فلتر مستوحى من مخاط الأنف يضاعف القدرة على تنقية الهواء في البيئات المختلفة

ابتكار فلتر هوائي مستوحى من مخاط الأنف ذو قدرة وكفاءة عالية ابتكار فلتر هوائي مستوحى من مخاط الأنف ذو قدرة وكفاءة عالية

ابتكر مهندسون كيميائيون من كوريا الجنوبية  نظام ترشيح هوائي جديد مستوحى من إحدى آليات الدفاع المنسية في جسم الإنسان: طبقة المخاط الموجودة في الأنف.

هذا الابتكار، الذي طوره باحثون في جامعة تشونغ أنغ، يتميز بقدرته على التقاط الجسيمات المحمولة جوا بشكل أكثر فاعلية من المرشحات التقليدية، بالإضافة إلى عمر افتراضي أطول بمقدار الضعف.

مخاط الأنف الحارس الأول للرئتين

يؤدي المخاط الأنفي دورا حيويا كخط الدفاع الأول في الجهاز التنفسي، فهو يغطي الشعيرات الأنفية ويشكّل حاجزا لزجا يحتجز الغبار ومسببات الحساسية والبكتيريا والجزيئات الضارة الأخرى قبل أن تدخل الرئتين.

استلهم الباحثون هذه الآلية الطبيعية لتصميم فلتر جيل جديد يحاكي هذه البنية الحيوية، مما قد يُحدث تحولا نوعيا في جودة الهواء داخل الأماكن المغلقة حول العالم.

عيوب المرشحات التقليدية

تعتمد المرشحات الهوائية التقليدية في المنازل والمكاتب والمساحات العامة على قوى فان دير فالس الضعيفة لحجز الجسيمات مثل الغبار وحبوب اللقاح، ما يؤدي إلى تسرب نسبة كبيرة من الملوثات، ولحل هذه الإشكالية، اتجه الفريق العلمي نحو الطبيعة للحصول على حل أكثر فاعلية.

تقنية الطلاء الزيتي محاكاة المخاط الطبيعي

في الأنف، يحتجز المخاط الملوثات المحمولة جوا باستخدام ما يُعرف بقوة الالتصاق الشعري، وهي التي تساعد على سحب الجسيمات نحو الطبقة اللزجة والاحتفاظ بها، ثم تتولى الأهداب الشعرية دفع هذه الجسيمات إلى الحلق للتخلص منها.

بمحاكاة هذه الآلية، قام الباحثون بتغطية الألياف المرشِّحة بطبقة رقيقة من زيت السيليكون، يتراوح سمكها بين 200 إلى 500 نانومتر، هذا الزيت الحيوي المتوافق مع الجسم شكّل سطحا لزجا يحاكي طبيعة المخاط الأنفي، مما عزز قدرة الفلتر على الاحتفاظ بالجسيمات العالقة.

اختبار ميداني ناجح في سيئول

تم اختبار التصميم الجديد، الذي أُطلق عليه اسم فلتر PRO (فلتر مزوّد بطبقة زيتية لاحتجاز الجزيئات)، في عدة مواقع بالعاصمة الكورية سيئول، منها مبنى إداري، مركز للمعارض، وملعب بيسبول داخلي.

وأظهرت النتائج أن هذا الفلتر تفوّق بوضوح على الفلاتر التقليدية في قدرته على التقاط الجزيئات الهوائية المختلفة.

مقاومة الرياح وسهولة التكيف مع الأنظمة الحالية

واحدة من أبرز ميزات فلتر PRO هي فعاليته في البيئات ذات الرياح القوية، حيث تُفقد المرشحات التقليدية جزءا كبيرا من الجزيئات المحتجزة بسبب الاهتزازات الناتجة عن تدفقات الهواء، لكن الطبقة الزيتية في فلتر PRO تمنع إعادة إطلاق الجزيئات، مما يجعله خيارا مثاليا لمواقع البناء، محطات المترو، والأماكن ذات التهوية القوية.

كما يتميز الفلتر الجديد بإمكانية دمجه في أنظمة التهوية وتنقية الهواء الحالية، دون الحاجة إلى استبدال النظام بأكمله، وهو ما يجعله حلا اقتصاديا وفعالا.

خطوات مستقبلية نحو فلاتر أكثر تطورا

يخطط الفريق العلمي لتطوير مادة صلبة بسطح سائل يمكن استخدامها كطبقة طلاء فائقة الرقة، كما يسعون لإضافة شحنات كهربائية ساكنة إلى الفلاتر بهدف تحسين قدرتها على احتجاز الجزيئات الدقيقة العالقة في الماء.

وفي حال نجاح هذه الابتكارات، فقد نكون أمام حلول أكثر فعالية وتكلفة مقبولة لتنقية الهواء في البيئات الداخلية والخارجية، خصوصا مع تزايد المخاوف العالمية من تدهور جودة الهواء وتأثيرها على الصحة العامة.

يُعد هذا الفلتر المستوحى من مخاط الأنف إنجازا بيئيا وتقنيا يُبرز كيف يمكن للطبيعة أن تلهم حلولا فعالة لمشاكلنا المعاصرة، وإذا ما تم اعتماده على نطاق واسع، فقد يُحدث ثورة في مجال تنقية الهواء ويوفر بيئة أكثر نقاءً وصحة للجميع.