في إطار مشاركتها بمعرض LANDEURO 2025 في مدينة فيسبادن الألمانية، كشفت تركيا عن تقدم جديد في مجال الذخائر الذكية، حيث عرضت شركة روكيتسان دمج صاروخها المصغر "ميتي" الموجه بالليزر على طائرة مسيرة محلية.
إن هذا الحدث يعكس التزام أنقرة بتطوير حلول تسليحية مبتكرة تعزز قدراتها القتالية في ميادين الحرب الحديثة، فالصاروخ الجديد الذي لا يتجاوز وزنه 3 كيلوجرامات، يمثل توجها نحو تسليح الدرونات خفيفة الوزن بذخائر عالية الدقة وقليلة التكلفة، مما يمكن القوات من تنفيذ عمليات هجومية دقيقة في بيئات قتالية معقدة، دون الحاجة إلى منصات إطلاق تقليدية أو ذخائر ثقيلة.
ويشير هذا التكامل إلى نقلة استراتيجية في فلسفة استخدام المسيرات التركية في المهام القتالية، خصوصا تلك التي تتطلب مرونة تشغيلية وقدرة على التسلل والعمل في نطاقات محصورة.
ذخيرة ذكية صغيرة الحجم بتأثير استراتيجي كبير
ويعد صاروخ "ميتي" أحدث إضافة إلى سلسلة الذخائر الذكية التي تطورها شركة روكيتسان التركية، حيث تم تصميمه خصيصا ليناسب متطلبات الاشتباك التكتيكي السريع في ساحات القتال الحديثة، بوزن لا يتجاوز 3 كيلوجرامات ومدى يصل إلى كيلومتر واحد، يمكن إطلاق هذا الصاروخ من طائرات مسيرة خفيفة أو أنظمة برية غير مأهولة، مما يتيح للوحدات القتالية الميدانية إمكانية تنفيذ ضربات دقيقة دون التعرض لخطر مباشر.
ويعتمد الصاروخ على نظام توجيه ليزري متقدم يسمح باستهداف دقيق لأهداف ذات قيمة عالية مع تقليل الأضرار الجانبية، ويتميز كذلك بوحدة إطلاق قابلة للتثبيت على عدة منصات، ما يعزز من مرونته التشغيلية في البيئات المعقدة، سواء كانت حضرية أو جبلية أو داخل مناطق ذات كثافة سكانية مرتفعة.
إن هذا التكامل بين الدقة والحجم الصغير يمنح "ميتي" ميزة تكتيكية واضحة، خاصة في العمليات التي تتطلب استخدام ذخائر دقيقة منخفضة التكلفة لتجنب التصعيد الميداني أو تقليل الأضرار الجانبية في النزاعات الحساسة، كما يعزز من قدرة أنظمة الدرون على تنفيذ مهام نوعية في العمق دون الحاجة إلى دعم جوي تقليدي أو تغطية نارية مكثفة، وهو ما يجعل "ميتي" خيارا مثاليا للجيوش التي تسعى إلى تحسين قدراتها في الحرب غير المتكافئة.
مراحل تطور منظومة تسليح المسيرات التركية
ويأتي تطوير صاروخ "ميتي" كاستمرار طبيعي للتقدم الذي أحرزته شركة روكيتسان في مجال الذخائر الذكية، وخاصة بعد النجاحات التي حققتها سلسلة MAM بأنواعها المختلفة (MAM-C، MAM-L، MAM-T)، والتي أثبتت كفاءتها على طائرات Bayraktar التركية خلال عمليات ميدانية في سوريا وناغورني كاراباخ وأوكرانيا. إلا أن "ميتي" يمثل تحولا في المفهوم، إذ يقدم خيارا للضربات الميكروية منخفضة التأثير وعالية الدقة، مما يجعله مثاليا للعمليات السرية أو تلك التي تتطلب أقصى درجات التحكم في الأثر.
وقد خضعت هذه الذخيرة لاختبارات مكثفة شملت إطلاقا حيا وتكاملا على المنصات، وهو ما أكد استعداد روكيتسان للإنتاج الواسع فور تلقي الطلبات، ويظهر "ميتي" قدرة تركيا على تقديم حلول تقنية متكاملة تلبي متطلبات السوق الدفاعية العالمية، حيث تم تطويره بخبرة تراكمية ناتجة عن تجارب ميدانية ومعارك حقيقية، ما يعزز من مصداقيته وكفاءته التشغيلية مقارنة بذخائر مشابهة طورت نظريا أو لم تختبر في ظروف قتالية فعلية.
تحول في العقيدة العسكرية التركية وفرص تصدير واعدة للذخائر الدقيقة
إن دمج "ميتي" في طائرات الدرون الصغيرة مثل "GÖKALP" يبرز توجها تركيا متقدما نحو تسليح الطائرات غير المأهولة بذخائر ذكية ذات أثر استراتيجي كبير رغم حجمها المحدود، إن هذا التوجه يعكس تحولا في العقيدة القتالية التركية التي باتت تركز على الضربات الجراحية باستخدام طائرات مسيرة صغيرة يصعب رصدها، قادرة على تنفيذ مهام معقدة في أجواء متنازع عليها، ودعم وحدات العمليات الخاصة في العمق، كما يتماشى ذلك مع طموح أنقرة لتقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية، وبناء منظومة تسليحية متكاملة محلية الصنع.
ورغم عدم الإعلان رسميا عن عقود تصدير للصاروخ حتى الآن، إلا أن العرض الذي قدم في LANDEURO 2025 يشير إلى استعدادات فعلية للتوسع في الأسواق الخارجية، خاصة مع تزايد الطلب العالمي على ذخائر ذكية منخفضة التكلفة وفعالة في الحروب الحديثة.
وسجل الصادرات الناجح لعائلة MAM يعد مؤشرا قويا على إمكانية تكرار النموذج مع "ميتي"، خاصة لدى الدول التي تعتمد على الدرونات التركية وتبحث عن ذخائر دقيقة تناسب منصاتها العملياتية، ومن شأن هذا التطور أن يعزز من مكانة تركيا كقوة صاعدة في سوق التسليح العالمي.