كيف نجح الإنسان المنتصب في التكيف مع بيئات الصحراء القاسية في إفريقيا منذ ملايين السنين؟

تكيف الإنسان المنتصب مع الظروف البيئية القاسية

نجاح الإنسان المنتصب في الظروف البيئية القاسية

تكشف دراسة رائدة أن الإنسان المنتصب (Homo erectus) لم يكن فقط ينجو في بيئات صحراء شرق إفريقيا القاسية منذ أكثر من مليون عام، بل كان يزدهر، مما يثبت أنه كان رائدا بيئيا بين البشر الأوائل، يوضح هذا البحث أن الإنسان المنتصب قد تفوق على غيره من الأجناس البشرية، متفوقا في التكيف مع الحياة في بيئات قاسية.

تكيف الإنسان المنتصب مع الظروف الجافة

تظهر دراسة جديدة نُشرت في مجلة Nature Communications Earth & Environment أن الإنسان المنتصب، أحد أسلافنا الأوائل، تكيف بنجاح وازدهر في الأراضي الجافة والصحراوية في شرق إفريقيا لفترة أطول بكثير مما كان يُعتقد سابقا.

كان الإنسان المنتصب أول أسلافنا الذين امتلكوا نسبا جسمانية تشبه البشر، وكان أول من هاجر خارج إفريقيا، كان هذا النوع محور التحقيق لفريق البحث الدولي.

من خلال تحليل الأدلة المستخلصة من موقع إنجاي نانيوري في وادي أولدوباي في تنزانيا، اكتشف الباحثون أن الإنسان المنتصب عاش وازدهر في بيئات قاحلة للغاية قبل مليون سنة، أي قبل ظهور جنسنا البشري، Homo sapiens.

النجاح طويل الأمد للإنسان المنتصب

قال الأستاذ مايكل بيتراغليا، مدير المركز الأسترالي للبحث في تطور الإنسان بجامعة جريفيث: "كان الإنسان المنتصب، الذي انقرض الآن، موجودا لأكثر من 1.5 مليون عام، مما يجعله مثالا بارزا على النجاح في البقاء مقارنةً بجنسنا البشري الذي يُقدر عمره بحوالي 300,000 عام حتى الآن."

وأضاف الأستاذ خوليو ميركادر من جامعة كالجاري، والذي قاد فريق البحث: "نجاحهم كان يعود إلى قدرتهم على البقاء لفترة طويلة شهدت العديد من التغيرات البيئية والمناخية."

المرونة البيئية للبشر الأوائل

استخدم فريق البحث تحليلات بيولوجية كيميائية، وتواريخ كرونومترية، ونماذج بيئية، وغيرها من الأدلة الأثرية لإعادة بناء بيئة كانت تهيمن عليها الأراضي الشجرية شبه الصحراوية.

على الرغم من التحديات التي طرحتها هذه الظروف، كان الإنسان المنتصب يتنقل باستمرار عبر المناظر الطبيعية التي خلقها الأنهار والجداول، مما استفاد من مصادر المياه والنقاط البيئية لتقليل المخاطر.

تشير هذه النتائج إلى أن البشر الأوائل كانوا يمتلكون مرونة بيئية كان يُعتقد سابقا أنها سمة مقتصرة على الأنواع اللاحقة.

الثورة في فهم تطور البشر

قال الدكتور أبيل شيكوني من جامعة دودوما في تنزانيا: "لقد كان هناك نقاش طويل حول متى بدأ جنس Homo في اكتساب القدرة على التكيف والازدهار في بيئات قاسية مثل الصحاري والغابات الاستوائية."

ويضيف الأستاذ بيتراغليا: "تقليديًا، كان يُعتقد أن Homo sapiens هو الوحيد القادر على العيش المستدام في مثل هذه النظم البيئية، بينما كان يُنظر إلى الأجناس البشرية الأقدم على أنها مقيدة في مناطق محدودة."

ومع ذلك، فإن الأدلة التي قمنا بتحليلها، سواء كانت بيولوجية كيميائية أو بيئية أو أثرية، تشير إلى أن البشر الأوائل كانوا يمتلكون القدرة على التكيف مع بيئات متنوعة وغير مستقرة، بما في ذلك مناطق السهول الأفريقية الشرقية والمناطق الجبلية الأفريقية منذ نحو مليوني عام.

دور الإنسان المنتصب في تجاوز الحدود البيئية

قال البروفيسور بول دوركين من جامعة مانيتوبا: "تُظهر هذه القدرة التكيفية، المتمثلة في الصمود في المناطق القاحلة، تحديا للافتراضات السابقة بشأن حدود انتشار الأجناس البشرية، وتضع الإنسان المنتصب ككائن بيئي متعدد الاستخدامات وأول جنس بشري يتجاوز الحدود البيئية على نطاق عالمي."

من المحتمل أن هذه القدرة على التكيف قد سهلت توسع الإنسان المنتصب إلى المناطق القاحلة في إفريقيا وآسيا، مما أعاد تعريف دوره كمتخصص في العيش في بعض من أصعب البيئات في العصر البليستوسيني الأوسط.