التقطت مركبة بيرسيفيرانس التابعة لناسا صورا للشفق القطبي في الضوء المرئي من سطح المريخ وهي المرة الأولى التي يرصد فيها هذه الظاهرة من سطح كوكب آخر غير الأرض، والأولى أيضا التي يشاهد فيها الشفق القطبي المرئي على المريخ.
كيف يتشكل الشفق القطبي على المريخ؟
على الأرض يتشكل الشفق القطبي عندما تتفاعل الجسيمات الشمسية مع المجال المغناطيسي للكوكب، لكن هذه الظاهرة رصدت أيضا على معظم كواكب المجموعة الشمسية، وقد اكتشف الشفق القطبي حول المريخ لأول مرة منذ 20 عاما من الفضاء وعلى عكس الأرض لا يمتلك المريخ مجالا مغناطيسيا عالميا بل توجد مناطق مغناطيسية متفرقة تختلف عبر سطح الكوكب مما يجعل شفقه ناتجا عن ظواهر مختلفة قليلا.
إن أحد أنواع الشفق القطبي على المريخ المسمى شفق الجسيمات الشمسية النشطة (SEP)، ينتج عن اصطدام جسيمات شمسية عالية الطاقة مباشرة بالغلاف الجوي للمريخ، وقد رصد هذا النوع سابقا بواسطة الأشعة فوق البنفسجية من خلال مركبة مافن التابعة لناسا التي تدور حول المريخ، لكن عندما أطلقت الشمس توهجا شمسيا وانبعاثا كتليا إكليليا (CME) باتجاه المريخ العام الماضي وجد فريق الباحثين فرصة لرصد الشفق من سطح الكوكب.
كيف تم رصد الشفق؟
استخدم الفريق نماذج حاسوبية للتنبؤ بموعد ومكان ظهور الشفق في سماء المريخ ولون الضوء المتوقع وشدته، وتوقعوا أن تتفاعل الجسيمات المنبعثة من الانفجار الإكليلي مع ذرات الأكسجين في الغلاف الجوي للمريخ سوف ينتج عنه توهج خافت بلون أخضر دقيق.
حيث قالت إليز كنوتسن الفيزيائية بجامعة أوسلو والمؤلفة الرئيسية للدراسة: عندما رأينا قوة هذا الانفجار الإكليلي قدرنا أنه قد يحدث شفقا ساطعا بما يكفي لاكتشافه بأدواتنا، وبعد أيام من التوهج الشمسي سجلت أداتان على متن بيرسيفيرانس اللون الأخضر المتوقع في سماء المريخ.
كما وصفت هانا شونكر الفيزيائية بجامعة نيوكاسل هذه النتائج بأنها ملاحظة دقيقة مضيفة: وتعتبر اختبار جيد لنماذج الغلاف الجوي للمريخ، ويمكن استخدامها أيضا بشكل غير مباشر لاختبار نماذج الانبعاثات الكتلية الإكليلية.
كيف يقارن الشفق المريخي بالأرضي؟
لسوء حظ المسافرين المستقبليين إلى الفضاء، من غير المرجح أن يكون الشفق المريخي مبهرا مثل النظير الأرضي، حيث قالت د. شونكر: حتى على الأرض عندما نراقب الشفق يبدو مختلفا عن الصور الجميلة التي نراها، فالصور الفوتوغرافية للشفق على الأرض تعرض لعدة دقائق، مما يعطي ألوانا زاهية، أما عند رؤيته بالعين المجردة، فلا يبدو بنفس السطوع أو الوضوح رغم أنه لا يزال مثيرا للإعجاب.
أما على المريخ فالشفق أضعف بسبب غياب المجال المغناطيسي القوي مما يقلل من شدة الضوء الناتج عن تفاعل الجسيمات الشمسية مع الغلاف الجوي. وأضافت: قد يكون هناك تغير ملحوظ في الغلاف الجوي لكنه لن يكون قويا أو واضحا للعين المجردة.
رغم أن العرض الضوئي قد لا يكون الأفضل في المجموعة الشمسية إلا أن هذه الأبحاث ستساعد في فهم طقس الفضاء من زوايا مختلفة، خاصة مع اقتراب الشمس من الحد الأقصى للدورة الشمسية وهي الفترة التي تصل فيها نشاطات الشمس إلى ذروتها في دورتها التي تستغرق 11 عاما، هذا ما يفسر كثرة مشاهدات الشفق القطبي على الأرض خلال العام الماضي حتى في مناطق بعيدة عن القطبين.
واختتمت د. شونكر: نحن نقترب من ذروة النشاط الشمسي الآن لكننا لا نستطيع الجزم ببلوغها إلا بعد تجاوزها.