدود دون الحاجة إلى البنوك أو وسطاء، وهذا يجعل البيتكوين خيارا مفضلا في الاقتصادات التي تشهد قيودا على حركة الأموال أو مشاكل اقتصادية.
التحديات أمام استخدام البيتكوين ضد التضخم
كما لفت المحلل عبد الرحمن النبهان إلى التحديات المرتبطة باستخدام البيتكوين ضد التضخم وهي:
1_ تقلب الأسعار: وذلك لأن قيمة البيتكوين متقلبة للغاية، مما يجعل منه مخاطرة كبيرة بالنسبة للبعض.
2_ القبول العالمي: فلم يتم قبول البيتكوين كعملة رسمية في العديد من الدول، مما يحد من استخدامه كوسيلة شائعة للتعاملات اليومية.
3_ القوانين والتنظيمات: حيث تختلف السياسات الحكومية تجاه البيتكوين من دولة لأخرى، مما قد يحد من اعتماده كحل لمشكلة التضخم.
وخلص النبهان إلى أن البيتكوين ليس حلا مباشرا للتضخم، ولكنه يقدم بديلا للنظام النقدي التقليدي من خلال توفير أصل رقمي محدود العرض ولامركزي يمكن أن يكون وسيلة لحماية القيمة في ظل ظروف اقتصادية غير مستقرة، ومع ذلك فإن استخدامه يعتمد على استقرار قيمته وزيادة قبوله على مستوى العالم.
ويذكر أن المحلل الاقتصادي عبد الرحمن النبهان كان قد تحدث عام 2021 لموقع النهضة نيوز، عن مستقبل العملات الرقمية منطلقا من شرح تاريخها ومخاطرها، في حوار تطرق فيه إلى دور العملات الرقمية في معالجة التضخم، والذي شدد فيه أيضا على أن تاريخ العملات الرقمية الذي أورده يؤكد أن المستقبل لهذه العملات دون شك.
وبين حينها بأن فكرة البيتكوين جاءت لحل عدة مشاكل من ضمنها الدفع عن طريق الإنترنت، وحل مشكلة التضخم التي كانت تؤرق الكثير من الاقتصاديين، نظرا لعدم تمكنهم من وقف التضخم بسبب فقد الدولار والعملات الورقية لقيمتها مع تقدم الزمن، لافتا إلى أن البيتكوين جاء لحل هذه المشكلة، لأنه ومنذ لحظة دخوله الساحة الاقتصادية وهو في تزايد من ناحية القيمة الشرائية بشكل واضح وكبير جدا، بعكس العملات النقدية التي انخفضت قيمتها مع الزمن، وهذا أحد الأدوات لحل التضخم.