حقق مهندسو الأحياء في جامعة رايس إنجازا غير مسبوق في علم الأحياء التركيبي، حيث طوروا مجموعة أدوات مبتكرة لبناء دوائر استشعار واستجابة قابلة للتخصيص داخل الخلايا البشرية، يسمح هذا الابتكار للخلايا باكتشاف إشارات الأمراض وإطلاق استجابات علاجية دقيقة، ما قد يحدث تحولا جذريا في علاج الأمراض المعقدة مثل السرطان وأمراض المناعة الذاتية.
كيف تعمل هذه الخلايا الذكية؟
تعتمد التقنية الجديدة على تصميم دوائر خلوية اصطناعية تستخدم آلية الفوسفوريلات، وهي عملية طبيعية تضيف مجموعة فوسفات إلى البروتين لتفعيل استجابات خلوية محددة. هذه الاستجابات تشمل حركة الخلية، إفراز المواد، مقاومة العدوى، وتعبير الجينات.
بحسب الباحث شياويو يانغ، وهو طالب دكتوراه في برنامج البيولوجيا التركيبية والفيزيائية بجامعة رايس، فإن هذا التقدم يقربنا كثيرا من إنشاء خلايا ذكية قادرة على اكتشاف الأمراض وإطلاق العلاجات المناسبة فورا.
تحوّل جذري في تصميم الدوائر الخلوية
تستند هذه التقنية إلى فكرة اعتبار كل خطوة في مسار الإشارات داخل الخلية وحدة مستقلة، مما يسمح بتكوين مسارات جديدة تمامًا تربط المدخلات الخلوية بالمخرجات بطرق لم تكن ممكنة من قبل.
يقول كالب باشور، الأستاذ المساعد في الهندسة الحيوية بجامعة رايس:
"لقد فتحنا مجالا واسعا من إمكانيات تصميم الدوائر الخلوية، حيث أثبتنا أن دورات الفوسفوريلات ليست فقط مترابطة، بل يمكن إعادة ربطها بطرق جديدة ومبتكرة."
تفوق على الأنظمة الطبيعية
رغم تعقيد هذه التقنية، فقد نجحت الفرق البحثية في تصميم دوائر اصطناعية بأداء يماثل أو يتفوق على الأنظمة الطبيعية داخل الخلايا البشرية، وهو ما لم يكن متوقعا.
فوائد النهج المعياري في تصميم الدوائر الخلوية
يتميز هذا الابتكار بعدة فوائد:
استجابة أسرع: تحدث عملية الفوسفوريلات خلال ثوانٍ أو دقائق، مقارنةً بأنظمة التحكم الجيني التقليدية التي تستغرق ساعات.
تحكم دقيق: يمكن برمجة الخلايا لتستجيب بدقة لمؤشرات الأمراض، مثل الالتهابات المزمنة أو اضطرابات المناعة الذاتية.
تقليل الآثار الجانبية: يمكن استخدامه في العلاجات المناعية لتقليل السُميّة المرتبطة بالعلاج والتحكم في نوبات المناعة الذاتية.
آفاق المستقبل في الطب الحيوي
يؤكد الباحثون أن هذا الاكتشاف يمثل خطوة مهمة نحو تصميم علاجات أكثر ذكاءً ودقة، وقد يكون له تطبيقات واسعة في المجالات الطبية، خاصة في علاج السرطان والأمراض المزمنة.
تقول كارولين أجو-فرانكلين، مديرة معهد البيولوجيا التركيبية بجامعة رايس:
"لقد تعلم علماء البيولوجيا التركيبية خلال العشرين عاما الماضية كيفية التحكم في استجابات البكتيريا للبيئة. الآن، بفضل هذا البحث، أصبح بإمكاننا التحكم في استجابة الخلايا البشرية بشكل فوري."
تفتح هذه التقنية آفاقا جديدة في مجال الهندسة الحيوية والطب الموجه، حيث يمكن برمجة الخلايا للعمل كأنظمة استشعار واستجابة ذاتية، مما يمهد الطريق لعصر جديد من العلاجات الذكية القائمة على الخلايا.