أعلنت شركة ساب SAAB السويدية في 11 يونيو 2025 عن إجراء ثلاث رحلات تجريبية ضمن مشروع "بيوند"، وهو برنامج يدمج نظام الذكاء الاصطناعي "سنتور" من تطوير الشركة الألمانية هيلسينغ في مقاتلة غريبن إي، حيث تم تنفيذ الرحلات بين 28 مايو و3 يونيو في المجال الجوي المدني السويدي، مما يمثل أول حالة مؤكدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في قيادة طائرة مقاتلة حديثة في سيناريوهات القتال بعيد المدى.
وذكرت ساب SAAB وهيلسينغ أن نظام "سنتور" يهدف إلى مساعدة الطيار البشري وليس استبداله في المهام المعقدة، وجاءت هذه الاختبارات بدعم كامل من إدارة التجهيزات الدفاعية السويدية (FMV)، ضمن برنامج المفاهيم المستقبلية لأنظمة المقاتلات.
مواجهة تاريخية بين الذكاء الاصطناعي والطيار البشري
وشملت الاختبارات مواجهات فعلية حيث تم وضع مقاتلة غريبن إي المتحكم بها بالذكاء الاصطناعي ضد مقاتلة غريبن دي يقودها طيار بشري في ظروف قتال حقيقية، وخلال الرحلات تحكم نظام "سنتور" في الطائرة وأجرى مناورات بعيدة المدى، كما وجه الطيار البشري بشأن توقيت إطلاق النيران.
في الرحلة الثالثة تم اختبار قدرة الذكاء الاصطناعي على التكيف مع بيانات ديناميكية في الوقت الحقيقي، مع تعطيل روابط القيادة والتحكم في بعض السيناريوهات لقياس مرونة النظام، وأكدت ساب SAAB أن "سنتور" عمل بشكل مستقل متتبعا الأهداف عبر أجهزة الاستشعار المدمجة وقام بتعديل مناوراته وفقا لذلك.
تدريب مكثف وخبرة تعادل 50 عاما من الطيران
تم تدريب نظام "سنتور" باستخدام التعلم المعزز، حيث خاض محاكاة مكثفة لمعارك جوية عالية الكثافة، ووفقا لأنطوان بورديس نائب رئيس الذكاء الاصطناعي في هيلسينغ، فإن النسخة المستخدمة في الاختبارات تمتلك خبرة تعادل 50 عاما من الطيران، وذلك بفضل محاكاة آلاف السيناريوهات المتزامنة.
وأشارت الشركة إلى أن النظام خضع لأكثر من 500 ألف ساعة طيران افتراضية، مما مكنه من تطوير تكتيكات قتالية مبتكرة وغير تقليدية، ويأتي هذا التطور في إطار التحضير لأنظمة جوية مستقبلية، سواء كانت مأهولة أو غير مأهولة، مثل برامج FCAS وGCAP الأوروبية.
وتميزت مقاتلة غريبن إي بتصميمها المعياري الذي يسمح بدمج أنظمة الذكاء الاصطناعي دون التأثير على أنظمة الطيران الآمنة، وأكد بيتر نيلسون رئيس البرامج المتقدمة في ساب، أن التكامل بدأ في مارس 2025 وتم إجراء أول رحلة بعد ثمانية أسابيع فقط.
أهمية التجربة وتأثيرها على مستقبل القتال الجوي
ووصف ماركوس فاندت كبير مسؤولي الابتكار في ساب SAAB، تجربة الطيران مع نظام "سنتور" مشيرا إلى أن الذكاء الاصطناعي تصرف بشكل متوقع واستخدم كامل إمكانيات الطائرة دون تجاوز الحدود التشغيلية، كما لاحظ أن النظام استخدم تكتيكات إبداعية مشابهة لتلك التي يستخدمها الطيارون البشريون، مثل التمويه قبل إعادة الاشتباك.
ويعد مشروع "بيوند" جزءا من دراسة القتال الجوي السويدية (KFS)، ومن المتوقع أن تتخذ الحكومة السويدية قرارا بحلول عام 2031 بشأن تطوير مقاتلة جديدة تجمع بين الطائرات المأهولة والمسيرة.
كما تخطط ساب SAAB وهيلسينغ لإجراء المزيد من الاختبارات في 2025، بما في ذلك سيناريوهات قتالية متقدمة لتقييم قابلية التوسع والموثوقية، وأكدت الشركتان أن الهدف ليس استبدال الطيارين، بل تعزيز قدراتهم في بيئات القتال الحديثة، فمع تطور أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تشهد العقيدة القتالية الجوية تحولات جذرية، حيث تصبح التحديثات البرمجية السريعة عاملا حاسما في الحفاظ على التفوق الجوي.