كتبت نائبة منظمة هيومن رايس ووتش إيدا سوير مقالاً دعت فيه لاستخلاص العبر من تجربة الكونغو في مواجهة وباء الإيبولا، وتوظيفها في مكافحة فيروس كورونا قالت فيه:
مع تركيز العالم على مكافحة تفشي وباء فيروس كورونا التاجي الجديد COVID-19 ، لاحظ القليل بعض الدروس التي يمكن استخلاصها من معركة جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد تفشي فيروس الإيبولا، و ذلك بعد أن أثبتت قدرتها على حماية أنفسها و بعد مرور شهر كامل دون إصابات جديدة؛ فمنذ أغسطس من عام 2018 ، أدى تفشي فيروس الإيبولا في شمال شرق الكونغو إلى إصابة أكثر من 3400 شخص و قتل 2264 شخص .
و بينما تكافح الكونغو في الوقت الراهن لمنع تفشي فيروس كورونا الجديد COVID-19 ، فإن تجربتها المضطربة في مكافحة الإيبولا تسلط الضوء على أهمية التواصل الفعال و المشاركة المجتمعية و الرعاية الشاملة ، حتى في البيئات الأكثر تحديا و الأفقر فيما يتعلق بالإمكانيات و المصادر .
وكان تفشى فيروس الإيبولا في المنطقة قد حول إقليم بيني، إلى منطقة صراع نشطة حيث قتلت الجماعات المسلحة أكثر من 1700 مدني منذ عام 2014 ، بالإضافة إلى أن المنطقة تعاني من بنية تحتية صحية ضعيفة للغاية، كما أن الوصول إلى المياه النظيفة شحيح و شبه مستحيل في بعض الأيام . و فوق كل ذلك ، تتسبب الملاريا و الحصبة و الكوليرا و غيرها من الأمراض في وفاة الآلاف في البلاد كل عام .
في هذا السياق ، كان العديد من السكان في حالة من الريبة و الشك عندما رأوا وكالات المساعدة الدولية تكرس موارد هائلة للاستجابة لتفشي فيروس الإيبولا ، في حين إيلاء اهتمام أقل بكثير للمخاوف الصحية الأخرى أو استمرار انعدام الأمن .
و في الوقت نفسه ، تم إعطاء السكان توجيهات جديدة حول دفن الموتى و إعطائهم بعض النصائح لطريقة ممارسة حياتهم اليومية للوقاية من مرض لم يسمع به معظمهم أو يعانون منه .
و أثار استخدام جيش الكونغو لمرافقة فرق الاستجابة الميدانية و مزاعم الفساد الواسع النطاق للموارد المخصصة لجهود الاستجابة المزيد من الشكوك من قبل السكان المتخوفين من الصراعات المستمرة و تفشي الأمراض .
فبعد أشهر من تفشي المرض ، تم تأجيل الانتخابات في المنطقة التي تعتبر معقلا للمعارضة المسلحة، و لم يكن لدى السكان فرصة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في ديسمبر 2018 .
و الجدير بالذكر أن نشر المعلومات الخاطئة ، و التشكك الدائم في وجود المرض ، و التكهنات حول تورط الحكومة أو وكالات الإغاثة في انتشار فيروس الإيبولا ، جعلت المستجيبين هدفا للعنف الشعبي بسبب تزايد عدم الثقة بهم . حيث شنت جماعات المليشيات المحلية و المهاجمون الآخرون 420 هجوما على المرافق الصحية منذ بداية تفشي المرض ، مما أدى إلى 11 حالة وفاة و إصابة 86 شخصا من بين العاملين الصحيين و المرضى، ما دفع العديد من المنظمات الإغاثية و الانسانية و مراكز العلاج و تقديم الرعاية الصحية إلى إيقاف أنشطتها في البلاد .
و لكن لحسن الحظ ، قد ينتهي تفشي فيروس الإيبولا في الكونغو عما قريب ، ربما بسبب استخدام لقاحات و علاجات تجريبية جديدة يبدو أنها أحدثت فرقا بطيئا .
و من المرجح أيضا أن يكون المرض أقل فتكا و ينتهي عما قريب إذا تم تركيز المزيد من الاهتمام في البداية على فهم السبب وراء مقاومة المجتمع للاستجابة و المنظمات الإغاثية و الصحية .
حاليا ، تطرح جائحة فيروس كورونا COVID-19 تحدياتها الخاصة و الفريدة التي يمكن أن تهدد صحة الناس و اقتصادهم و نسيجهم الاجتماعي ليس فقط في قرية أو منطقة واحدة و لكن في بلدان بأكملها .
ومع ذلك ، فلا يزال من الممكن استخلاص بعض الدروس من تجربة محاربة الكونغو لفيروس الإيبولا .
حيث يجب أن يكون إشراك الأفراد و المؤسسات المحترمة و المقبولة محليا و التواصل باللغات المحلية لشرح المرض و الوقاية منه و تنفيذ جهود الاستجابة أمرا أساسيا عند السعي لاحتواء فيروسات معدية و خطيرة مثل الإيبولا أو كورونا ، و إنه لمن الضروري أيضا ضمان حصول الجميع على الرعاية الصحية و المياه النظيفة و الصرف الصحي .
علاوة على ذلك ، يجب أن تستمع السلطات الحكومية لما تقوله المجتمعات المحلية عن احتياجات الرعاية الصحية الأكثر إلحاحا ، و أن تستجيب لمطالباتهم بأسرع وقت ممكن .
و نظرا لأنه من المرجح أن ينتشر فيروس كورونا COVID-19 في الأيام و الأسابيع القادمة إلى مناطق في الكونغو و أماكن أخرى تعاني من ضعف البنية التحتية للرعاية الصحية ، أو الأماكن الواقعة ضمن صراعات الجماعات المسلحة ، أو المناطق المعروفة بعدم الثقة المجتمعية العميقة في المسؤولين الحكوميين و التدخلات الخارجية ، يجب على الحكومات و شركاء المساعدة و الإغاثة الدولية مراعاة هذه الدروس ، فالوقت ليس في صالحهم .
النهضة نيوز - ترجمة خاصة