وصلت القيمة السوقية الإجمالية للعملات الرقمية إلى مستوى غير مسبوق، متجاوزة 4 تريليونات دولار لأول مرة في تاريخها، مدفوعة بارتفاع حاد في أسعار العملات البديلة وزخم تشريعي قادم من واشنطن.
إن هذا الإنجاز يمثل تحولا محوريا في مسار الأصول الرقمية، ويعكس مزيجا من التفاؤل الاستثماري والتطور التنظيمي، فقد سجلت عملة بيتكوين BTC العملة الأبرز، سعرا قياسيا بلغ 123205 دولارا، فيما سجلت عملات مثل إيثريوم ETH وسولانا SOL ويوني سواب UNI مكاسب كبيرة، مما يعزز توقعات دخول سوق العملات الرقمية مرحلة جديدة من النضج المؤسسي والتوسع العالمي.
تشريع العملات المستقرة يعيد تشكيل مستقبل السوق الرقمية
شهد الأسبوع الجاري قفزات ملحوظة في أسعار العملات البديلة، حيث ارتفعت عملة إيثريوم ETH بنسبة 22٪ خلال خمسة أيام، وقفزت عملة يوني سواب UNI بنسبة 20٪ في يوم واحد، بينما واصلت عملة سولانا SOL صعودها بنسبة 5.6٪، ما يعكس تنوع مصادر الزخم داخل السوق، ورغم أن عملة بيتكوين BTC لا تزال تمثل المحرك الأساسي، إلا أن العملات البديلة باتت تلعب دورا مركزيا في رفع القيمة السوقية الإجمالية.
إن هذا النشاط اللافت تزامن مع تمرير الكونغرس الأمريكي أول تشريع فدرالي ينظم العملات المستقرة، ما يمثل تحولا جذريا في العلاقة بين الجهات التنظيمية والسوق الرقمية، فالقانون الجديد المدعوم من الجمهوريين وبدعم من الرئيس دونالد ترامب، يمهد الطريق أمام الشركات الكبرى لإصدار عملات مستقرة خاصة بها ضمن إطار قانوني واضح.
ووفقا لتقديرات سيتي غروب قد تصل القيمة السوقية للعملات المستقرة إلى 3.7 تريليونات دولار بحلول عام 2030، ما يفتح آفاقا واسعة أمام استخدامات مالية جديدة على نطاق مؤسسي وعالمي.
مشاريع القوانين تعزز ثقة المؤسسات وتغذي تدفقات رأس المال
إن الزخم التنظيمي لم يتوقف عند حدود العملات المستقرة، فقد أقر مجلس النواب الأمريكي قانونا جديدا لإعادة هيكلة سوق العملات المشفرة، معززا الاتجاه نحو تقنين أوسع وبيئة أكثر استقرارا للمستثمرين، ورغم أن القانون لا يزال بحاجة إلى موافقة مجلس الشيوخ، إلا أن الخطوة تعكس تقاربا متزايدا بين الحزبين حيال أهمية تنظيم هذا القطاع سريع النمو.
وفي موازاة ذلك تدفقت رؤوس الأموال نحو صناديق المؤشرات المرتبطة بالعملات الرقمية، حيث جمعت صناديق عملة بيتكوين BTC ما يقارب 5.5 مليارات دولار، في حين جذبت صناديق إيثريوم ETH نحو 2.9 مليار دولار خلال يوليو فقط، هذه المؤشرات تؤكد أن الاهتمام المؤسسي بالعملات المشفرة لا يزال في تصاعد، مدفوعا بتحولات تشريعية ومالية كبرى، ويرى محللون أن هذا التوجه يعزز من مصداقية السوق الرقمية ويدفع بها نحو نضج اقتصادي يجعلها أكثر قدرة على المنافسة ضمن النظام المالي العالمي.
مرحلة "العملات 2.0" والانتقال من الفوضى التنظيمية إلى الاعتراف المؤسسي
وإن التكامل بين صعود العملات البديلة وتدفق الاستثمارات المؤسسية والتشريعات الفيدرالية الأخيرة، يشير إلى بداية حقبة جديدة يصفها بعض الخبراء بـ"العملات المشفرة 2.0"، إن هذه المرحلة تتميز بانتقال السوق من حالة الفوضى التنظيمية إلى بيئة قانونية منظمة، تتيح مزيدا من الابتكار والمشاركة من قبل الشركات الكبرى.
وفي الوقت ذاته يبدو أن إدارة الرئيس ترامب تميل نحو تخفيف القيود التي فرضتها إدارة بايدن، ما يمنح القطاع زخما إضافيا، فوفقا لمراقبين فإن هذه التغييرات قد تضع العملات المشفرة على طريق التحول من أصل مضارب إلى أداة مالية معترف بها ومتكاملة في الأسواق العالمية، مع إمكانية توسعها في ميادين التمويل والتحويلات وحلول الدفع الرقمية.