في جزيرة نائية وسط المحيط الهادئ، تم التعرف مؤخرا على بركان زافاريتسكو كمصدر محتمل لثوران بركاني ضخم أدى إلى حجب أشعة الشمس، التقط القمر الصناعي "لاندسات 8" صورًا تفصيلية في 12 سبتمبر 2024، كشفت عن تضاريسه الوعرة والمثيرة.
العملاق المغمور في أرخبيل الكوريل
يقع بركان زافاريتسكو في أرخبيل الكوريل، وهو سلسلة جزر بركانية تمتد بين شمال اليابان وشبه جزيرة كامتشاتكا الروسية،يتميز هذا البركان بتضاريس فريدة، حيث تتداخل عدة كالديرات (فوهات بركانية ضخمة) تحيط ببحيرة مركزية، رغم أن آخر ثوران له كان في عام 1957، تشير الأدلة إلى أنه كان مسؤولا عن انفجار كارثي وقع عام 1831، والذي أطلق كميات هائلة من الكبريت في الغلاف الجوي، مما تسبب في تبريد نصف الكرة الشمالي وتغيير ألوان السماء.
تاريخ من الثورانات البركانية العنيفة
تُظهر صور الأقمار الصناعية أحدث كالديرا داخل بركان زافاريتسكو، حيث تبرز منحدراتها الوعرة ذات اللون الأحمر القاحل، تشكّلت هذه الكالديرا بفعل انفجارات سابقة، وكان أول ثوران صغير موثق في عام 1910، حيث أدّى إلى تكوين مخاريط رماد وقباب حممية. أما ثوران عام 1957، فقد أطلق مواد بركانية ملأت جزءًا من البحيرة المركزية، مما أدى إلى تكوّن قبة قطرها 350 مترا وارتفاعها 40 مترا.
ثوران القرن التاسع عشر الحدث الذي غيّر المناخ
أظهرت أبحاث حديثة أن الكالديرا الداخلية لزافاريتسكو قد تكون قد تشكلت بسبب أحد أقوى الانفجارات البركانية في القرن التاسع عشر، وفقا لتحليل طبقات الجليد القطبي، فإن هذا الثوران الضخم في عام 1831 أطلق ملايين الأطنان من الكبريت إلى الستراتوسفير، مما أدى إلى انعكاس أشعة الشمس وتبريد نصف الكرة الشمالي بمقدار يصل إلى درجة مئوية واحدة.
لم تكن التأثيرات مقتصرة على درجات الحرارة فقط، حيث أوردت تقارير تاريخية أن الشمس ظهرت بألوان غريبة مثل الأخضر، الأرجواني، والأزرق، يحدث هذا التأثير عندما تتفاعل الجزيئات البركانية مع أشعة الشمس، مما يؤدي إلى تشتت الضوء بطريقة غير معتادة، ولكن رغم هذه الظواهر، ظل المصدر البركاني لهذا الحدث مجهولا لعقود.
حل لغز البركان المجهول
استطاع العلماء أخيرا مطابقة التكوين الكيميائي للمواد البركانية المحفوظة في الجليد مع تلك الناتجة عن ثوران زافاريتسكو الأخير، مما جعله المتهم الرئيسي وراء الانفجار الغامض لعام 1831، كما أكدت تقنيات التأريخ بالكربون المشع وحسابات حجم المواد المقذوفة أن زافاريتسكو هو المصدر الأكثر احتمالا لهذا الحدث المناخي الضخم.
لا تزال هناك ألغاز بركانية أخرى لم تُحل من تلك الفترة، إذ تشير بيانات الجليد إلى وجود انفجارات ضخمة أخرى في أوائل القرن التاسع عشر لم يُعرف مصدرها بعد، يأمل العلماء في كشف المزيد من الأسرار الجيولوجية التي قد تساعد في فهم تأثير البراكين على مناخ الأرض بشكل أكثر دقة.