أعلنت قيادة الفضاء الأمريكية في 8 يوليو 2025 عن نجاح تنفيذ تمرين مشترك بالتنسيق مع البحرية الأمريكية تحت اسم "الاستعراض البحري الثالث" (ASD-3)، والذي جرى بين 6 و9 أبريل 2025. فالتمرين شهد مشاركة المدمرة "يو إس إس بينكني" من فئة Arleigh Burke، وهو ما يشكل خطوة فارقة في تعزيز التكامل العملياتي بين القوات البحرية والفضائية.
ولأول مرة جرى تفعيل قناة تواصل مباشرة ومستمرة بين مركز الدفاع الفضائي الوطني (NSDC) وسفينة بحرية أمريكية خلال تمرين ميداني، مما يعكس نقلة نوعية في عمليات القيادة والسيطرة بين المجالات العسكرية المختلفة.
نظام القتال إيجيس درع متعدد الأدوار في ساحة المعركة الفضائية
إن المدمرة "بينكني" المجهزة بنظام القتال المتطور "إيجيس"، أثبتت خلال التمرين قدرتها على أداء مهام الدفاع الجوي والبالستي، إلى جانب الوعي بالمجال الفضائي، وتمكنت من رصد وتعقب الأجسام الفضائية باستخدام رادار AN/SPY-1D(V) وتقنيات دمج البيانات في الزمن الحقيقي، بفضل منظومة الإطلاق العمودي Mk 41 وصواريخ SM-2 وSM-3 وSM-6.
إن هذه القدرات تجعل من السفينة منصة دفاعية متكاملة، قادرة على تأمين العمليات في المياه العميقة والمناطق الساحلية، مع امتداد تأثيرها إلى الفضاء القريب، ويأتي هذا التطور ضمن جهود البحرية الأمريكية لتحويل سفن السطح إلى أدوات ردع متعددة المجالات، تستجيب للتحديات التي لم تعد تقتصر على الأرض والجو فقط.
اختبارات ضاغطة لرصد الثغرات وتعزيز جهوزية الأنظمة
وقد قامت الطواقم البحرية والفضائية خلال ASD-3 بإجراء تمارين محاكاة مكثفة لاختبار صلابة أنظمة الدفاع ضد الصواريخ والوعي الفضائي في ظروف تشغيلية واقعية، وشملت التدريبات اختبار خوارزميات الكشف، واستقرار تدفق البيانات، وسرعة نقل المعلومات والرد على التهديدات المحتملة، ووفقا للملازم تافيس ماكدونالد نائب رئيس العمليات في مركز NSDC، فإن الهدف من التمرين هو الوصول إلى مستوى متقدم من التنسيق عبر المجالات حيث قال: "إن هذا التمرين يبرز أهمية الاتصال السلس بين القوات الفضائية والبحرية، ويعزز جاهزيتنا لمواجهة التهديدات المعقدة".
وتأتي هذه الجهود ضمن مساعي البنتاغون لتحويل العقيدة الدفاعية إلى نموذج متكامل يتجاوز النماذج التقليدية المعتمدة على فصل المهام بحسب البيئة التشغيلية.
استراتيجية أمريكية تدمج الدفاع البحري بالردع الفضائي
ويمثل تمرين ASD-3 محطة رئيسية في مسار الولايات المتحدة نحو تفعيل الدفاع الفضائي من المنصات البحرية، خاصة في ظل تنامي قدرات الخصوم على تشغيل أقمار اصطناعية مزدوجة الاستخدام وتطوير أسلحة مضادة للأقمار.
ومن خلال الدمج بين السفن الحربية ونظم القيادة الفضائية، تسعى واشنطن لبناء منظومة ردع مرنة ومترابطة، قادرة على التعامل مع التهديدات الديناميكية في البيئات غير المتصلة جغرافيا، وينظر إلى نجاح هذه المناورة باعتباره خطوة استراتيجية تمهد لتغيير بنية القيادة والسيطرة في وزارة الدفاع الأمريكية، حيث لم يعد الفصل بين القوات الجوية والبحرية والفضائية خيارا عمليا في ظل تعقد ساحات القتال الحديثة.